محتويات:
(إظهار/إخفاء) 1.
التأكيد على التمييز بين الأقانيم
أولًا:
الإيمان بإله واحد (الآب)
ثانيًا: علاقة الإبن بالآب
ثالثًا: علاقة الروح القدس
بالابن والآب
2. الابن: ألوهيته وعلاقته
بالآب
3. المسيح وعلاقته بالروح
القدس
4. الروح القدس وألوهيته
*أما عن القديس كيرلس الكبير فقد إستفاض في شرح الثالوث.
من المعروف عن القديس كيرلس الأسكندري أنه من أكثر الآباء الذين تركوا لنا ميراثًا ثمينًا وفكرًا غزيرًا في شرحة شرحًا وافيًا ومستفيضًا لعقيدة الثالوث القدوس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهو من أكبر أباء الكنيسة الذين تكلموا بطرق عديدة عن الثالوث القدوس وكيف نفهمة ونعيشة لكي نؤمن به إيمانًا سليمًا نقيًا لا يوجد به أي شائبةً:
.
- فقد أوضح لنا إيماننا بالثالوث في حواراته المتعددة في (حوار حول الثالوث).
وترك لنا مجلدًا ضخمًا سُمي (الكنوز في الثالوث).
وتفسيرات إيضاحية كثيرة لبعض الآيات في شرحه لأسفار الكتاب المقدس بعهديه كما سنري بعد قليل، هذا ما يؤكد لنا كيف عاش الآباء الإيمان السليم والفكر العقيدي النقي، ولكي لا أطيل عليك دعني أدخل بك إلي عمق الموضوع:
في شرحه لقانون الإيمان النقاوى يفسر القديس كيرلس عبارة (نؤمن بإله واحد) على النحو التالي:-
+ قال الآباء إنهم يؤمنون باإه واحد لأنهم كما لو كانوا يهدمون أراء اليونانيين من اساساتها..." وبينما يزعمون انهم حكماء صاروا جهلاء وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفنى والطيور والدواب والزحافات (رو23،22:1)، وعبدوا المخلوق دون الخالق (رو25:1). وصاروا عبيدًا لأركان العالم ظانين إنها ألهه كثيرة بلا عدد. لكي يهدموا ضلالة تعدد الآلهه قال الآباء نؤمن بإله واحد تابعين الكتب المقدسة من كل جهه ومظهرين جمال الحق لكل إنسان يسمى تحت الشمس. وهذا ما فعله موسى الحكيم جدًا قائلًا بكل وضوح:
"إسمع يا إسرائيل الرب إلهك رب واحد" (تث4:6). وأيضا خالق الكل وربهم يقول في موضع أخر "لا يكون لك ألهه أخرى أمامى" (خر3:20). وأيضًا يتكلم بصوت الأنبياء القديسين في (أش 6:44). لذلك فالأباء الممجدون جدًا فعلوا أمرًا ممتازًا إذ وضعوا قاعدة للإيمان بضرورة أن نفكر ونقول أن الله واحد متفرد بالطبيعة والحق... ومن ثم أعلنوا إنهم يؤمنون بإله واحد...
+ وأيضا لقبوه بالإب ضابط الكل لكي بذكرهم الإب يظهرون الإبن معه الذي به هو أب قائم (أي الإبن) معه وكائن معه دائمًا لأن الآب لم يصر أبًا في زمن بل كان دائمًا أبًا. وهو كائن دائمًا فوق كل ما هو مخلوق وهو في أعلي الأعالى ولأنه يضبط ويسود ربًا على الكل... بهذا يجعل له مجدًا لا يقارن.
وأيضًا يؤكد الآباء إنه خلق كل الأشياء التي في السموات والتي على الأرض وهكذا يكون إختلافه عن كل الخليقة أمرًا معروفًا. لأن يمكننا المقارنة بين الخالق والمخلوق... ولا بين غير الحادث والحادث ولا بين الطبيعة الخاضعة لنير العبودية والطبيعة المزدانه بكرامات السيادة والمالكة لمجد إلهى فوق المجد العالمي.
