لم يستخدم البابا أثناسيوس أسلوب الفلسفة كما استخدمها أريوس الهرطوقي، ولكنه ركز على الإيمان معتمدًا على الوحي الإلهي, وكان عنوان مناقشاته اللاهوتية يرتكز على عبارة واحدة:
"الإله أخذ إنسانيتنا لكي نشاركه حياته".
تحدث الرب إلى البشرية أي معنا في العهد القديم من خلال أنبيائه، أما في العهد الجديد فجاء إلينا بإرساله كلمته لكي تتجدد طبيعتنا فيه.
من أقوال القديس الأنبا أثناسيوس الرسولي: (إذن يوجد ثالوث، كامل perfect، نعترف أن اللاهوت في الآب والابن والروح القدس، ليس فيه شيء غريب أو خارجي يلتحم به، ولا يتكون من واحد يخلق وآخر مخلوق، بل هو خالق، ثابت، غير منظور بطبيعته، قوته للعمل واحدة، الآب يفعل كل شيء خلال الابن (الكلمة) بالروح القدس، هكذا تبقى وحدة الثالوث محفوظة، وهكذا يُكرز بالإله الواحد في الكنيسة، " على الكل وبالكل وفي الكل " (أف 4: 6) إنه ثالوث ليس فقط في الاسم وبالكلام بل بالحق والواقع). وكان البابا أثناسيوس كثيرًا ما يسرد مثلًا على العلاقة بين الأقانيم الثلاثة ووحدتها وهو المثل المشهور لدى مدرسة ألإسكندرية عن النور الصادر من الشمس، فيظهر أن الولادة عند الإله تختلف عن الولادة البشرية. لأن الإله غير منظور.
ينحصر فكر القديس أثناسيوس عن اللوغوس في فكرة الخلاص فيؤكد بحرارة أن الإله وحدة يقدر أن يخلص الجنس الساقط (الاهتمام السوتيريولوجي) ويلخص ذلك في:
1 - ما كنا نخلص لو لم يصر الإله إنسانًا، فإن الإنسان في حاجة إلى الخالق ليخلص طبيعته الساقطة ويردها إلى أصلها، واهبًا إياها صورة الإله، ومصلحًا إياها من الفساد إلى عدم فساد، فيه تغلب البشرية الموت وتعاد خلقتها
2 - لما كان ابن الإله واحدًا مع الآب في الجوهر، قدم نفسه ذبيحة قادرة على الإيفاء بدين خطايانا وتحقيق العدالة والرحمة الإلهية في نفس الوقت.
3 - إنه الإله الغالب الشيطان ليس لأجل نفسه فقط وإنما لأجلنا جميعًا.
4 - بكونه الإله الحق أعاد لنا كرامتنا، واهبًا إيانا البنوة للآب فيه بالروح القدس.
وعن هذا المفهوم يقول القديس أثناسيوس: "صار إنسانًا لنصير نحن آلهة" [وإن كان يوجد ابن واحد بالطبيعة، ابن حقيقي وحيد الجنس، صرنا نحن أبناء بالطبيعة والحق بل بنعمته التي تدعونا، وإن كنا بشرًا على الأرض لكننا دعينا آلهة].
5 - التجسد قدمنا للإله، فالإله المتجسد يعلن الآب لنا، والآب يجذبنا نحو الابن " (يو17: 27 ؛ 6: 44).
1 -
يقول
البابا أثناسيوس: أن تجسد المسيح وموته ليس عارًا للإله بل
هما لمجده، صار سببًا لنعبده.
2 -
أما عن "وِحدة طبيعة المسيح" فقد ذكرها في عبارات متناهية الدقة
فقال: [بكونه ابن الإله بحق صار أيضًا في نفس الوقت "بكرًا بين
أخوة كثيرين" لذلك لم يكن ابن الإله قبل إبراهيم وغيره بعد
إبراهيم، ولا وجد واحد أقام لعازر وآخر سأل عنه، إنما هو بعينه
الذي كإنسان قال: "أين وضعتم لعازر؟!!" وبكونه الرب الإله أقامه،
هو بنفسه بكونه إنسانًا كإنسان تفل وبكونه إلهًا كابن للإله فتح
عيني المولود أعمى، وبينما - كما يقول بطرس (1 بط 4: 1) تألم
بالجسد فبكونه الإله فتح القبر وأقام الموتى.
