بعد هذا استمر يقول:
«واستنتج رعاة المواشي ورعاة الغنم هؤلاء أنه يوجد إله واحد فقط يُدعي الأعلى، أو الرب (أدوناي)، أو السماوي، أو رب الجنود، أو أي اسم آخر من تلك الأسماء التي يسيرون بأن يطلقوها علي هذا العالم، ولم يعرفوا شيئًا أكثر من هذا».
وفي موضع تالٍ من كتابه يقول «إن كان الله، الذي هو فوق الكل يدعي باسم زفس، المتداول بين اليونانيين، أو بالاسم المتداول بين الهنود، أو بالاسم المتداول بين المصريين، فهذا لا يختلف عن ذلك».
وردًا علي ذلك نقول إن هذا يتضمن موضوعًا عميقًا غامضًا، أي عن طبيعة الأسماء. وموضوع التساؤل هو: هل تطلق الأسماء بتدبير تعسفي كما يري أرسطوطاليس، أم بالطبيعة كما يرى الرواقيون، فالكلمات الأولي تقليد للأشياء الموصوفة، وتتفق مع أسمائها وتقدم مبادئ معينة لعلم الصرف أو الاشتقاق، أم إن الأسماء تطلق بالطبيعة، كما يري أبيقور (وهو في هذا يختلف عن الرواقيين)، فالرجال الأولون نطقوا بكلمات معينة تختلف عن الظروف التي وجدوا أنفسهم فيها.
إذن فإن استطعنا -في ضوء الأقوال السابقة- أن نحدد طبيعة الأسماء القوية، التي يستخدم بعضها علماء المصريين، أو المجوس في بلاد الفرس، وفلاسفة الهنود الذين يدعون براهمة، أو أتباع سماني Samanaens، وغيرهم في الممالك المختلفة، وإن استطعنا أن نكتشف بأن ما يدعي سحرًا ليس كما يتوهم أتباع أبيقور وأرسطوطاليس، شيئًا غير محقق كلية، بل هو، كما يبرهن الخبراء فيه، نظام متماسك، له أقوال لا يفهمها إلا القليلون جدًا، فعندئذ نقول إن اسم رب الجنود (صاباؤوت) والرب (أدوناي) والأسماء الأخرى التي يرددها العبرانيون بكل وقار، لا تنطبق علي أي مخلوق عادي، بل تتصل بلاهوت سري يشير إلي خالق كل الأشياء.
بناء على هذا فعندما يُنطق بهذه الأسماء في سلسلة الظروف المتصلة بها التي تلاءم طبيعتها، فإنها تكتسب قوة عظيمة. ثم إن الأسماء الأخرى أيضًا، المتداولة في اللغة المصرية، لها فاعليتها ضد بعض الشياطين التي تقدر أن تتم أعمالا معينة فقط. والأسماء الأخرى في اللغة الفارسية لها قوة مماثلة على أرواح أخرى. وهكذا الحال في كل أمة لأغراض مختلفة.
هكذا يتضح أن كلا من الشياطين المختلفة علي الأرض، التي حددت لها أماكن مختلفة، يحمل أسمًا يتفق مع لهجة الأمكنة والبلاد المختلفة. لذلك فكل من كانت له فكرة نبيلة عن هذه الأمور، مهما كانت صغيرة، يحرص علي إطلاق الأسماء بدقة في مناسباتها الخاصة، لئلا يشبه من يخطئون فيطلقون أسم الله علي المادة عديمة الحياة، أو الذين يجردون خالق الجميع من لقب "الصالح"، أو يجردون الفضيلة والسمو منه، ويطلقونه على الثروة العمياء، أو علي مزيج من اللحم والدم والعظام عندما نكون في صحة جيدة وقوة شديدة، أو علي ما يعتبر شريف المولد.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-celsus/one-god-2.html
تقصير الرابط:
tak.la/xh5mwct