لقد علم يسوع تلاميذه بأن لا يكونوا متهورين قائلًا لهم "وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى" (مت10: 23) وأعطاهم مثلًا لتعليمه بحياته الهادئة فقد كان يحرص على أن لا يواجه الأخطار بلا مبرر. أو في الوقت غير المناسب، أو بلا هدف صالح. وهذا أيضًا حرّفه كلسس بخبث عندما قال رجله اليهودي ليسوع: "لقد هربت هنا وهنالك مع تلاميذك".
لعلكم تلاحظون أن الرواية التي رواها أرسطوطاليس تشبه افتراء ذلك اليهودي على يسوع وتلاميذه. فإن أرسطوطاليس عندما رأى أن محكمة العدل توشك أن تنعقد لمحاكمته على تهمة الإلحاد بسبب تعاليم معينة في فلسفته التي اعتبرها الاثينيون إلحادًا، هجر أثينا وأقام مدرسته في كالسيس Chalcis، مدافعًا عن نفسه أمام تلاميذه بالقول "لنهجر أثينا لئلا نعطى الأثينيين فرصة ليأثموا مرة أخرى كما حدث في حالة سقراط، ولئلا يسيئوا مرة أخرى إلى الفلسفة" لقد اعتبر كلسس أن "يسوع مع تلاميذه يتسول بكيفية مزرية وبإلحاح ما يقتاتون به".
فليبين لنا من أين حصل على فكرة التسول المزري اللحوح. ففي الأناجيل نجد "وَبَعْضُ النِّسَاءِ كُنَّ قَدْ شُفِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ وَأَمْرَاضٍ: مَرْيَمُ الَّتِي تُدْعَى الْمَجْدَلِيَّةَ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا سَبْعَةُ شَيَاطِينَ، وَيُوَنَّا امْرَأَةُ خُوزِي وَكِيلِ هِيرُودُسَ، وَسُوسَنَّةُ، وَأُخَرُ كَثِيرَاتٌ كُنَّ يَخْدِمْنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ." (لو8:2-3). أي فيلسوف كرس نفسه لمنفعة تلاميذه لم يتقبل منهم أموالًا لسد أعوازه؟ ألم يكن صوابًا ولائقًا بهم أن يفعلوا هذا؟ لكن لما قبل تلاميذ يسوع هذه الخدمة اتهمهم كلسس بأنهم تسولوا معيشتهم بكيفية مزرية وبإلحاح.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-celsus/wages.html
تقصير الرابط:
tak.la/dt39nqt