الفصل الثاني
الكنيسة والرعاية في عصر بولس الرسول
* علي الرغم من أن لقب (رسول) في الكنيسة الأولي أطلق علي تلاميذ المسيح الذين اختارهم، لكنه أطلق تجاوزًا علي آخرين... القديس بولس في (2كو 23:8) يتكلم عن "رسولي الكنائس". كما ذكر ابفرودتس انه رسول الفيلبيين وكان قد حمل إليه تقدمه كنيسة فيلبي (في 25:2)... ولم تعرف اليهودية هذا اللقب بالنسبة للخدام حتى خراب أورشليم سنه 70م وكان رسل المسيح يتمتعون بمكانة كبيرة بين المؤمنين حتى أن القديس بولس يقول لأهل تسالونيكي: "مع إننا قادرون أن نكون في وقار كرسل المسيح" (1تس 6:2). وقد استمد هذه المكانة من وضعهم كرسل المسيح، والأعمال والآيات العظيمة التي خصهم بها الله لتأييد رسالتهم ولإحساس المؤمنين إنهم مدينون لهم بحياتهم: هكذا يكتب بولس إلي فليمون: "حتى لا أقول لك انك مديون لي بنفسك أيضًا" (فل 19:1).
* كانت الفكرة الشائعة أن الأنبياء قد بطل ظهورهم في الديانة اليهودية قبل عصر الرب يسوع ورسله بزمان طويل. لكن العهد الجديد يثبت خطأ هذه الفكرة: فيوحنا المعمدان كان نبيًا (لو 26:7) وكانت حنة أيضًا نبية (لو 36:2). ومن الأنبياء في كنيسة الرسل: أنبياء كنيسة أنطاكية (أع 1:13) والنبي اغابوس (أع28:11؛ 11:21) ويهوذا وسيلا (أع32:15) والعذارى الأربع بنات فيلبس المبشر (أع9:12).
* وهكذا لم تكن النبوة في الكنيسة المسيحية حدثًا جديدًا في ظهورها المبكر واعتبرت ظاهرة تتمشي مع مثيلتها في اليهودية المعاصرة حيث حاز الأنبياء شهرة كبيرة باعتبارهم صوت الله. وحينما كان يعترف بهم كأنبياء حقيقيين، كن يتمتعون بسلطة مطلقة في كرازتهم ووعظهم ونصائحهم.
* كان للمعلمين اليهود مكانة كبيرة جدًا حيث طالبوا لأنفسهم باحترام كامل من تلاميذهم، يفوق احترامهم لوالديهم: فقالوا [ إن احترام المعلم يفوق احترام الأب لان الابن والأب كليهما يحترمان المعلم ].
* الأمر الذي وبخهم عليه السيد المسيح بقوله: "يحبون المتكأ الأول في الولائم والمجالس الأولي في المجامع والتحيات في الأسواق وان يدعوهم الناس سيدي سيدي" (مت 7،6:23).
* تحولت هذه المطالبة كرامة فعلية من جانب الشعب اليهودي حيث قيل عن غمالائيل معلم الناموس أنه "كان مكرمًا عند جميع الشعب" (أع34:5).
* وقد نالت خدمة التعليم في المسيحية كرامة عظيمة، لكنها ليست (الكرامة الفريسيَّة) المفروضة علي الشعب بل الكرامة النابعة عن الحب والبذل والاتضاع... يكفي خدمة التعليم في المسيحية شرفًا أن السيد المسيح نفسه كان يُدعي (المعلم).. ويشير القديس بولس الرسول إلي كرامة المعلمين بقوله لتيموثاوس: "وليحسب الكهنة الذين يحسنون التدبير أهلًا لكرامة مضاعفة ولا سيما الذين يتعبون في الكلمة والتعليم" (1تي17:5).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
* المرأة في اليهودية كانت بمعزل عن مجال الخدمة الدينية، حيث نظر معلمو اليهود في ذلك العصر إلي المرأة نظرة احتقار، لكن المسيحية رفعت من قدر المرأة.
* لقد شاركت المرأة في حياة الكنيسة وخدمتها ومن أمثلة ذلك: قدمت مريم أم يوحنا الملقب مرقس بيتها في أورشليم ليكون أول كنيسة مسيحية في العالم (أع12:12).
* وهناك كانت النساء المؤمنات والعذراء الطاهرة مريم يواظبن علي الصلاة مع الرسل، منتظرين موعد الآب (أع14:1).
وأيضًا (طابيثا) التي كانت ممتلئة أعمالًا صالحة وإحسانات للفقراء والأرامل (أع36:9).
* يذكر بولس الرسول (أفودية) و(سنتيخي) اللتين جاهدتا معه في الإنجيل (في3،2:4) و(تريفينا) و(تريفوسا) التاعبتين في الرب.... كما يذكر (برسيس) المحبوبة (رو12،6:16) و(فيبي) التي صارت مساعدة لكثيرين (رو2،1:16).