يقول القديس كيرلس عن علاقة الإبن بالآب: ولكن عندما تكلموا (أي الآباء) عن الإبن، ولكي لا يظهر أنهم لا ينسبون إليه إسمًا مشتركًا مثل الإسم الذي يمكن أن ينسب إلينا نحن أنفسنا لأننا ندعى إيضًا اولاد(غلا6:4) فبكل فطنة وصفوه بتلك الأسماء التي بواسطتها يمكن أن يدرك لمعان المجد الطبيعى الذي فيه والذي هو أعلا من الخليقة لأنهم قالوا إنه (مولود غير مخلوق) مدركين إنه من جهة الجوهر لا يصنف مع المخلوقات بل بالحرى أكدوا بيقين أنه مولود من جوهر الله الآب، خلوًا من زمن وبطريقة تفوق الإدراك لأنه في البدء كان الكلمة (يو 1:1) ثم حينما يذكرون حقيقة الولادة بطريقة جيدة جدًا، فإنهم يقولون أن الله الإبن مولود من الله لأن حينما تكون الولادة حقيقية فيلزم من كل جهه تبعًا لذلك ان نفكر وأن نقول إن المولود ليس من جوهر أخر غير جوهر الوالد. فغير الجسدانى لا يلد بحسب الجسد بل بالحرى بهذه الطريقة أعنى مثل (ولادة النور من النور) حتى أن النور الذي شع يعرف إنه في النور الذي اومض وإن منه بحسب الصدور الذي لا ينطق به ولا يعبر عند وان يكون فيه بحسب وحدة وتطابق الطبيعة. وهكذا نحن نقول (أن الإبن في الآب والآب في الإبن).....
فالإبن يرسم في طبيعته الخاصة ومجده.... ذلك الذي ولده....وقد قال بوضوح لواحد من تلاميذه القديسين من رأنى فقد رأى الآب (يو10،9:14) وقال أيضًا أنا والآب واحد(يو30:1) وتبعًا لذلك فهو من نفس الجوهر مع الآب وهكذا إيضًا فإننا نؤمن أنه إله حق من إله حق. وهكذا فإن كل أحد يستعمل إسم الولادة والبنوة عنه فإنه لا يتكلم بالكذب مطلقًا.... وتفهم الولادة على أنها منه وفيه وإن كلًا منهما موجود بأقنومه الخاص لأن الآب هو أب وليس إبنًا والإبن هو المولود وليس هو أب وكل منهما يكون ما كان عليه ولهما في وحدتهما نفس الطبيعة....
يتحدث القديس كيرلس عن علاقة الروح القدس بالآب والإبن:
+ بعد أن أنهى الآباء كلامهم عن السيد المسيح فإنهم ذكروا الروح القدس لأنهم قالوا إنهم يؤمنون به كما يؤمنون بالآب والإبن لأنه من نفس الجوهر معهم وهو ينسكب أي ينبثق من ينبوع الله الآب ويمنح للخليقة بواسطة الإبن لهذا نفخ في الرسل القديسين قائلا: إقبلوا الروح القدس (يو 22:2). لذلك فالله الروح هو من الله وليس غريبًا عن الجوهر الذي هو أعلا من الكل بل هو من ذلك الجوهر وهو كائن فيه وهو خاص به...
+ على أن القديس كيرلس تحدث بإستفاضة عن الثالوث القدوس وعن الإبن بالذات في دفاعه ضد الأريوسية والنسطورية.
ونستكمل حديثنا من خلال النقاط التالية:
1. التأكيد على التمييز بين الأقانيم.
2. الإبن، ألوهيته وعلاقته بالإب.
3. المسيح وعلاقته بالروح القدس.
4. ألوهيه الروح القدس.
