St-Takla.org  >   books  >   fr-botros-elbaramosy  >   ebooks  >   nicea-church
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الكنيسة ومجمع نيقية - الراهب القمص بطرس البراموسي

20- بداية الحياة النسكية في مصر | جماعة الثرابيوتي

 

ثالثا: مصر:

* مما لا شك فيه أن طبيعة مصر الجغرافية كان لها تأثيرًا قويًا على إزدهار الحياة النسكية، فسماؤها الصافية وفضائها الشاسع بصحرائها القريبة من أي شخص يريد اعتزال العالم، حيث سكونها العميق يساعد الإنسان على تركيز أفكاره ومشاعره ووجدانه في الله، وأن يخلو إليه ويخشع أمامه. لذلك هرب إليها كل من شغله التعمق في أمور الدين. فمنذ القدم علمنا بأنه كانت هناك ممارسات نسكية صارمة وإن كانت في إطار وثنى إلى أن جاءت المسيحية فأدخلت معها الروح النسكية الصحيحة والتي تجسدت في شخص المخلص يسوع المسيح المؤسس الآول والفعلى لها. ولذلك وجدنا أفرادًا وجماعات تمارس الحياة النسكية فيها ببراعة وتلقائية سامية، مثل:

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Alexandria map (Muḥāfẓet El Eskenderiya, Iskandareya) - Governorates of Egypt صورة في موقع الأنبا تكلا: خريطة الإسكندرية - محافظات مصر

St-Takla.org Image: Alexandria map (Muḥāfẓet El Eskenderiya, Iskandareya) - Governorates of Egypt

صورة في موقع الأنبا تكلا: خريطة الإسكندرية - محافظات مصر

جماعة الثرابيوتي Therapeutae:

* لقد وصلت إلينا قصة حياتهم بصورة شبه تفصيلية، بقلم الفيلسوف السكندرى اليهودى الشهير فيلوPhilo (20ق.م – 50م) في كتابه De vita contemplative عن حياة جماعة زاهدة ناسكة اسمها ثرابيوتى، كانت تعيش في مكان بالقرب من مدينة الاسكندرية حول بحيرة مريوط، مكونه من رجال ونساء.

* وتعنى كلمة ثرابيوتى "أطباء" أو "عبادة الله" وهي كلمة يونانية الأصل، أما النساء في هذه الجماعة فيلقبن بTherapeutrides وتعنى "طبيبات" وهن جميعًا من العذارى ولقد علل فيللوسبب هذه التسمية بأنهم: كانوا يعالجون ويشفون نفوس الذين كانوا يأتون إليهم باسعافهم – كأطباء – وإنقاذهم من الشهوات الفاسدة.

* وعن شروط الالتحاق وأماكن تواجدهم، فيبدأون طريقة الحياة الفلسفية هذه، يتنازلون عن كل ممتلكاتهم لأقاربهم، وبعد أن ينبذوا كل اهتمامات الحياة، يخرجون من المدن ويقطنون الحقول الموحشة والحدائق. عالمين تمامًا أن الاختلاط بمن يختلفون عنهم في المشارب، عديم الجدوى ومُضر.. وفي كل مكان في العالم يوجد هؤلاء لأنه لائقًا أن يشترك اليونانيون والبرابرة فيما هو خير محض. على أنهم يكثرون في مصر بنوع أخص، وفي كل مديرياتها، لا سيما نواحى الاسكندرية... وأصبح أفاضل الناس من كل ناحية يهاجرون إلى مستعمرة الأطباء، التي تتمتع بموقع مناسب جدًا يشرف على بحيرة مريوط، فوق تل منخفض ممتاز الموقع بسبب توفر الأمن فيه وجودة مناخه.

* ويوجد في مساكنهم الخاصة مكان مقدس "حجرة داخلية" يدعى قدسًا، حيث يؤدون فيه أسرار الحياة الدينية في عُزلة تامة، وهم لا يدخلون إليه أي شيء من الطعام أو الشراب، ولا أي شيء يتصل بحاجيات الجسد، بل الشرائع فقط وأقوال الأنبياء الحية والترانيم وغيرها مما يساعد على كمال معرفتهم وتقواهم.

* وتعتبر الفترة من الصباح إلى المساء هي وقت الرياضة "الروحية" لهم، لأنهم يقرأون الكتب المقدسة ويفسرون فلسفة آبائهم بطريقة رمزية، معتبرين الكلمة المكتوبة رموزًا لحقائق خفية أُعطيت في صور غامضة. ولديهم أيضًا كتابات القدماء من مؤسسي جماعتهم الذين تركوا أثارًا كثيرة رمزية، وهؤلاء يتخذون قدوة لهم ويقلدون مبادئهم. وهكذا لا يقضون وقتهم في التأملات فحسب، بل أيضًا يؤلفون الأغانى والترانيم بكل الأوزان والألحان ولو أنهم يقسمونها بطبيعة الحال إلى مقاييس مختلفة.

* وقد وضعوا الاعتدال كنوع من الأساس في النفس، لذلك هم يبنون الفضائل الأخرى فوقه، ولا يتناول أحدهم طعامًا أو شرابًا قبل غروب الشمس، لأنهم يعتبرون التفلسف كعمل، خليق بالنور. أما الاهتمام بحاجيات الجسد فلا يتفق إلا مع الظلام، لذلك يخصصون النهار للأول، أما الثاني فيخصصون له جزءًا من الليل... على أنه يوجد بعضًا منهم – تتقد فيهم رغبة نحو المعرفة – ينسون أن يأخذوا طعامًا مدة ثلاثة أيام. وهناك آخرون يتلذذون بالحكمة ويلتهمونها إلتهامًا، تلك الحكمة المفعمة بالتعاليم بلا حد، حتى أنهم يحجمون عن الطعام مدة ستة أيام.

* وأغلب نساؤهم كن عذارى متقدمات في السن حفظن عفافهن، لا عن اضطرار كبعض الكاهنات الوثنيات، بل باختيارهن مدفوعات بالغيرة والحكمة. وفي رغبتهن الملحة للتمسك بالحكمة كرفيق لهن لم يوجهن أي اهتمام لملذات الجسد، طالبات لا النسل الفانى بل غير الفانى الذي تستطيع النفس التقية وحدها حمله من تلقاء ذاتها.

* إنضمامهم للجماعة المسيحية الأم بعد بشارة الرسول مرقس في مصر، وقد علمهم الطريق السليم للحياة المسيحية والنسكية، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وخصوصًا أن الحياة النسكية كانت الطريق المحبوب للقديس مرقس حتى دعاه يوسابيوس وإيرونيموس وغيرهم أنه أول النساك أو رئيسهم الأول، وزاد عددهم وعرف فضلهم وملأوا براري مصر والصعيد وعنهم أخذت الطريقة الرهبانية، وهذا ما حدث للقديس أبولس السكندرى الذي يقال أنه كان الرئيس الروحي لهذه الجماعة، الذي كان خبيرًا في طريق الرب، ومقتدرًا في الكتب، ومؤمنًا بالمسيح لكنه لا يعرف الكثير عن العقائد المسيحية، وعندما تقابل مع أكيلا وبريسكلا علماه طريق الرب بأكثر تدقيق، لذلك عندما تقابل مع القديس بولس رافقه ولم يتركه وصار له تلميذًا خاصًا.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/nicea-church/asceticism-egypt.html

تقصير الرابط:
tak.la/ckd6ap4