St-Takla.org  >   books  >   fr-botros-elbaramosy  >   ebooks  >   patriotic-copts
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الأقباط: وطنية وتسامح ديني عبر العصور - الراهب القمص بطرس البراموسي

20- تادرس شنودة المنقبادي

 

St-Takla.org Image: Tadros Shenouda Al-Manqabady (1857-1932) (image 2). صورة في موقع الأنبا تكلا: صور تادرس شنودة المنقبادي (صورة 2).

St-Takla.org Image: Tadros Shenouda Al-Manqabady (1857-1932) (image 2).

صورة في موقع الأنبا تكلا: صور تادرس شنودة المنقبادي (صورة 2).

1- تادرس شنودة المنقبادي (1857-1932)

 

- ولد تادرس شنودة المنقبادي في اسيوط سنة 1857م وفي سنة 1865 التحق بكُتاب العريف "دوس ابو عبده" بأسيوط، حيث تعلم مبادئ القراءة والكتابة العربية واللغة القبطية، وحفظ المزامير ومبادئ الحساب.

- وحين بلغ العاشرة من عمره رسمه الأنبا مكاريوس الكبير مطران اسيوط في ذلك الوقت شماسًا على كنيستها الكبرى وفرض عليه حفظ صلوات القداس وترانيم الكنيسة باللغة القبطية. وفي سنة 1869م قُدم إلى اسيوط البطريرك الأنبا ديمتريوس الثاني البطريرك 111 (1862-1870) موفدًا بأمر الخديوي اسماعيل لإنشاء مدارس خاصة لأبناء الأقباط الأرثوذكس حتى لا يلجأوا إلى مدارس الإرساليات الأجنية التي كان يخشاها الخديوي اسماعيل، فأسس البطريرك في مدينة اسيوط مدرسة منتظمة تحت إشراف مدير اسيوط التحق بها تادرس شنودة المنقبادي واخوته، وظل بها حوالي ثلاث سنوات وتركها سنة 1872م قبل أن يتمكن من تعلم اللغات الأجنبية والعلوم الكافية وذلك بسبب تدهور المدرسة وتحولها إلى كُتاب بسيط على أثر وفاة البطريرك الأنبا ديمتريوس الثاني البطريرك 111.

- كان والده شنودة ابراهيم يشتغل في الزراعة وفي التجارة مع السودان، أما عمه حنا ابراهيم المنقبادي فكان سكرتيرًا عامًا لمديرية عموم وجه قبلي من الروضة بالمنيا شمالًا إلى وادي حلفا جنوبًا في زمن محمد علي باشا. كما كان حفيدًا من عائلة المعلم مكرم عبد المسيح متعهد جباية وتحصيل ضرائب في منتصف القرن 18 للمنطقة مقر إقامته بلدة البياضية التابعة لمركز ملوي بمديرية اسيوط سابقًا وحاليًا تابعة لمحافظة المنيا.

- في يوليو عام 1874 عُين تادرس شنودة المنقبادي معاونًا لتفتيش أرمنت وظل بهذه الوظيفة ثلاث أشهر ثم تركها عند إلغاء الوظيفة. وفي مايو 1875م عُين معاونًا لمصلحة الانجرارية باسيوط بمرتب شهري 6 جنيهات ومصلحة الانجرارية هذه هي التي كانت مختصة بإدارة وابورات النيل التابعة للحكومة. وقد ظل في هذه الوظيفة أثناء الثورة العُرابية ولآخر ابريل 1884 حيث تركها لإلغاء الوظيفة. وقد كان موقفه الوطني إبان الثورة العرابية واضحًا ومدعمًا للبلاد، ساعيًا إلى توحيد الصف المصري حول كلمة واحدة تهدف إلى إصلاح شأن البلاد الداخلي والخارجي، نابذًا كل فتنة ومحاولة لشق الصف المصري الوطنى.

- بعد ذلك سافر إلى القاهرة ومكث بها شهرين تقريبًا واتفق مع "وهبي افندي تادرس" ناظر مدرسة الأقباط بحارة السقايين بمصر والذي صار فيما بعد "وهبي بك تادرس" ناظر مدرسة الأقباط الكبرى على أن يكون محررًا للجريدة المراد عملها، وحرر الأثنان عريضة إلى نظارة الداخلية يطلب التصريح لإنشاء تلك الجريدة، وكان نوبار باشا رئيسًا للوزراء وعبد القادر باشا حلمي ناظرًا للداخلية، ومحمود ياض بك نجل مراد باشا مديرًا للمطبوعات، وقد وسط الطالبان إلى كل منهم من يرجوه في إجابة ملتمس إصدار الجريدة ورغمًا عن ذلك رُفض الطلب أفهمهم نوبار باشا بأن الانجليز قرروا الا يزيدوا شيئًا على الجرائد العربية الموجودة بمصر في ذلك الوقت وكانت أغلبها في أيدي أشخاص غير مصريين.