وهنا نذكر بالتفصيل ما قاله القديس كيرلس عن:
يقول القديس كيرلس في شرحه للإنجيل حسب القديس يوحنا ما ملخصه – لقد كتب الرسول يوحنا أن كلمة كان في البدء أي (في الله الآب) ولكن لأن عين ذهنه قد إستنارت لم يجهل أن البعض سوف يقومون بجهل شديد ليدعوا أن الآب والإبن واحد، وأنهما غير متمايزين إلا في الأسماء فقط وأنه ليس في الثلاث أقانيم، وتمايز الأقانيم يعنى أن الآب هو فعلًا أب وليس إبنًا وكذلك الإبن هو إبن وليس أبًا ويقول الرسول يوحنا (الكلمة كان عند الله) أكد إنه متمايز وإقنوم آخر غير إقنوم الآب الذي معه الكلمه....
+ والذين ينكرون الأقانيم لا يدركون أن الواحد الذي بلا أقانيم لا يمكن أن نقول إنه (معه) أو (كان معه) فهو وحده بذاته. ومع إن الإبن في الآب والآب في الإبن إلا أن هذا لا يعنى أن الإبن فقد أقنومه المتميز وأن الآب فقد أقنومه الخاص به. فالتماثل التام بين الأقانيم لا يعنى إختلاط الأقانيم حتى أن الآب الذي منه يولد الإبن يصبح بعد ذلك إبنًا. ولكن الطبيعة الإلهية الواحدة نفسها هي للأقنومين مع تمايز كل منهما، حتى أن الآب هو الآب والإبن هو الإبن وإيضًا الروح القدس يحسب معها مثل الآب والإبن وهذا هو كمال الثالوث المعبود.
+ لو كان الإبن أبًا فما هو معنى تمايز الأسماء؟، ولو كان الآب لم يلد أحدًا من ذاته فلماذا يدعى الآب؟ ولماذا يدعى بهذا الإسم لو كان غيرمولود من الآب؟
إن تمايز الأسماء يعنى تمايز الأقانيم. فالإبن له إقنوم متميز كما أن الآب له إقنوم متميز مثل تمايز الوالد عن المولود.....
(عن كتاب شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الأسكندرى ج1)
+ وفي الأصحاح التاسع من تفسيره للإنجيل حسب القديس يوحنا – يقول القديس كيرلس: (لا ينبغى أن يشك أحد بالمرة ويظن أن الإبن أقل من الآب لأنه هو يبين أن صورة الآب غير مشوهة حافظًا في ذاته رسم الآب كاملًا وصحيحًا). ونحن نقول أن الآب والإبن هما واحد غير مازجين فرديتهما بإستعمال العدد واحد كما يفعل بعض الذين يقولون أن الآب والإبن هما نفس الشخص بل نؤمن أن الآب هو قائم بذاته والإبن قائم بذاته موحد بين الإثنين في نفس الجوهر وعارفين أيضًا أن لهما قدرة واحدة حتى أن هذه القدرة الواحدة ترى بدون إختلاف في الواحد كما في الأخر. وبكلمة واحد يشير إلى وحدة الجوهر، وبكلمة نحن يشير إلى الإثنين ثم بعد ذلك يوحدهما معًا في لاهوت واحد.
