الفصل السابع عشر: 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7
كيف أن التجسد لم يحدّ من وجود "الكلمة" في كل مكان ولم ينقص من نقاوته (تشبيه الشمس).
1- فلا يتوهمن أحد أنه أصبح محصورًا(53) في الجسد circumscribed in the body، أو أن كل مكان آخر أصبح خاليًا منه بسبب حلوله في الجسد، أو أن العالم أصبح محرومًا من عنايته وتدبيره طالما كان يحرك الجسد. ولكن ما يدعو إلى الغرابة والدهشة أنه، وهو “الكلمة” الذي لا يحويه مكان، فإنه هو نفسه يحوي كل الأشياء، وبينما كان حاضرًا في كل الخليقة، فقد كان يتميز عن سائر الكون في الجوهر(54)، وحاضرًا في كل الأشياء بقدرته، ضابطًا كل الأشياء، وَمُظْهِرًا عنايته فوق كل شيء، وفي كل شيء، وواهبًا الحياة لكل شيء، ولكل الأشياء، مالئًا الكل، دون أن يُحد، بل كائنًا في أبيه وحده كليًا.
2- وهكذا حتى مع حلوله في جسد بشري واهِبًا إياه الحياة، فقد كان يمنح الحياة للكون في نفس الوقت بلا تناقض، وكان حاضِرًا في كل عملية من عمليات الطبيعة وهو خارج الكل، ومع أنه كان معروفًا من أعماله التي عملها في الجسد، كان في نفس الوقت ظاهرًا أيضًا في أعمال الكون.
3- والآن، إن كانت وظيفة النفس أن تدرك حتى الأشياء الخارجة عن جسدها بقوة الفِكر، فإنها لا تستطيع أن تعمل خارج نطاق جسدها، أو تحرك بنفسها الأشياء البعيدة عن الجسد. أي أنه لن يستطيع إنسان أن يحرك الأشياء البعيدة، أو ينقلها من مكانها، بمجرد التفكير فيها. كما أنه لن يستطيع إنسان، وهو جالِس في بيته أن يحرك الشمس، أو يجعل السماء تدور، بمجرد التفكير في الأجرام السماوية. ولكنه إنما يراها تتحرك وتوجد دون أن يكون له أي تأثير عليها.
4- أما كلمة الله في طبيعة تأنسه، فلم يكن كذلك، إذ لم يكن محصورًا في جسده He was not bound to His body، لكنه كان بالحري يستخدم الجسد wielding it، ولذا فإنه لم يكن حالًا فيه فحسب، بل كان حالًا فعلًا في كل شيء. وبينما كان خارج الكون فقد كان في أبيه وحده مستقرًا.
5- وهذا هو وجه الغرابة أنه بينما كان يتصرف كإنسان، كان كلمة الله يحيي كل الأشياء، وكابن كان قائمًا مع أبيه. ولذلك عندما ولدته العذراء لم يَعْتَرِه أي تغيير، ولا تدنس(55) بحلوله في الجسد، بل بالعكس أنه قدس الجسد أيضًا.
6- وعندما كان في العالم لم يشاركه في طبيعته(56)، بل بالعكس استمدت منه كل الأشياء الحياة والقوت.
7- لأنه إن كانت الشمس التي خلقها هو والتي نراها، وهي تدور في السماء، لا تَتَدَنَّس بمجرد لمسها الأجساد التي على الأرض، ولا تنطفئ بظلماتها، ولكنها بالعكس تنيرها وتظهرها أيضًا، فبالأولى جدًا كلمة الله الكلي القداسة، بارئ الشمس وربها، لم يَتَدَنَّس قَطْ بمجرد ظهوره في الجسد، بل بالعكس، لأنه عديم الفساد، فقد أحيا وَطَهَّر الجسد الذي كان في حد ذاته قابلًا للفناء، لأنه قبل: “الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر(57)“.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(53) أو “مغلقًا عليه” حسب بعض الترجمات.
(54) أي أنه إذا كان موجودًا في الخليقة كان موجودًا متميزًا ولم يكن من الخليقة ويمكن التمييز بينه وبين الكون الذي يملأه.
(55) وفي بعض الترجمات “احتجب مجده”.
(56) “لم يستمد منه شيئًا” حسب بعض الترجمات.
(57) (1 بطرس 2: 22).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/incarnation-of-the-word/no-limit.html
تقصير الرابط:
tak.la/7p4r7gh