ولم يكن للأقباط جريدة غير جريدة "الوطن" الأسبوعية لصاحبها ميخائيل عبد السيد وكانت هذه الجريدة مكروهة من الأقباط. ولما تادس شنودة المنقبادي في مسعى اصدار الجريدة طلب من وزارة الداخلية تعيينه معاونًا لمدينة أسيوط وفعلًا عُين في تلك الوظيفة في يونيو 1884م وظل بها حتى فبراير 1895م حيث استقال من خدمة الحكومة وسبب الإستقالة يرجع إلى خلو وظيفة مأمور مركز أسيوط وقد رُشح لها تادرس شنودة المنقبادي ولكن المستر "جورست" مستشار الداخلية الإنجليزي رفض ترقيته لتلك الوظيفة تمشيًا مع سياسة الاحتلال في تقليل عدد الأقباط بالمصالح الحكومية ومنعهم من المناصب الرئيسية والإنتصار للأغلبية المسلمة ضد الأقلية المسيحية قي مصرز وهذا يعكس علينا فهم دور المستعمر الأجنبي وما كان يسعى إليه من شق الوحدة بين طرفي الأمة المصرية ويرد على من يتهم الأقباط انهم كانوا يرحبون بالصليبيين والغربيين المسيحيين، فهؤلاء كان واقع ضررهم اكثر بكثير من اخوتهم في الوطن الواحد "المسلمين" وهذا ما يدعم دو الاقباطفي التسامح الديني عبر العصور المختلفة.

- وهذا الفعل كان يهدف إلى إثارة روح التعصب والبغضاء بين المسلمين والأقباط عملًا بسياسة "فرق تسُد"، وقد سافر تادرس شنودة إلى القاهرة وقابل مستر "جورست" مستشار الداخلية الإنجليزي وقدم له مذكرة طلب فيها معرفة السبب الحقيقي لعدم ترقيته، فإن كان الدين هو علة ذلك، فعلي ان أختار آحد الأمرين إما ترك الوظيفة أو ترك الدين بنفس، وكانت مقابلة عاصفة بعدها استقال تادرس شنودة المنقبادي من خدمة الحكومة نهائيًا واتجه لخدمة مصر بصفة عامة ولخدمة الأقباط بصفة خاصة عن طيق الصحافة والجمعيات الإجتماعية والخيرية طوال حياته حتى وفاته في اول ديسمبر 1932.

St-Takla.org Image: Tadros Shenouda Al-Manqabady (1857-1932) (image 1). صورة في موقع الأنبا تكلا: صور تادرس شنودة المنقبادي (صورة 1).

St-Takla.org Image: Tadros Shenouda Al-Manqabady (1857-1932) (image 1).

صورة في موقع الأنبا تكلا: صور تادرس شنودة المنقبادي (صورة 1).

- ولكي يتضح لنا من هذا المثل الناجح من الأقباط هوية الريادي في التسامح والوحدة الوطنية وخدمة بلاده ونبوغه وتقديمه لبلاده كل ما يملك من علم ومعرفة -كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى- فقد نجده شخصية وطنية فريدة، كافحت وتطلعت لمستقبل أجمل مما هو عليه، وسعيت ودأبت إلى تحقيق أهدافها السامية لخدمة الجميع، نجد انه في سنة 1878 أنشأ مع كبار أقباط أسيوط جمعية خيرية لإعانة الفقراء البائسين وإحياء شعائر الدين. وفي سنة 1884 أسس جمعية حفظ وإحياء التاريخ القبطي في أسيوط التي أحيت رأس السنة القبطية (عيد النيروز) ولمساعيه الخصوصية أصبحت الجرائد المصرية تذكر في رأس صفحاتها التاريخ القبطي، وهو الذي يعتمد علية المزارعين، وفي 1 سبتمبر 1884 أسس في أسيوط شركة مساهمة تعاونية اقتصادية باسم الشركة التجارية القبطية رأس مالها 1000 جنيه مصري مُقسمة إلى 1000 سهم قيمة كل سهم واحد جنيه يُدفع على 10 أشهر بواقع 10 قروش كل شهر.

وعملت الشركة المذكورة في مجال التجارة في الأشياء المنزلية وخصص عُشر أرباحها للأعمال الخيرية وتبقى من عُشر أرباحها في مُدة خمس سنوات مبلغ كبير وجهه لشراء عدد من الأطيان التي اشترتها الكنيسة باسم مدرسة الأقباط بأسيوط وإيرادها هومصدر الإنفاق على تلك المدرسة. وفي سنة 1886 سافر إلى سوهاج وجرجا واخميم حيث اسس في كل منها شركة من هذا النوع. كان أول من نادى بفكرة }مصر للمصريين{ واننا يجب أن نعتمد على أنفسنا في كل مشروعتنا وأمورنا.