(عن كتاب شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الأسكندرى ج5 ترجمة د/موريس تاوضروس)
+ ويمضى القديس كيرلس في تفسيره لقول السيد المسيح:"أعمالًا كثيرة حسنة أريتكم من عند أبى" (يو31:1) ويقول: الرب يشير إلى أن الأعمال التي أراها لهم هي من عند الآب، لا يبين أن القوة التي ظهرت في هذه الأعمال هي قوة أخرى غير قوته بل لكي يظهر أنها كانت أعمالًا لاهوتية. ندركها على أنها واحدة في الآب والإبن والروح القدس. فكل ما يفعله الآب فهذا يتممه بالإبن في الروح. وأيضًا ما يعمله الإبن فهذا يعمله الآب في الروح لهذا أيضًا يقول المسيح (لا أعمل من نفسى شيئًا بل الآب الحال في هو يعمل الأعمال) ويشير إلى أن الأعمال الإلهية تظهر إننى مساو لله الآب رغم أنه من جهة الجسد أبدو إننى واحد بينكم مثل إنسان عادى وهكذا فمن الممكن أن تدركوا إنى في الآب والآب في... لأن وحدة الجوهر تجعل الآب يُرى في الإبن والإبن يُرى في الآب وحتى في حالتنا البشرية فإن جوهر الوالد يعرف في المولود منه، وأيضًا جوهر الطفل يعرف في والده لأن نوع الطبيعة واحد في الجميع وجميعهم واحد في الطبيعة. لكن حينما نميز أنفسنا الواحد عن الأخر عن طريق أجسادنا فالكثيرون لا يكونون واحدًا ومثل هذا التمييز بين الأجساد لا يمكن الحديث عنه فيما يخص ذاك الذي هو إله الطبيعة لأن ما هو إلهى لا جسد له، رغم إننا ندرك الثالوث القدوس على إنه قائم في أقانيم متميزة. لأن الآب هو الآب والروح القدس هو الروح (وليس هو الآب والإبن) ومع ذلك فلا يوجد بينهم أي إختلاف. بل هم في شركة ووحدة الواحد مع الاخر. وبما أنه ليس هناك سوى ألوهية واحدة في الآب والإبن والروح القدس لذلك نقول إن الآب يرى في الإبن والإبن يرى في الآب ومن الضرورى أن نعرف هذه النقطة الأخرى أيضًا. إن ما يجعل الإبن يقول أنا في الآب والآب في (يو10:14) وأيضًا أنا والآب معًا واحد (يو 30:10) ليس فقط لأن الإبن يرغب نفس الأمور كالآب وليس فقط لأنه يملك إرادة واحدة معه بل ما يجعله هكذا هو إنه المولود الأصيل لجوهر الآب. فهو يظهر الآب في نفسه وهو نفسه يرى في الآب. فهو يقول إنه يريد ويتكلم ويملك نفس فاعلية الآب وبسهولة ينجز ما يريد مثلما يفعل الآب وهكذا يعترف به من كل ناحية إنه من نفس الجوهر مع الآب وهو ثمرة حقيقية لجوهره. ووحدته مع الآب ليست مجرد نسبية معه تظهر في تماثل الإرادة والتزامات المحبة تلك الوحدة النسبية التي تقول إنها تخص مخلوقاته.
(عن كتاب شرح إنجيل يوحنا للقديس كيرلس الأسكندري ج5).
يشرح القديس كيرلس الكبير عبارة (في البدء كان الكلمة) فيقول:
+ لا يوجد ما سبق البدء اذا ظل بالحق بدءًا لأن بدء البدء مستحيل واذا تصورنا أن شيئًا ما سبق البدء تغير البدء ولم يعد بدء بالمرة.
ان هذا يعنى أن الإبن لم يخلق بالمرة بل هو كائن مع الآب (كان في البدء) ليس من الممكن أن نعتبر (البدء) خاصًا بزمان مهما كان.
فالبدء الذي يمكن قياسه بالزمان والمسافات سوف يتعداه الإبن.
بالنسبة للإبن البدء ليس بدءًا زمنيًا ولا جغرافيًا. فهو أزلى وأقدم من كل الدهور ’و لم يولد من الآب في الزمان لأنه (كان) مع الآب مثل الماء في الينبوع أو كما قال هو (خرجت من عند الأب وقد أتيت إلى العالم) (يو 28:16).
+ فإذا إعتبرنا الآب المصدر أو الينبوع فإن الكلمة كان فية لأنه حكمته وقوته ورسم (صورة) أقنومه وشعاع مجده.
واذا لم يكن وقت كان الأب فيه بلا حكمة وكلمة وصورة وشعاع فإنه من الواضح أن الإبن الذي هو حكمة وكلمة وصورة الآب وشعاع مجده فهو أزلى مثل الآب الأزلى، وإلا كيف يوصف بأنه صورته الكاملة ومثاله التام، إلا اذا كان له بوضوح ذات الجمال الذي هو على صورته.
+ الإبن في الآب مثل الماء في الينبوع إذًا الآب هو الينبوع.
إن الكلمة ينبوع تعنى هنا المياه لأن الإبن في الآب وهو من الآب ليس كمن يأتى من الخارج في الزمان بل هو من ذات جوهر الآب. يشع مثل الشعاع من الشمس أو صدور الحرارة من النار.