3 -
أخذ ناسوتًا كاملًا: وقال
البابا أثناسيوس: (لم يأخذ المخلص جسدًا
بدون نفس، ولا بدون حواس أو عقل، فإنه لم يكن ممكنًا عندما صار
الرب إنسانًا لأجلنا، أن يكون جسده بلا عقل، وإلا ما كان الخلاص
الذي قدمه الكلمة نفسه خاصًا بالنفس أيضًا مع الجسد).
4 -
اللوغوس (الكلمة) ليس أداة خارجية لتحقيق الخلقة، فإن الإله ليس في
عوز إلى أداة للخلق أو حتى للخلاص، اللوغوس هو واحد مع الآب في
الجوهر. "فلو أن الجوهر الإلهي غير مثمر بل عقيم كما يقولون،
يكون كنور لا يضئ، وكينبوع جاف، أما يخجلون من هذا القول عن طاقته
العاملة؟!"
الروح القدس في الفكر الأريوسي هو مخلوق وأقل من اللوغوس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فقام البابا أثناسيوس بالكتابة عن الروح القدس أربع رسائل ردًا على معتقدات الأريوسيين الخاطئة وقد أرسل هذه الرسائل إلى الأسقف سيرابيون، وقد أوضح فيها أن لاهوت الروح القدس هو بعينه كلاهوت المسيح، فيلزم أن يكون الروح القدس هو روح الإله، فلو كان مخلوقًا ما كنا ننال شركه مع الرب فيه:
1 - يقول البابا أثناسيوس: [إن كنا بشركة الروح صرنا "شركاء طبيعته الإلهية" (2 بط 1: 4).]
2 - يحدد البابا أثناسيوس أن الروح القدس منبثق من الآب.
3 - يعلن البابا أثناسيوس عمل الروح القدس في حياتنا، إنه يسوع التقديس الحقيقي، به نتقبل المسحة والختم لنكون شركاء المسيح، شركاء الطبيعة الإلهية، خلال المعمودية والمسحة ننعم بالعضوية في الكنيسة به.
والروح القدس هو الذي يعين الأساقفة ليرعوا قطيع الرب.
ومن هنا نعرض لك شرحًا أكثر وضوحًا عن إيمان القديس أثناسيوس بالثالوث القدوس وكيف شرحه لنا..
لقد كانت عبارة "الثالوث" هي الكلمة الأولى عند القديس أثناسيوس، بل نقطة البدء التي عرفها بأنها [قاعدة وأساس إيمان الكنيسة] SERI, P.G. 26,59C. ولهذا دافع عن تعليم الثالوث كأساس وركيزة لللاهوت وعمقه، كثيرًا.
كما كانت المقولة الحاسمة في تعليم القديس أثناسيوس اللاهوتي أن: [اللاهوت يكمل في الثالوث، وهذه هي فقط " التقوى الحقيقية "، بل هذا هو "الصلاح والحق"] CARI, P.G. 26,49A. وكان تعريفه للتقوى من خلال اليهودية، أما إشارته إلى الصلاح والحق فتضمن موقف الفلسفة الهللينية.
ويؤكد قديسنا أن هذا التعليم هو: [الإيمان الذي أعطاه الرب نفسه والذي كرز به الرسل، وحفظه الآباء] وذلك الإيمان الذي عليه قد بُنيت الكنيسة.
وفي رسالته إلى الأسقف سرابيون يعلن القديس أثناسيوس أن: [الرب يسوع المسيح نفسه علّم تلاميذه كمال الثالوث القدوس القائم بلا انقسام في اللاهوت الواحد] SERI, P.G. 26,60CD.
[إذن يوجد ثالوث قدوس وكامل نعترف بلاهوته في الآب والابن والروح القدس، وليس فيه شيء غريب أو خارج عن طبيعته، ولا يتكون من خالق ومخلوق، ولكن الكل يبنى ويخلق، جوهره بسيط وغير منقسم وعمله واحد..
فالآب يصنع كل شيء بالكلمة في الروح القدس وهكذا تحفظ وحدة الثالوث القدوس سالمة..وليس بأقل من هؤلاء الثلاثة تعتقد الكنيسة الجامعة..
