كان كريم شابًا لطيفًا، محبوبًا من الكل، ولكنه كسول. دخل كلية الصيدلة، ولم يقدر أن يتحمل المذاكرة الكثيرة وبدأ يتعثر! سقط كريم أول سنة، وأعاد السنة، وبصعوبة خلص أول سنة ودخل سنة ثاني. وفي منتصف العام أدرك أنه لا شك سيسقط مرة ثانية. وبدأت سلسلة من الهواجس والمخاوف: "أنا فاشل، أنا مش نافع، أنا مافيش فايدة، طيب أغيّر الكلية، هأقول إيه لأصحابي؟ هاتأخر على دفعتي، مش هاينفع أدخل الكنيسة وأقف شماس، كلهم ناجحين ومنطلقين!". ودخل كريم في دوامة الإحساس بالفشل (كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى).
|
|
كان والده بالجسد وأبوه الروحي دائما التشجيع له، ولكنه كان لا يسمع واستسلم للنوم: "هاروح الكلية أعمل إيه، مافيش فائدة". وكان أبونا يحب خدمة الملاجئ وبيوت الإيواء، فقال له "كريم"، عاوزك تيجي تساعدني في خدمة أطفال مارجرجس". "ماعرفش أخدم يا أبونا". "بس تعالى معي أول مرة وجرب، هتعلمهم ألحان". "يا أبونا أنا حتى بطلت أقف شماس، وإنت عارف إني مقضيها نوم وكمبيوتر وبلاوي". "يا حبيبي تعالى بس وجرب".
ذهب كريم مع أبونا إلى بيت الإيواء، ووجد حوالي ثلاثين طفلًا مختلفي الأعمار، آخر شقاوة، وقال في باله أول مرة: "مش ناقصهم!". أبونا قال: "يا أولاد، الأستاذ كريم هايعلمنا ألحان كل يوم خميس الساعة 6، وفي جوائز لأحسن واحد هيحفظ".
بدأ كريم الخدمة بتثقل، ولم يكن يثق في نفسه، ولم يكن كل الأولاد مُريحين، وكل شوية يسكِّت الفصل، إلا أن أكثر من ولد بدأوا يرتبطوا به، وينتظرونه، فزاده هذا الشعور التزامًا.
وفي أحد المرات وجد كريم ولد في ثالثة ابتدائي يبكي، فسأله: "مالك يا إبرام"؟! "أنا سقطت في مادة الحساب وبيشوي قال لي: يا فاشل"! وقعت الكلمة على كريم كالرصاص. "لأ يا حبيبي، إنت مش فاشل، المرة اللي جاية هتنجح". "أنا فيه حاجات مش فاهمها، والأستاذ مش بيشرح في المدرسة وبيزعق في أي حد يسأل". تحمس كريم وقال له: "إيه رأيك بعد درس الألحان هات كتاب الحساب ونشوف المسائل الصعبة مع بعض؟"
تعلق كريم بأبرام، وبدأ يقضي معه ساعتين أسبوعيًا، ونجح إبرام واكتشف كريم أنه ذكي جدًا، وتقدم المشرف لكريم قائلًا: "ممكن يا كريم تساعد أولاد سنة ثالثة كلهم في المذاكرة؟ عندنا مشاكل كثيرة". "حاضر يا أستاذ جرجس، هاشوف يوم ثاني، ونتفق". رجع كريم فرحًا، وشعر أن نجاح إبرام، نجاح له.
وفي هذه الليلة أمسك كريم بكتب الصيدلة، التي علاها التراب لأول مرة منذ شهور، وقال: "أنا كمان ممكن أنجح". ويا للعجب! استطاع أن ينجح هذه السنة بالرغم من تأخيره وأصبح الوقت كله ما بين الكنيسة والكلية والمذاكرة وبيت الإيواء. ومرت السنين تباعًا، وتفوق كريم ورجع شماس محبوب، وعمل بيت الإيواء حفل تخرج لكريم، ولكل الأولاد جابوا هدية، وتقدم إبرام بالهدية لكريم قائلًا: "مبروك يا دكتور" فأجاب كريم إبرام:
"أنت السبب في نجاحي، أنا عمري ما هانساك".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-dawood-lamey/service/failure.html
تقصير الرابط:
tak.la/z99jrn7
