فقدت السيدة "ملكة" ابنتها في حادث عربية، وكانت ابنتها في البكالوريوس، ولم تقدر أن تتعزى. كانت دائمًا تردد: "دي كانت بنتي وأختي وصاحبتي، مافيش حاجة ممكن تعوضني عنها!". ومرت السنة الأولى حزينة، بطيئة، كئيبة، وليس هناك طعم للحياة. حتى عندما حملت حفيدها الأول من ابنها، لم تكن قادرة على الفرح كما توقع لها الكثيرون.
وفي قداس الذكرى السنوية الأولى، تقدمت إليها ابنة خالتها "مريم"، وكانت خادمة في الكنيسة، وقالت لها: "أنا حجزت لكِ معي في خلوة روحية مع الكنيسة ليلتين". فنظرت لها "ملكة" بعتاب وقالت لها: "هو وقته ده، هاتفسح يا مريم؟! "لأ دي مش فسحة، إحنا هنغير جو، وهنصلي ونسمع كلمة ربنا، أنا عارفة إنك هتنبسطي". "مافيش حاجة ممكن تبسط خلاص، بلاش أحسن". "أنا حجزت لك وخلاص، ما تكسيفينيش، وتعالي معايا علشان خاطري". "حاضر، إن شاء الله".
وذهبت "ملكة" للمؤتمر وكانت لا تكف عن البكاء في التراتيل الهادئة والصلوات، وكأنها كانت تغسل أحزانها وقلبها بدموعها. وتوالت الكلمات الروحية، وأحبت مَلكة الإنجيل، ولأول مرة تجد فيه عمقًا، لم تكن تراه من قبل. ووجدت راحتها في وعود الله والكلام عن الحياة الأبدية وملكوت السموات، وفي نهاية الخلوة وجدت دعوة لكل من لم يبدأ الخدمة أن ينضم، وشجعتها مريم وقالت لها: "جربي، مش هتخسري حاجة".
ذهبت "ملكة" يوم الخدمة وكانت تشعر أن الكل ينظر إليها ويعرف مصيبتها ويشفق عليها، وكان هذا الشعور غير مريح بالمرة، لكن حين دخلت وسط الخادمات وجدت أن كلًا منهن تحمل صليبًا وألمًا. وكان هناك ترتيب إلهي ينتظرها: نزلت "ملكة" مع "مريم" زيارة لبعض العائلات الفقيرة، فوجدت أرملة قد فقدت وحيدها من فترة وليس لها عائل، والكنيسة تعولها.
وفتحت "مريم" الإنجيل بشجاعة على قصة "ابن أرملة نايين" (إنجيل لوقا 7: 11-17) وكيف لمس يسوع النعش، وكأنه يعلن أن يلمس الصليب ليحمل الموت عنا ويعطينا قوة قيامته. وخرجت كلمات "مريم" قوية، مؤثرة، عن محبة ربنا لنا، حتى في التجارب، واستفاضت عن أمنا العذراء، التي شاهدت ابنها على الصليب يموت، وعن لقائنا الأبدي مع المسيح ومع الأحباء في السماء. وتعزت الأرملة، وتعزت أيضًا "ملكة" بالكلام، وشعرت براحة جديدة أن هناك من جرّب ما تشعر به، الأرملة الفقيرة، أرملة نايين، أمنا العذراء...
وتوالت الزيارات وبدأت "ملكة" تتكلم مع المجروحين، وفي كل مرة تدخل إلى من ودّع أحد أحباءه، تتكلم بجرأة: "أنا كمان ودعت ابنتي للسماء". فكان الكل يتأثر لجرأتها وصدقها. وأصبحت "مَلكة"، خادمة متميزة لخدمة المجروحين والحزانى، وتعلمت كيف تُقدم المسيح معزيًا وحيدًا "أنا هو معزيكم" (سفر إشعياء 51: 12) (اضغط على الرابط السابق هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لقراءة الأصحاح كاملًا). وبدأت تصلي من أجل عشرات من المخدومين، وبدأ حملها يخف تدريجيًا، وسعادتها ترجع إليها. ولم تنسَّ أبدًا في أحد اعترافاتها أن أبوها الروحي قال لها:
"اطمئني بنتك فرحانة بخدمتك".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-dawood-lamey/service/trial.html
تقصير الرابط:
tak.la/af9af27