هذه الأمثلة تعنى أن نرى كيف يولد أو يصدر شيء من شيء وفي نفس الوقت لايصدر متاخرًا أو بعد زمن أو أن تكون له طبيعة مختلفة بل يصدر الشىء من الشىء ويظل كائنًا معه لا ينفصل عنه، بل لا يمكن لأي منهما أن يوجد بدون الآخر، فلا شمس بلا شعاع ولا شعاع بدون شمس ولا نار بلا حرارة ولا حرارة إلا من النار.
يقول القديس كيرلس عن علاقة السيد المسيح بالروح القدس: بسبب وحدة الجوهر فالروح موجود في الإبن كما هو أيضًا في الآب ويشير إلى قول القديس لوقا البشير في سفر أعمال الرسل (فلما أتوا إلى ميسيا حاولوا أن يذهبوا إلى بثينية فلم يدعهم روح يسوع) (أع 7:16) وذلك حسب الترجمة السريانية القديمة وأيضًا توجد هذه الترجمة في أقدم المخطوطات.
+ وفيما يختص بالعلاقة بين السيد المسيح والروح القدس يقول: إذا كان أحد لم يستحسن ما قلناه ويعترض على الشرح الذي قدمناه وبغيره عمياء يدعى أن الإبن ينال الروح القدس بالمشاركة أو أنه لم يكن فيه من قبل ثم حل الروح فيه عندما إعتمد وأثناء فترة التجسد فعلية أن يرى إلى أية درجة من عدم الإدراك سوف يسقط لأنه أولًا يقول المخلص (ليس بين المولودين من النساء من هو أعظم من يوحنا) (متى 11:11)
وهذا حق ولكننا نرى أن الذي وصل إلى هذه المكانة والمجد والفضيلة كإنسان يكرم المسيح بكرامة لا يمكن مقارنتها فهو يقول (انا لست مستحقًا ان انحنى واحل سيور حذائه) (مر 7:1) فكيف لايبدوا غير معقول.
وعلى محبى المعرفة أن يروا قوة الكلمات التي تتمخض بالحق لأنه يقول عن يوحنا (يمتلىء من الروح القدس) (لأن الروح القدس صار فيه كعطية وليس كالجوهر)
أما عن المخلص فالملاك يقول (سوف يمتلىء) بالمعنى الدقيق للكلمة بل (القدوس المولود منك) ولم يقل (المولود منك سوف يصير قدوسًا) فهو دائمًا قدوس بالطبيعة لإنه الإله.
+ وفي تفسير القديس كيرلس للإنجيل بحسب القديس لوقا يقول:
كيف يستطيع ذاك الذي نال الروح – إن كان هو حسب قولكم إنسانًا منفصلًا ومستقلًا بذاته –
كيف يستطيع أن يعمد بالروح القدس؟......... إنه من المستحيل أن يؤمن بأن القدرة على تعميد الناس بالروح القدس هي من عمل مجرد إنسان لا يزيد عنا في أي شيء.
لقد قال لنا بولس الرسول (الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلًا لله لكنه اخذ صورة عبد صائرًا في شبه الناس ووضع نفسه إلى الفقر)(في 2: 6)
فإبحثوا اذًا من هو ذاك الذي كان أولًا في صورة الله الأب وهو في الحقيقة مساوً له. ولكنه أخذ صورة عبد وحينئذ صار إنسانًا. وإلى جانب ذلك جعل نفسه فقيرًا.
هل هو الذي من نسل داود كما يجادلون الذين يعتبرونه منفصلًا بنفسه كإبن آخر عن الكلمة الله الأب؟
إن كان كذلك فدعهم يبينون متى كان مساويًا للآب؟........
دعهم يبينون كيف إتخذ صورة العبد؟.......
أو ماذا نقول عن ماهية صورة العبد تلك؟........
وكيف أخلى نفسة.... فهل يوجد ماهو أفقر من الطبيعة البشرية؟......
