رابعًا: آسيا الصغري:
* ولمعرفة الروح النسكية لهذا الآب المعلم، توضحه ما جاء في رسالته إلى كنيسة فيلبى: ينصح الشباب والعذارى محرضًا إياهم لاقتناء حياة الطهارة والتجرد والطاعة فيقول: ليكن الشباب أيضًا بلا لوم في كل شيء، وليحافظوا على الطهارة ويلجموا نفوسهم عن كل شر، جيد أن نقطع شهوات العالم، لأن الشهوات الجسدية تحارب النفس، فلا الزناه ولا المسترخين ولا مضاجعوا الرجال يرثون الملكوت السماوي... يجب أن تبتعدوا عن كل هذه الأمور مطيعين للمتقدمين والشمامسة، كخضوعكم للرب وليسوع. على العذارى أن يسلكن بلا عيب وبضمير نقى.
* ثم يأمرهم بالابتعاد عن التعاليم المخالفة لروح الآباء، وأن يواظبوا على الصلاة والأصوام فيقول:" هكذا يجب أن نترك الخطب البطالة والتعاليم الخداعة ولنعد إلى التعليم الذي نُقل إلينا منذ البدء. لنكن يقظين في الصلاة والصيامات ولنطلب من الله الذي يرى الكل أن لا يدخلنا في تجربة، لأن الرب قال الروح يقظ أما الجسد فضعيف.
* القديسة إيرينى ابنة حاكم وثنى يسمى ليكينيوس، وكانت فريدة في جمالها الطبيعى. ولمحبة والدها لها بنى لها قصرًا حصينًا، وجعل معها ثلاثة عشر جارية لخدمتها، والسهر على حراستها، حفظًا لها مما يُفسد بهاء شرف عائلتها. وكان عمرها وقتئذ ست سنوات، وقد ترك لها بعض التماثيل لتسجد لها وتعبدها، وعين لها شيخًا معلمًا حكيمًا لتعليمها.
* وحدث أن رأت القديسة في رؤيا، حمامة وفي فمها ورقة زيتون نزلت ووضعتها على المائدة أمامها، ثم هبط نسر ومعه أكليل وضعه على المائدة، بعد ذلك جاء غراب ومعه ثعبان ووضعه على المائدة فجذعت من هذه الرؤيا وقصتها على المعلم الذي كان مسيحيًا دون أن يعرف والدها ذلك، فأجابها، إن الحمامة هي تعاليم الناموس. وورقة الزيتون هي المعمودية، والنسر هو الغلبة، والإكليل هو مجد القديسين، والغراب هو الملك، والثعبان هو الاضطهاد، وختم قوله بأنه لابد لها أن تُجاهد في سبيل الإيمان بالسيد المسيح.
* زارها والدها ذات يوم، وعرض عليها الزواج من أحد أولاد الأمراء، فطلبت منه مُهلة ثلاثة أيام لتفكر في الأمر. ولما تركها أبوها دخلت إلى التماثيل، وطلبت منها أن ترشدها إلى ما فيه خيرها، فلم تُجيبها!!... فرفعت عينيها إلى السماء وقالت " يا إله المسيحيين اهدنى إلى ما يُرضيك".فظهر لها ملاك الرب وقال لها " سيأتيك غدًا أحد تلاميذ بولس الرسول ويُعلمك ما يلزم ويُعمدك "، وفي الغد أتاها القديس تيموثاوس الرسول، وعلمها أسرار الديانة وعمدها، فنذرت بتوليتها وشغفت بمحبة الله.
* ولما علم أبوها بذلك استحضرها... وإذ تحقق منها اعترافها بالسيد المسيح،أمر بربطها في ذنب حصان جموح ثم أطلقه. غير أن الله حفظها فلم ينلها أذى، بل أن الحصان نفسه عاد وقبض بفمه على ذراع والدها وطرحه على الأرض فسقط ميتًا. وبصلاة ابنته القديسة قام حيًا، وآمن هو وامرأته وثلاثة آلاف نفس، ونالوا سر العماد المقدس.
* وقد شرف الله هذه القديسة بصنع آيات كثيرة أمام ولاة وملوك حتى آمن بسببها كثيرون ولما أكملت جهادها تنيحت بسلام بعد حياة نسكية عالية. كما قال آخرون أن الوالى الرومانى اميليانوس عندما علم بأمرها، قبض عليها وأذاقها أمر العذابات. ولما رآها ثانية في إيمانها، أمر بقطع رأسها، فنالت إكليل الشهادة في القرن الأول المسيحي. وقد شيد قسطنطين الملك ومن بعده الكنائس الفخمة على أسمها في القسطنطينية.
* وتعيد لها الكنيسة القبطية في اليوم الحادى والعشرين من شهر مسرى.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-botros-elbaramosy/ebooks/nicea-church/asceticism-asia-minor.html
تقصير الرابط:
tak.la/kan92f8