وعندما هاجم كلسس التاريخ الموسوي، خطَّأ الذين يفسرونه تفسيرًا مجازيًا أو استعاريًا. وهنا يجد المرء نفسه مضطرًا أن يقول لهذا الرجل العظيم الذي أطلق على مؤلفه لقب (التعاليم الصادقة):
«لماذا أيها السيد الطيب تفخر بأن يُسجل أن الآلهة يجب أن تشترك في مثل هذه المغامرات التي وصفها شعراؤكم المتعلمون، وفلاسفتكم وأن ترتكب المؤامرات القبيحة، وتشتبك في الحروب ضد آبائها، وتنتزع أعضاءها السرية، وتتجاسر على ارتكاب هذه الأعمال الشنيعة.
أما موسي، الذي لا يطلق مثل هذه الأوصاف على الله ولا حتى على الملائكة القديسين، ولا يروي عن البشر أعمالا أقل شناعة (فإنه لم يرد في كتاباته أن أي واحد تجاسر على ارتكاب جرائم مثل ما فعل كرونوس Kronos ضد أورانوس(9) Uranus، أو مثل ما فعل زفس (8) ضد أبيه، أو مثل ما فعل أبو البشر والآلهة الذي عاشر ابنته معاشرة زوجية) فإنك تعتبره (أي تعتبر موسي) كأنه قد خدع الخاضعين لناموسه، وقادهم إلى ضلال؟»
وهنا يبدو لي أن كلسس تصرف مثل ثراسيماخوس Thrasymachus الفيلسوف الأفلاطوني عندما لم يسمح لسقراط بأن يعطي إجابة بصدد العدل كما أراد بل قال «أحرص علي أن لا تقول إن العدل هو عمل ما هو ملائم أو ما هو ضروري، أو ما ماثل ذلك».
وهكذا عندما هاجم كلسس (كما توهم) مؤلفات موسي التاريخية وخطَّأ الذين فهموها رمزيًا، مع أنه في نفس الوقت مدحهم علي أساس أنهم أكثر معقولية -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- فكأنه بمغالطاته منع (كما قصد أن يفعل) القادرين على إيضاح حقيقة الأمر من تقديم الدفاع الذي يريدون تقديمه.
_____
(9) أورانوس: سيَّار يمثل رب الأرباب عند الوثنيين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-morcos-dawoud/against-celsus/history-moses-1.html
تقصير الرابط:
tak.la/2fa5fah