St-Takla.org  >   books  >   fr-bishoy-fayek  >   question-2
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب عندي سؤال (الجزء الثاني) - القس بيشوي فايق

17- يشكك البعض في السلام، والفرح الداخلي الذي يتمتع به المؤمنون ويتساءلون: لماذا لا يكون ذلك وهمًا، وإيحاء صنعوه لأنفسهم؟

 

السؤال السابع عشر

يشكك البعض في السلام، والفرح الداخلي الذي يتمتع به المؤمنون ويتساءلون: لماذا لا يكون ذلك وهمًا، وإيحاء صنعوه لأنفسهم؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإجابة:

إن الدليل والإثبات على وجود غير المرئي هو قوة تأثيره في المحيط الموجود فيه. إن قوة الحياة السماوية التي يعيشها أولاد الله (القطيع الصغير) خير شاهد على صدق إيماننا الحق. وإن فرح أولاد الله القديسين، وثباتهم في المسيح لا تفسير له غير قوة الإيمان بالله. ولكننا سنشرح ذلك مؤيدًا بالأدلة في النقاط التالية.

 

أولًا: ما بين الحقيقة، والوهم (الخيال):

 

الفرق شاسع بين الحقيقة والخيال:

الفرق بين الحقيقة والوهم شاسع جدًا، فالوهم خيال، لا وجود له في الحقيقة، ومَن ينجح في إقناع نفسه بوجود شيء لا وجود له لن ينجح في البناء على هذا الشيء؛ لأنه غير موجود أصلًا. وكتابنا المقدس يذكر عن أولاد سكاوا أحد كهنة اليهود: أنهم توهموا المقدرة على إخراج الشياطين، ولما حاولوا ذلك بالقسم على الروح النجس باسم الرب يسوع استهتر بهم الشيطان وسخر منهم وقوي عليهم قائلًا لهم: "...:«أَمَّا يَسُوعُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ، وَبُولُسُ أَنَا أَعْلَمُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَمَنْ أَنْتُمْ؟» فَوَثَبَ عَلَيْهِمُ الإِنْسَانُ الَّذِي كَانَ فِيهِ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ، وَغَلَبَهُمْ وَقَوِيَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى هَرَبُوا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ عُرَاةً وَمُجَرَّحِينَ. وَصَارَ هذَا مَعْلُومًا عِنْدَ جَمِيعِ الْيَهُودِ" (أع19: 15- 17).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثانيًا: إيمان مبني على الصخر:

 

إيماننا أساسه الحقيقة لا أساطير:

إيماننا المسيحي بُنِيَ على حقائق، وليس على أساطير أو خيال. فقد تجد في الديانات القديمة آلهة أسطورية، لا وجود لها في الحقيقة كـ(إيزيس،... وأوزوريس.،.. ورع،... وآمون،... وحتحور،... و...، و...،). يبني أصحاب هذه الديانات معتقداتهم علي هذه الأساطير. أما مسيحيتنا فأساسها إلهنا الرب يسوع الذي صار إنسانًا، وسجل له التاريخ شهادة ميلاده، وعاش وسط الناس، وعَلَّمَ وعَمِلَ المعجزات، وأَنبأَ تلاميذه بما سيكون، وشهد وأجمع المؤرخون بحقيقة وجوده في فترة تجسده على الأرض، وحتى الآن تشهد وصاياه وتعاليمه لنعمته وقدرته. لقد دافع معلمنا بولس الرسول عن اتهام فستوس الوالي له بالهذيان موضحًا له بأنه يبشر بحقائق حدثت بطريقة علنية أمام الجموع الغفيرة، قائلًا له: "فَقَالَ:«لَسْتُ أَهْذِي أَيُّهَا الْعَزِيزُ فَسْتُوسُ، بَلْ أَنْطِقُ بِكَلِمَاتِ الصِّدْقِ وَالصَّحْوِ. لأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ، عَالِمٌ الْمَلِكُ الَّذِي أُكَلِّمُهُ جِهَارًا، إِذْ أَنَا لَسْتُ أُصَدِّقُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ، لأَنَّ هذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي زَاوِيَةٍ." (أع26: 25- 26).

 

قوة روح الله القدوس العامل فينا هي برهان إيماننا:

الروح القدس غير مرئي، لأنه روح، لكنه ذو قوة وتأثير لذا يمكن إدراكه، ومعروف أن أي قوة لها تأثيرها ومفعولها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وقد شرح الرب لنيقوديموس ضرورة الولادة من الماء والروح القدس، والذي شبهه الرب في قوته بالريح الذي لا يُرى، لكن مفعوله ملموس قائلًا له: "اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ، وَتَسْمَعُ صَوْتَهَا، لكِنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تَأْتِي وَلاَ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ. هكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ الرُّوحِ». (يو3: 8). فإن كان روح الله يعمل فينا بقوة، ويَظهرُ تأثيره في حياة المؤمنين، فالأمر إذًا حقيقي لا خيال ، ونحن لا نُوهِمُ أنفسنا. إن الحياة من حولنا تُعطِينا الكثير من الأمثلة المشابهة لذلك، فعلى سبيل المثال: من منا ينكر وجود الطاقة الكهربائية التي تسري في أسلاك الكهرباء دون أن نراها، ولكننا نوقن بوجودها، ونلمس مفعولها. كذلك أيضًا الروح القدس الساكن فينا مع أنه لا يُرىَ، لكنه يثمر فينا محبة، سلام، فرح، و... و.... إن مواهب الروح، وعطاياه قُوىَ تعمل في أولاد الله نتيجة لسُكنَى روح الله فيهم.