* أول ذكر في العهد الجديد عن دياكونية المرأة في رسالة القديس بولس الرسول إلي أهل رومية "أوصي إليكم بأختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة التي في كنخريا" (رو1:16) كما يشير بولس الرسول إلي صفات الشماسة وهي: "كذلك يجب أن تكون ذوات وقار غير ثالبات صاحيات أمينات في كل شيء" (1تي11:3).
* أما الخدمة التي كانت الشمامسة مختصة بها هي خدمة بنات جنسها بصفة عامة، كما نصّت علي ذلك قوانين الرسل.
* كانت تقوم علي المداخل المؤدية إلي القسم المخصص للنساء في مكان العبادة، وكان من أعمالها الهامة مساعدة الكاهن في عماد النساء، وكان الأسقف يرسلها لإفتقاد النساء خاصة في بيوت غير المؤمنين.
← وقد أجملت قوانين الرسل خدمة الشمامسة في النص التالي:
* [ والشمامسة فلتكن صاحية في العناية بالنساء ويكون كلاهما (الشماس والشماسة) علي استعداد لحمل رسائل السفر، وللخدمة ]
* وفي تقليد قديم قيل أن (فيبي) شماسة كنيسة كنخريا هي التي حملت رسالة القديس بولس الرسول إلي أهل رومية بعد أن كتبها في كورنثوس.
* وقد اشترطت قوانين الرسل أن تكون الشماسة عذراء طاهرة أو علي الأقل أرملة سبق لها الارتباط بزيجة واحدة.
* ونلاحظ أن رتبة الشماسة في الكنيسة ليست درجة كهنوتية، فلا كهنوت للنساء. ولا توضع عليها الأيدي كما في حالة الرسامات الكهنوتية. لكنها تقام من الأسقف ويتلو عليها صلاة وردت في قوانين الرسل. ويقول المؤرخ (شاف) أن وظيفة الشماسة في الكنائس الشرقية إستمرت حتى نهاية القرن الحادي عشر.
* أول ما نقرأ عن الأرامل في الكنيسة المسيحية ما ورد في سفر أعمال الرسل: "وفي تلك الأيام إذ تكاثر التلاميذ حدث تزمر من اليونانيين علي العبرانيين أن أراملهم كن يغفلن عنهن في الخدمة اليومية" (أع1:6). ثم نقرأ عنهن في قصة طابيثا (أع41،39:9).
* لكن سرعان ما تزايد عدد الأرامل حتى أن بولس الرسول يعطي إهتمامًا خاصًا لهن في رسائله الرعوية. وإزاء تزايد الأعباء المادية علي الكنيسة بسبب مساعدتها للأرامل قال: "إن كان لمؤمن أو مؤمنة أرامل فليساعدهن ولا يثقل علي الكنيسة لكي تساعد هي اللواتي هن بالحقيقة أرامل" (1تي16:5).
* لقد شكلت الأرامل طغمة خاصة داخل الكنيسة، لهن عمل ورسالة وهكذا نقلتهن الكنيسة من وضع المنتفعين الذين يتقاضون مساعدات مادية إلي وضع الخادمات... وهذا لا يعني أن الكنيسة تخلت عن إعالتهن والعناية بهن.
* أشار القديس بولس الرسول إلي شروط خاصة لعضوية طغمة الأرامل في الكنيسة اللائي سيّوكل إليهن خدمات معينة وهي: "لتكتتب أرملة إن لم يكن عمرها أقل من 60 سنة، امرأة رجل واحد. مشهود لها في أعمال صالحة. أن تكن قد ربّت الأولاد، أضافت الغرباء، غسلت أرجل القديسين، ساعدت المتضايقين، إتبعت كل عمل صالح. أما الأرامل الحدثات فأرفضهن لأنهن متي بطرن علي المسيح يردن أن يتزوجن" (1تي9:5-11).
← ينقسم الأرامل في عملهن وخدمتهن إلي نوعين:
* نوع منقطع للصلاة وملازمة للكنيسة تشبهًا بـ(حنة بنت فنوئيل) التي وهي "أرملة نحو 84 سنة لا تفارق الهيكل عابدة بأصوام وطلبات ليلًا ونهارًا" (لو37:2).
* نوع كان يخدم بين المرضي ويحث الشابات علي حياة الطهارة ويبشر بين غير المؤمنات.
* وهذا يتمشى مع وصية القديس بولس لتلميذة تيطس عن العجائز: "معلمات الصلاح، لكي ينصحن الحدثات" (تي4،3:2).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-maximos-samuel/st-paul/care.html
تقصير الرابط:
tak.la/q8458q2