ودعهم يفهمون كيف أن الرب حينما أرسل الرسل أوصاهم أن يضعوا هذا الأساس للكنيسة قائلًا: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت19:28)] (الرسالة الأولى إلى سرابيون 28).
[كما أن الإيمان بالثالوث المُسلم إلينا يجعلنا متحدين بالله، وكما أن من يستبعد أي واحد من الثالوث، ويعتمد باسم الآب وحده أو باسم الابن وحده، أو باسم الآب والابن بدون الروح القدس لا ينال شيئًا، بل يظل طقس المعمودية الذي به يتم الانضمام إلى الكنيسة غير فعال وغير مكتمل، سواء كان بالنسبة إلى الشخص المُعمّد أو الذي يدعى أنه يضمه، (لأن طقس الاكتمال هو بالثالوث)، هكذا كل من يفصل الابن عن الآب أو من ينزل الروح إلى مستوى المخلوقات، فليس له الآب ولا الابن بل هو بدون إله، وهو أشر من غير المؤمن، ويمكن أن يكون أي شيء، إلاّ أن يكون مسيحيًا] (الرسالة الأولى إلى سرابيون 30).
["يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد" (عب8:13)، باق بلا تغيير، وهو نفسه المعطى والآخذ، المعطى باعتباره كلمة الله، والآخذ باعتباره الإنسان حينما يُقال الآن، بشريًا، أنه مُسح، فنكون نحن الممسوحين فيه. ولما تعمد فنحن الذين اعتمدنا فيه] (ضد الآريوسيين48:1).
[هو الروح الذي في الله، وليس نحن من أنفسنا. وكما نحن أبناء وآلهة بسبب الكلمة الذي فينا، هكذا في الابن وفي الآب سنكون، وسنُحسب في الابن وفي الآب لنصير واحدًا بسبب أن الذي فينا هو الروح، الذي هو في الكلمة الكائن في الآب] (ضد الآريوسيين 25:3).
[لأنهم لا يستطيعون أن يصيروا أبناء بسبب كونهم بالطبيعة مخلوقات، ما لم ينالوا روح الابن الحقيقي الكائن بالطبيعة. لذلك ولكي يصير هذا فإن " الكلمة صار جسدًا "، لكي يجعل الإنسان قادرًا على تقبل الألوهية.. نحن لسنا أبناء بالطبيعة، بل الابن الذي فينا، والله ليس أبانا بالطبيعة، بل هو أب الكلمة الذي فينا، هذا الذي فيه وبسببه نصرخ يا أبا الآب. وبنفس الطريقة أيضًا بالنسبة للآب، فالذين يرى هو فيهم ابنه فهؤلاء يدعوهم أبناء] (ضد الآريوسيين 59:2).
[حيث يكون الآب فهناك يكون الابن، وحيث النور فهناك بهاؤه. وما يعمله الآب فهو بواسطة الابن يعمله. والرب نفسه يقول " كل ما أرى الآب يعمل، فهذا أنا أعمله أيضًا " فحينما تمنح المعمودية، فالذي يعمده الآب، فهذا يعمده الابن أيضًا، والذي يعمده الابن فهو يتكمل (يتقدس) في الروح القدس] (ضد الآريوسيين 41:2).
[وهو (أي المسيح) إذ أراد أن يكون أبوه أبانا، فلا يصح أن نضع أنفسنا موضع الابن بالطبيعة، لأن ما نقوله (أننا أبناء) فهذا بسببه. لأنه لما حمل الكلمة جسدنا وصار فينا، فبسبب الكلمة الذي فينا يُقال بالتبعية أن الله أبونا. لأن روح الكلمة الذي فينا يسمى أباه (أي أبا الكلمة)، من خلاله، أبانا، وهذا هو فكر الرسول حينما يقول: " أرسل الله روح ابنه إلى قلوبنا صارخًا يا أبا الآب " (غلا6:4)] (رسالته عن مجمع نيقية31).
[من ذا يتحدكم بالله، إن لم يكن لكم روح الله نفسه، بل لكم روح ينتمي للخليقة (كما يدعى الهراطقة على الروح القدس)؟] (إلى سرابيون29:1).
