3) معنى الآية ضمن الترجمات المختلفة
كُتبت هذه الآية مثل أغلب أسفار العهد القديم باللغة العبرية. وتُكتب الآية بلغتها الأصلية:
יוֹצֵ֥ר אוֹר֙ וּבוֹרֵ֣א חֹ֔שֶׁךְ עֹשֶׂ֥ה שָׁל֖וֹם וּב֣וֹרֵא רָ֑ע אֲנִ֥י יְהוָ֖ה עֹשֶׂ֥ה כָל־אֵֽלֶּה׃ ס
وبفحص كلمة בּרָא (خالق)، فهي يمكن أن تُترجم بمعاني عدة. وبالعودة لقاموس Brown, Driver, Briggs Hebrew and English Lexicon نجد معاني مثل: يُشكل، يخلق، يُكَوّن، يُهذب شكل معين عن طريق القطع، يبرد سن قلم للكتابة أو عصاة لتكون سهم.
نفس الأمر في الترجمة السبعينية، نجد الآية كالتالي:
ἐγὼ ὁ κατασκευάσας φῶς καὶ ποιήσας σκότος ὁ ποιῶν εἰρήνην καὶ κτίζων κακά ἐγὼ κύριος ὁ θεὸς ὁ ποιῶν ταῦτα πάντα
وبفحص كلمة κτίζων (خالق) في قاموس Liddle-Scott Greek Lexicon نجد أن الكلمة أيضًا يمكن أن تعني أكثر من معنى مثل يخلق، يُكَوّن، يؤهِل (مكان للسكن).
وهذا كان تعليق القديس أغسطينوس. فأغسطينوس لم يوافق على ترجمة الكلمة بمعنى "خالق"، ولكنه فَضّلَ كلمة "مُشَكّل"، أي أن الله يُشَكّل ما يظنه الإنسان شرًا، ولكن أعمال الله ليست شريرة في طبيعتها. وقد وجدتُ في أكثر من ترجمةٍ، سواء بالعربية أو بالإنجليزية، من يضع كلمة (الضرر) أو (المصائب) بدلًا من (الشر)، وذلك ليوضحوا أن كل الأمور بسماح من الله، ولكن لا يَصحُ أن نؤمن أن الله هو خالق الشر.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
ترجمة نص القديس أغسطينوس في مقاله عن أخلاق المانيين[30]
{ولهذا، فإن الأرواح العاقلة حينما تسقط بعيدًا عن الله، وبالرغم من امتلاكها القدر الأكبر من الإرادة الحرة، فإنه (الله) يضعها في مرتبة أقل في مراتب الخليقة، حيث مكانهم المناسب. ولهذا فإنهم يعانون البؤس بسبب الحكم الإلهي، بينما يكونون في مرتبة مناسبة لقفرهم. ولهذا، نرى امتياز قوله الذي تجادلون[31] به بقوة: "أنا صانع السلام ومُشكِل الشر". أن "يخلق" يمكن أن تعني أن يُشكل ويُرتب، ولهذا فهي مكتوبة في بعض النسخ: "أنا أصنع الأمور الحسنة، وأُشَكّل الأمور الشريرة". أن "يصنع" هو أن يستخدم أشياء لم تكن موجودة من قبل، ولكن أن "يُشكِل" هو أن يرتب ما هو موجود بشكل ما، وهذا لكي يحسنه ويطوره. وهذه الأمور، مثل التي يرتبها الله، يقول عنها "أنا أُشَكِلُ الأمور الشريرة"، بمعنى الأشياء التي تسقط، وبهذا تميل إلى عدم الوجود، وليس الأشياء التي وصلت إلى ما تميل. لأنه هكذا قيل إنه لا شيء مسموح في حضرة الله أن يصل إلى اللاوجود.}
وبهذا الكلام يُشير القديس أغسطينوس إلى الله يرتب مراتب للكائنات الشريرة التي مالت بإرادتها، مثلما سقط الشيطان فنزل من رتبته، ولكن الكائنات الأخرى التي وصلت إلى الغرض الإلهي منها، لم يعيد الله ترتيبها بل تلألأت في مكانتها التي خُلِقَت لها. وذلك لأن الكائنات الخيّرة والصالحة تَثبت في حضرة الله، أما التي تميل إلى الشر، فهي تميل إلى عدم الوجود في حضرة الله، أي الفناء.
_____
[30] Augustine, On the Morals of Manichaeans, NPNF 104, Chapter 7, Pg. 71& 72.
[31] يخاطب أتباع ماني.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-pakhomius-marcos/god-peace-vs-calamity/meaning.html
تقصير الرابط:
tak.la/y94pjkm