الفصل الثاني والأربعون: 1 | 2 | 3 | 4
وصف عمل الكلمة هذا بتوسع.
1- إذًا فإن كلمة الآب القدوس، الكلي القدرة، والكلي الكمال، إذ اتحد بالكون وكشف عن قواته في كل مكان، وأنار الكل، ما يُرى وما لا يُرى، وهو يمسكها كلها ويربطها بنفسه، دون أن يترك شيئًا خاليًا من قوته، بل بالعكس يحيي كل شيء، ويعضد كل شيء في كل مكان، كل شيء على انفراد، وكل الأشياء مجتمعة، ويجمع إلى واحد مبادئ كل الكائنات المحسوسة، أي الحرارة والبرودة والرطوبة والجفاف، ولا يسمح لها بأن ينازع بعضها بعضًا، بل تتفق كلها في تناسق واحد.
2- وبفضله وبفضل قوته لا تتنازع النار مع البرودة، ولا الرطوبة مع الجفاف، بل تمتزج معًا المبادئ المتناقضة كأنها أخوة أو أصدقاء، وتعطي حياة للأشياء التي نراها، وتكون المبادئ التي بها توجد الأجسام، وبإطاعته -أي بإطاعة الله الكلمة- فإن ما على الأرض يحيا وما في السماء ينتظم. وبفضله تتحرك كل البحار والمحيطات العظمى في حدودها المعينة، بينما -كما قدمنا- تعطي الأرض الجافة أعشابًا وتكتسي بكل أنواع النباتات. ولعدم إضاعة الوقت في تعداد التفاصيل مع وضوح الحق نقول انه لا يوجد شيء كائن يشغل حيزًا إلا وخلق به، وقائم به، كما يقول أيضًا اللاهوتي(101) “في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان”.
3- وكما انه إذا ضبط موسيقى قيثارة، وبذكائه جعل النغمات العالية متوافقة مع المنخفضة، والنغمات المتوسطة مع بقية النغمات، وكانت نتيجة هذا إعطاء نغمة واحدة، هكذا أيضًا إذ أمسكت حكمة الله الكون كقيثارة، فجعلت ما في الهواء متوافقًا مع ما على الأرض، وما في السماء متوافقًا مع ما في الهواء، واتحدت الجزء مع الكل، محركًا كل الأشياء بإشارته وإرادته، كانت النتيجة الطيبة الجميلة وحدة الكون ونظامه، أما هو فإنه يلبث -غير متحرك- مع الآب، مع انه يحرك كل الأشياء بتدبيره كما يبدو صالحًا لكل شيء أمام أبيه.
4- لأن ما يدعو للدهشة في لاهوته هو هذا: انه بإجراء واحد لإرادته، وبنفس الإجراء الواحد، يحرك كل الأشياء في آن وحد، لا في فترات معينة، بل كل الأشياء مجتمعة، المستقيم والمنحنى، ما هو فوق وما هو أسفل وما توسطهما، الرطب والبارد والحار، ما يُرى وما لا يُرى، وينظمها بحسب طبائعها المختلفة. لأنه بصفة مستمرة، وبإشارة واحدة منه، يتحرك المستقيم مستقيمًا، والمنحني أيضًا والمتوسط يسير كل في حركته. والحار ينال حرارة، والجاف جفافًا، وكل الأشياء تحيا وتنتظم به حسب طبائعها المختلفة، ونتيجة لهذا فهو يخرج حقًا توافقًا عجيبًا إلهيًّا.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
_____
(101) (يو 1: 1-3).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/the-word.html
تقصير الرابط:
tak.la/fm524a6