لذلك فالذي هو صورة الله الأب وشبهه والتعبير الواضح عن شخصه، والذي يشع بهاء في مساواه معه والذي بالطبيعة هو حر هذا هو نفسه الذي إتخذ صورة عبد أي صار إنسانًا وجعل نفسه فقيرًا إذ رضى أن يحتمل هذه الأمور البشرية ما عدا الخطية...
ولكن الهراطقة يعترضون قائلين: كيف إعتمد ونال الروح ايضًا؟
فنجيبهم إنه لم يكن محتاجًا للمعمودية المقدسة إذ هو كلى النقاوة وبلا عيب وقدوس من قدوس كما أنه لم يكن محتاجًا للروح القدس لأن الروح المنبثق من الأب وهو معه ومساو له في الجوهر... ولذلك يجب أن نستمع الأن إلى شرح التدبير أي خطة الله: أن الله في محبته للإنسان زودنا بطريق الخلاص والحياة لأننا بالإيمان بالآب والإبن والروح القدس وبإعترافنا بهذا الإقرار أمام شهود كثيرين فإننا نغسل كل وسخ الخطية ونغتنى بالحصول على الروح القدس ونصير شركاء الطبيعة الإلهية وننال نعمة التبنى.
لقد كان ضروريًا إذن أن كلمة الآب حينما وضع نفسه إلى الإخلاء وتنازل ليتخذ شكلنا كان ضروريًا أن يصير من أجلنا نموذجًا وطريقًا لكل عمل صالح... فالذي هو الأول في كل شيء ينبغى أيضًا أن يضع نفسه مثالًا في هذا... لذلك فلكى نعرف قوة المعمودية المقدسة نفسها والنعمة العظيمة التي تحصل عليها بالإقبال إليها فإنه يبدأ هذا العمل (المعمودية) بنفسه وحينما إعتمد صلى لكي تتعلموا انتم يا أحبائى أن الصلاة بلا إنقطاع هي أمر يناسب جدًا اولئك الذين حسبوا أهلًا للمعمودية المقدسة.
يقول القديس كيرلس الكبير في شرحه وإثباته ألوهية الروح القدس وذلك في شرحه لانجيل القديس يوحنا ص127، ص 128: حيث أن البعض لهم جسارة كاذبة ويتهورون بالكلام ضد الإبن والروح القدس أيضًا، مدعين أنه مخلوق وأنه ليس من جوهر الله الأب ذاته، دعونا نحشد كلمة الحق ضد ما يصدر من ألسنتهم الهوجاء لأنه إن كان روحه الخاص ليس بالطبيعة هو الله وليس من الله وبذلك يكون غيرموجود فيه جوهريًا بل هو مختلف عنه وهو غير بعيد عن مشاركة المخلوقات في الطبيعة... فكيف يقال عنا نحن الذين نولد بواسطته أننا مولودون من الله؟....
وإما أن يكون الإنجيلى كاذبًا (وهو ليس كذلك) وإما أن يكون صادقًا وبذلك يصبح الروح القدس هو الله ومن الله بالطبيعة ونصبح نحن مستحقين بالإيمان بالمسيح، للإشتراك في الطبيعة الإلهيه (2بط 4:1) ومولودين من الله ومدعوين آلهه وليس بالنعمة وحدها نصير إلى المجد الذي فوق طبيعتنا... بل الأن لنا سكنى الله وإقامته فينا حسبما قيل بالنبى (سأسكن فيهم واسير معهم) (لا 12:26، 2كو 16:6)
وعلى المقاومين لنا الذين إمتلأوا من عدم المعرفة أن يخبرونا كيف يسكن الروح القدس فينا، وهو ما يجعل الرسول بولس يدعونا هيكل الله. إن لم يكن هو الله بالطبيعة...
واذا كان الروح القدس مخلوقًا فكيف قيل أن الله يهلك من يُنجس هيكل الله (1كو 17:3)
أي عندما يتدنس الجسد الذي يسكن فيه الروح القدس والذي يسبب سكناه، ننال كل ما يخص الله الأب بالطبيعة وما يخص بالمثل إبنه الوحيد...
