الفصل الثامن والعشرون: 1 | 2 | 3 | 4
على أن النظام الكوني لا يمكن أن يكون إلهًا. لأنه يترتب على هذا أن الله مكون من أجزاء غير متشابهة، وتخضعه للانحلال.
1- إذًا فكيف يمكن أن تكون هذه الأشياء آلهة وهي مفتقرة لمساعدة بعضها البعض؟ وكيف يليق أن نسأل منها أي شيء أن كانت هي أيضًا تطلب المساعدة لنفسها بعضها من بعض؟ لأن الحقيقة المسلم بها عن الله انه ليس في حاجة لأي شيء، بل هو معتمد على ذاته مستقل بذاته، ومنه تستمد كل الأشياء كيانها، وهو يخدم الكل قبلما يخدمه الكل، فكيف يجوز أن ندعو الشمس إلهًا والقمر وسائر أجزاء الخليقة، التي ليست من نوع الآلهة، بل هي مفتقرة لمعونة بعضها البعض؟
2- ولكن لعلها إذا جُزئت وأخذت على حدة فإن خصومنا أنفسهم لا بُد أن يعترفوا بأنها تعتمد بعضها على بعض، لأن المظاهر واضحة وعينية. على أنهم قد يتحدون الكل معًا كأنها تكون جسمًا واحدًا ويقولون أن الكل هو الله. لأنه إذا ما اقترن الكل معًا لا يحتاج إلى معونة خارجية، بل تكون المجموعة كافية لذاتها ومستقلة من كل الوجوه. هكذا قد يقول لنا على الأقل أولئك الفلاسفة المزعومون. ولكننا هنا نفند آراءهم مرة أخرى.
3- وهذه الحجة لا تقل عن سابقتها -التي عولجت- في إظهار فسادهم مقرونًا بالجهل المطبق. لأنه إذا كان اقتران الأجزاء يكون الكل، وكان الكل مكونًا من الأجزاء، فان الكل يتضمن الأجزاء، وكل منها جزء من الكل. ولكن هذه بعيدة كل البعد عن فكرة الله. لأن الله هو الكل، وليس مكونًا من مجموعة أجزاء، ولا يحتوي على عناصر متعددة، بل هو نفسه خالق النظام الكوني. انظر أي تجديف ينطقون به ضد اللاهوت عندما يقولون هذا؟ لأنه إذا كان مكونًا من أجزاء فانه يتبع هذا حتمًا انه لا يماثل نفسه، وانه مكون من أجزاء غير متماثلة. لأنه أن كان شمسًا فهو ليس قمرًا، وان كان قمرًا فهو ليس أرضًا، وان كان أرضًا فلا يمكن أن يكون بحرًا. وهكذا إذا أخذ المرء الأجزاء واحدًا فواحدًا تبين له سخافة نظريتهم هذه.
4- على أن النقطة التالية المستقاة من مشاهدة جسمنا البشري كافية لدحضهم. لأنه كما أن العين ليست حاسة السمع، ولا الأخيرة يدًا، ولا البطن صدرًا، والعنق قدمًا، بل لكل عضو وظيفته، والجسم الواحد يتكون من هذه الأجزاء المتميزة، التي اتحدت لتكون نافعة، والمقدر لنا أن تنفصل على مدى الزمن عندما تسمح الطبيعة التي اتحدتها معها بأن تفصلها كإرادة الله الذي أمر بها - هكذا (وليسامحنا العلي لاستخدام هذه الحجة) إذا ما اتحدوا أجزاء الخليقة في جسم واحد ونادوا به إلهًا فانه يتبع هذا أولًا أنه لا يماثل نفسه كما وضحنا سابقًا، وثانيًا انه مقضي عليه أن يتجزأ ثانية وفقًا للميل الطبيعي لانفصال الأجزاء.
← انظر كتب أخرى للمترجم هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-the-heathens/cosmic-order.html
تقصير الرابط:
tak.la/dt7p5b5