[فلو كان الروح القدس مخلوقًا، لما صارت لنا شركة الله فيه. ولو كنا حقًا متصلين بمخلوق، لأصبحنا غرباء عن الطبيعة الإلهية لأننا لم نشترك فيه.
ولكن بالنظر إلى هذه الحقيقة وهي أننا دعينا شركاء المسيح وشركاء الله يتبين أن المسحة والختم الذي فينا لا ينتمي إلى طبيعة الأشياء ذات البداية، بل إلى طبيعة الابن الذي يتحدنا بالآب بالروح القدس الذي فيه..
وإن كنا بالاشتراك في الروح القدس نصبح " شركاء الطبيعة الإلهية "، فمن الجنون أن الروح القدس ذو طبيعة مخلوقة لا طبيعة الله. لهذا فالذين فيهم الروح القدس هؤلاء يؤلّهون Qeopoiountai. وإن كان الروح القدس يؤلّهنا Qeopoiei فلا شك في أن طبيعته هي طبيعة الله] (الرسالة الأولى إلى سرابيون 24:1).
[هناك تقديس واحد يصير من الآب بالابن في الروح القدس] (الرسالة الأولى إلى سرابيون 20:1).
[كما أن الابن الكلمة الحي واحد، هكذا فإن القوة الحية والهبة التي بها يُقدس وينير، ينبغي أن تكون واحدة كاملة تامة، وهي نفسها التي قيل أنها منبثقة من الآب لأنها تشرق بواسطة الكلمة المعترف بأنه من الآب. وهي المرسلة والمعطاة منه.] (الرسالة الأولى إلى سرابيون 20).
[فلكي يتمم (الروح) فيه (أي في الابن) كل "ثيؤلوجيا" (أي كل التعليم عن الله)، وكل تكميلنا (أي تكميل انضمامنا للكنيسة) الذي فيه يتحدنا بنفسه، وبواسطته يتحدنا بالآب، أوصى تلاميذه: "اذهبوا وتلمذوا كل الأمم (التعليم للموعوظين = الثيؤلوجيا) وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (مت19:28)] (إلى سرابيون6:1).
[الإيمان الرسولي ليس كذلك (أي ليس كما يدعى محاربو الروح القدس). لأن الثالوث القدوس المبارك لا يفترق، وهو واحد في ذاته، وحيثما ذُكر الآب فإن كلمته يكون حاضرًا والروح الذي في الابن. وإذا دُعي الابن فيكون الآب في الابن والروح ليس خارج الكلمة لأن واحدة هي النعمة التي من الآب بالابن في الروح القدس] (سرابيون14:1).
[+ عمل الثالوث واحد، وما يُوهب فهو يُوهب في الثالوث لأن الكل هو من الله الواحد.
+ لا يوجد شيء لم يُخلق ولم يُصنع بالابن في الروح القدس.
+ التبرير هو " باسم ربنا يسوع المسيح وروح إلهنا " (1كو11:6) لأن الروح غير مفترق عن الكلمة.
+ عندما يقول " سنأتي أنا والآب " (يو23:14)، فإن الروح يحل معهما، ليس بكيفية مختلفة عن الابن الساكن فينا.] (إلى سرابيون31:1).
[كما قال الابن: "كل ما للآب هو لي" (يو15:16)، هكذا سنجد أن كل هذه الأشياء (المُعبّر عنها بكلمة "ما للآب") هي بالابن في الروح القدس. وكما أوضح الآب عن الابن قائلًا " هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت " (مت17:3)، هكذا الروح أيضًا هو روح الابن. يقول الرسول: "أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخًا يا أبا الآب" (غل6:4)] (إلى سرابيون1:3).
[الروح القدس ليس خارجًا عن الكلمة، بل لأنه في الكلمة فإنه في الله بالكلمة، وهكذا تمنح المواهب الروحية في الثالوث] (إلى سرابيون5:3).
[+ المغبوط بولس إذ عرف وحدة الثالوث علّم بأن كل: (المواهب الروحية) يصير صنعها في الآب الواحد قائلًا: " أنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد، وأنواع خدم موجودة ولكن الرب (يسوع المسيح) واحد، وأنواع أعمال موجودة ولكن الله (الآب) واحد الذي يعمل الكل في الكل " (1كو4:12-6).