+ وكيف يصبح المخلص صادقًا في قوله (اجاب يسوع وقال له ان احبني احد يحفظ كلامي ويحبه ابي واليه ناتي وعنده نصنع منزلا (يو 14: 23)
أليس الروح القدس هو الذي يسكن فينا ونحن نؤمن أنه به يكون لنا الآب والإبن.
بذلك نعرف أننا نسكن فيه وهو فينا (لأنه أعطانا من روحه) (1يو 13:4)
وكيف يدعى الروح القدس روح الله اذا لم يكن منه وفيه بالطبيعة؟.....
ولذلك فهو الله. ولكن كان كما يصبح ممكنًا بالنسبة لهم نظرًا للمساواة التي بينهم وبين الروح القدس.
* إصلاحنا هو من عمل الثالوث القدوس كله والمساوي لبعضهم، وخلال الطبيعة الإلهية كلها الإرادة والقوة تجتازا في كل شيء يُعمل به. لهذا فإن خلاصنا حقيقة هو من عمل اللاهوت الواحد. وإن كان ما قد تحقق من أجلنا أو تم في الخليقة، الأمر الذي يبدو أنه يُنسب لكل أقنوم، فإننا نؤمن أن كل الأشياء هي من اللَّه بالابن في الروح القدس.
* إنه الروح الذي يوحدنا، نقول أنه يجعلنا نتجانس مع اللَّه؛ استقباله يجعلنا شركاء الطبيعة الإلهية، ونحن نتسلم هذا من الابن، وبالابن من الآب.
* (الابن نفسه) يشَّكلنا حسب مجده، ويوسمنا بخاتم شكله.
* إنه يمنحنا الرائحة الكاملة لذاك الذي ولده.
* واهب الروح الإلهي المعطي الحياة ومعطيه هو الابن المولود من اللَّه.
* الملء المُعطى لنا بالآب والابن يتحقق.. بالروح القدس الذي يملأنا بالمواهب الإلهية به ويجعلنا شركاء في الطبيعة التي لا يُنطق بها.
* هكذا حيث يعيش الابن فينا بطريقةٍ لا توصف وذلك بروحه (غلا 4: 6)، نقول أننا مدعوّون لروح البنوة.
* شكرًا للاتحاد مع الابن الذي يتحقق بوساطة الروح في الذين يقبلونه حتى أننا نتشكل للبنوة.
* إن كانت الصورة الحقيقية التي تعبر بكمال عن التشبه بالابن نفسه، بلا خطأ، فالشبه الطبيعي للابن هو الروح الذي نتوافق معه بدورنا خلال التقديس، والذي يشكلنا إلى شكل (الآب) نفسه.
* نحن نتشكل حسب المسيح، ومنه نتقبل الصورة (غلا 4: 9)، وشكل الروح حسنًا جدًا، كمنْ مِنْ أحد شبيه له بالطبيعة.
* بسبب قوته وطبيعته يمكن للروح بالتأكيد أن يُصلحنا إلى الصورة الفائقة.
* واهب الروح الإلهي المحيي هو الابن المولود من اللَّه، الذي يشارك الحياة، ويتقبل الطبيعة الإلهية الكاملة من الآب؛ والذي فيه الابن والروح المحيي، يقوم الأخير بخلق الحياة للذين ينالونه.
* في الطبيعة الإلهية الواحدة الثلاثة أقانيم المتمايزون يتحدون في جمالٍ سامٍ واحد؛ ونحن أيضًا نتشكل بقبولنا ختم بنوي بالابن في الروح.
* شكرًا للروح، إذ نتشكل حسب جمال الابن الإلهي الفائق، نشترك في الطبيعة الإلهية.
* يمنحنا الابن كمال رائحة الذي ولده (الآب). به وفيه نتقبل رائحة معرفة اللَّه، ونغتني بها.
يقول القديس كيرلس الكبير أن الروح القدس يعطي "طاقته إذ هي طاقة اللَّه".
+ هذا هو ملخص سريع عن فِكر القديس كيرلس الكبير عن الثالوث القدوس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/patristic-trinitarian/cyril.html
تقصير الرابط:
tak.la/2f2f966