- أثناء الثورة العرابية سنة 1882 كان معاونًا لوابورات النيل في أسيوط التي كانت نهاية الخط الحديدي من القاهرة. وعندما هاجر رئيسه الإنجليزي أثناء الثورة العرابية عمل تادرس شنودة المنقبادي بكل جهد وإخلاص على نقل العساكر والمؤن من الصعيد إلى جيش عرابي بالأسكندرية والقنال وكان يتلقى الأوامر الخاصة به من عرابي باشا رأسًا وقد تقدمت شكاوي عديدة لعرابي ضد الأقباط المشتغلين في هذه الوابورات النهرية، لكن تادرس شنودة بذل منتهى ما يملك من التدابير حتى خلص نفسه واخوانه من شر تلك الفتنة البغيضىة. وفي سنة 1889 خاطر بحياته لضبط معمل كبير لتزييف العملة المصرية في ناحية الأكراد التابعة لمركز ابنوب بمحافظة اسيوط، ورفض قبول المبالغ الطائلة التي عُرضت عليه بصفة الرشوة لإخلاء سبيل المزيفين. وقد كافأته الحكومة على ذلك بمبلغ كبير كنوع من التقدير والإحترام لما فعله.

- وفي سنة 190 ما كاد يعود من مرافقة الخديوي عباس حلمي في السودان حتى لفق له بعض الحاسدين تهمة كاذبة بأنه استحوذ اغتصابًا على 300 فدان في جهة الغرق بالفيوم. وتحايلوا على النائب العام وقتئذ حتى أمر بسجنه ظلمًا وعدوانًا. ولكن لما عُرضت التهمة على المحكمة ظهر تلفيقها حيث تبين انه اشترى تلك الأطيان بعقد حضوري امام قاضي البيوع الرسمية بمحكمة مصر المختلطة ودفع الثمن للبائع أمامه. بعد ان استوثق سعادة ابراهيم باشا فوزي وآخرين بصحة شخصية البائع وامتلاكه لما باع وذلك حكمت المحكمتان الابتدائية والاستئنافية بفساد الدعوة وتلفيقها وبراءة تادرس شنودة المنقبادي. فأصدر الخديوي أمره إثر ذلك بمنحه رتبة البكوية سنة 1903 ردًا لشرفه، كما تقرر عزل محمد صادق بك وكيل نيابة مصر من وظيفته لمأخذته على موقفه في القضية الملفقة الفاسدة.

- ثم انتُخب وكيلًا لمجتمع الإصلاح القبطي سنتي 1907، 1908 والذي ضم كبار الأقباط وكانت أهم مبادئه الدفاع عن حقوق الأقباط عامة، تعميم التعليم وترقية الشعور القبطي، توثيق تحري المحبة والإتحاد بين أبناء الأمة المصرية.

- ومن ضمن إنجازاته التي توضح نجاحه الدائم في العمل الوطني والكنسي هو إتفاقه مع السيدة (أ. ل. بوتشر) الأنجليزية على تأليف كتاب يبحث في تاريخ الأمة القبطية وكنيستها منذ بدء المسيحية حتى وقته، وفعلًا قامت السيدة بوتشر بعمل هذا البحث في أجزاء باسم كتاب "تاريخ الأمة القبطية" وقام الأستاذ اسكندر تادرس المترجم بوزارة الداخلية بترجمته.

- كما أسس جريدة مصر اليومية سنة 1895 والتي ظلت تصدر حتى سنة 1966 وكانت تنشر مطالب ورأي الأقباط في المسائل العامة والطائفية وتدعو لإلغاء التعصب ووحدة أبناء الأمة وكانت مجالًا لكبار الكتاب الأقباط والمسلمين.

- ثم أسس سنة 1899 مجلة "النور" الأسبوعية والتي استمرت حوالي 3 سنوات وكانت مجالًا للشئون الإسلامية والسياسية وكانت توزع مجانًا على طلبة المدرسة الأكليريكية.

- ومما سبق التنويه إليه نجد ان هذه الشخصية تمثل الشخصية القبطية الناجحة التي وقفت صامدة امام الصعاب تتحدى وتطالب بحقوقها وتسعى دائمًا إلى الأمام وتقف حائلًا ضد أي فتنة بين النسيج الواحد، وسيرة حياته تمتلئ من الدروس المستفادة لشباب الأقباط الذين يتعثرون في نجاحهم، ولقصر بالهم وعدم مثابرتهم تتحطم أمالهم بسهولة دون صمود أو مثابرة أو إجنهاد أو إستمرارية في السير نحو الأمام.

- التحديات المجتمعية كثيرة جدًا وكما نراها هي على مر العصور والأزمان ومع كل الحكام والمسئولين حتى مع المحتلين الأجانب.

- فهل يكون لنا مثلًا يُحتذى به لكي نمضي إلى الأمام قُدمًا في طريق نجاحنا وتفوقنا؟


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/patriotic-copts/tadros-shenouda-almankabady.html

تقصير الرابط:
tak.la/kms75c9