+ فالمواهب التي يقسمها الروح القدس لكل واحد تمنح من الآب بالكلمة، لأن كل ما للآب هو للابن أيضًا] (إلى سرابيون30:1).
يؤكد القديس أثناسيوس على الثالوث الأزلي موضحًا أن لاهوتنا الذي نؤمن به لاهوت ثالوثي، يقرر أن كل أقنوم من أقانيم الثالوث إله كامل، والأقانيم الثلاثة إله واحد وليسوا ثلاثة آلهة: [بل لاهوت واحد أزلي في الثالوث ومجد واحد للثالوث] (ضد الآريوسيين 18:1) وذلك في مواجهة ذلك الفكر الآريوسي الذي يخضع لمقاييس وأبعاد الزمن فيصير ثالوثًا ناقصًا يخضع لمعايير التدني والتبعية.
وقد كانت أكثر المنازعات بين القديس أثناسيوس الرسولي وآريوس حول التعليم الخاص بأزلية الابن، فكان آريوس منحصرًا في البنوة بمعنى الصيرورة والمخلوقية، بينما القديس أثناسيوس كان يحاجج بأن الكتاب المقدس يميز تمامًا بين الميلاد generation والخلق creation فالمولود ميلادًا إلهيًا مولود بالطبيعة، بينما المخلوق قد خُلق من العدم.
لما كانت الطبيعة الإلهية أزلية فإن الميلاد الإلهي وجب أن يكون إلهيًا، أما الميلاد البشرى فلا يمكن أن يحدث إلاّ في الزمن، حيث إن الطبيعة البشرية قد خًلقت وتوجد، والطبيعة البشرية يحكمها المكان أيضًا لأنها توجد في مكان ولها مظهر جسماني محدود، لكن الكيان الإلهي غير جسداني وبسيط لا يحده زمان ولا مكان، وهو غير مدرك ومن ثم فكيفية الميلاد الأزلي هي غير مدركة أيضًا، ودفاع الكنيسة عن الميلاد الأزلي للابن دفاع قد تسلمته من الرب نفسه من خلال رسله القديسين. ففي الرسالة الثانية ضد الآريوسيين 58 يقول القديس أثناسيوس [هكذا فإن الكتاب الإلهي يفرق بين ميلاد الابن وبين خلق الأشياء ويوضح أن المولود هو ابن ليس مبتدئًا من أية بداية، بل هو أزلي. أما الشيء المخلوق فلأنه من عمل الذي خلقه من الخارج، فهذا يشير إلى أن له بداية خلق. ويوحنا عندما سلمنا التعليم الإلهي عن ألوهية الابن، ويعرف الفرق بين اللفظين، فلم يقل "في البدء قد صار" أو "في البدء قد خلق" بل قال "في البدء كان الكلمة"، فكلمة "كان" تتضمن "المولود" لكي لا يظن أحد أن هناك فرقًا زمنيًا (يفصله عن الآب)، وحتى نؤمن أن الابن أزلي وموجود دائمًا..]
وقد كان إنكار آريوس للاهوت الابن يتضمن أيضًا وبالتبعية إنكار الثالوث، الذي لا يقل أبدًا عن الإلحاد ونكران الله، لأن لاهوت الثالوث هو الحق (The Theology of the Trinity is the Truth) (إلى سرابيون5:2).
وفي الفقرة الأولى من رسالته الأولى إلى القديس سرابيون يقول:
[كما أن الآريوسيين بإنكارهم الابن ينكرون الآب أيضًا، هكذا هؤلاء (المبتدعون مقاوموا الروح القدس)، فإنهم إذ يجدفون على الروح القدس فإنهم يجدفون على الابن أيضًا.
وهكذا فإن الفريقين قد اقتسما فيما بينهما مقاومة الحق، فإذا كان فريق منهما يقاوم الكلمة والفريق الآخر يقاوم الروح القدس، فإن كلاهما يجدف نفس التجديف على الثالوث القدوس](1).
_____
(1) هذا المقال بأجزائه عن مقال للدكتور وهيب قزمان.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/patristic-trinitarian/athanasius.html
تقصير الرابط:
tak.la/6wrcdxk