 

انتشار كرازة الآباء الرسل بقوة الروح القدس:

مسيحيتنا ليست هي حكمة كلام فقط نضعه في عقول الناس، بل هي قوة ظهر مفعولها في حياة الآباء الرسل، ثم امتد تأثيرها ليظهر في حياة المؤمنين، ثم في أُسَرِهم، فظلل عليهم السلام والحب، وامتدت نعمة الروح لتعمل في المجتمعات لخير الناس، وتَقَدمُ البشرية وتَحَضُرِها. لقد انتشر نور الكرازة ليشرق على العالم كله بقوة ونعمة الله، وهذا ما أكده معلمنا بولس الرسول عن إيمان أهل كورنثوس قائلًا: "وَكَلاَمِي وَكِرَازَتِي لَمْ يَكُونَا بِكَلاَمِ الْحِكْمَةِ الإِنْسَانِيَّةِ الْمُقْنِعِ، بَلْ بِبُرْهَانِ الرُّوحِ وَالْقُوَّةِ، لِكَيْ لاَ يَكُونَ إِيمَانُكُمْ بِحِكْمَةِ النَّاسِ بَلْ بِقُوَّةِ اللهِ. " (1كو2: 4- 5).

 

قيادة الله لكنيسته:

حمل شُعلَة الكرازة تلاميذ الرب البسطاء. كانوا نَفَرٌ قليل، وأغلبهم صيادون من منطقة الجليل (أوضع الأماكن في أرض فلسطين) التي وصفها الكتاب بقوله: "أَرْضُ زَبُولُونَ، وَأَرْضُ نَفْتَالِيمَ، طَرِيقُ الْبَحْرِ، عَبْرُ الأُرْدُنِّ، جَلِيلُ الأُمَمِ. الشَّعْبُ الْجَالِسُ فِي ظُلْمَةٍ أَبْصَرَ نُورًا عَظِيمًا، وَالْجَالِسُونَ فِي كُورَةِ الْمَوْتِ وَظِلاَلِهِ أَشْرَقَ عَلَيْهِمْ نُور". (مت4: 15- 16). بشروا وسط كراهية وعداوة رؤساءهم من كهنة اليهود وشِيُوخِهم. طَرَدَهم والديهم وإخوتهم، وسلموهم للقتل. اُتهموا بأشنع الاتهامات الباطلة حتى صاروا سَيئُوا السمعة أمام السلطات الرومانية التي تعاملت معهم بوحشية منقطعة النظير. وفي كل مرة وقفوا أمام المجامع كان روح الله القدوس يعطيهم فم وحكمة كوعد الله لهم: "لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا" (لو21: 15)، وهكذا كان الإيمان ينتشر من موضع إلى موضع. أرسلهم الروح القدس حاملين سلام الرب وكلمته فقط، ودون أي سند مادي حسب أمر الرب القائل: "لاَ تَحْمِلُوا كِيسًا وَلاَ مِزْوَدًا وَلاَ أَحْذِيَةً، وَلاَ تُسَلِّمُوا عَلَى أَحَدٍ فِي الطَّرِيقِ. وَأَيُّ بَيْتٍ دَخَلْتُمُوهُ فَقُولُوا أَوَّلًا: سَلاَمٌ لِهذَا الْبَيْتِ" (لو10: 4- 5). كانت خطتهم المحكمة لنشر الكرازة في العالم كله هي خطة سماوية، أما الأوامر فكانت تصدر من الروح القدس كقول الروح لكنيسة أنطاكية: "بَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ، قَالَ الروح القدس: «أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ». فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ، ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا. فَهذَانِ إِذْ أُرْسِلاَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ انْحَدَرَا إِلَى سَلُوكِيَةَ، وَمِنْ هُنَاكَ سَافَرَا فِي الْبَحْرِ إِلَى قُبْرُسَ وَلَمَّا صَارَا فِي سَلاَمِيسَ نَادَيَا بِكَلِمَةِ اللهِ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِ. وَكَانَ مَعَهُمَا يُوحَنَّا خَادِمًا" (أع13: 2- 5). وهكذا انتشرت، وعمت الكرازة العالم خلال ثلاثين عامًا، أو أكثر قليلًا. فهل يا ترى يقدر قلة من البسطاء الذين توهموا خطأ في معتقدات يحاربها العالم كله تدبير خطة مُحكَمِةٍ لنشر أوهامهم في المسكونة كلها؟! أنه الهذيان نفسه أن يفترض أحد هذا.

 

St-Takla.org Image: The Risen Christ (resurrection), marble statue by Antonio Novelli, 1640-1, (photo 5) - Uffizi Gallery (Galleria degli Uffizi), Florence (Firenze), Italy. It was established in 1581. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 1, 2014. صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح القائم (القيامة)، تمثال رخامي للفنان أنطونيو نوفيلي، 1640-1641 م.، (صورة 5) - صور متحف معرض أوفيتزي (متحف أوفيزي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. وقد أنشئ عام 1581 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 1 أكتوبر 2014.

St-Takla.org Image: The Risen Christ (resurrection), marble statue by Antonio Novelli, 1640-1, (photo 5) - Uffizi Gallery (Galleria degli Uffizi), Florence (Firenze), Italy. It was established in 1581. - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 1, 2014.

صورة في موقع الأنبا تكلا: المسيح القائم (القيامة)، تمثال رخامي للفنان أنطونيو نوفيلي، 1640-1641 م.، (صورة 5) - صور متحف معرض أوفيتزي (متحف أوفيزي)، فلورنسا (فيرينزي)، إيطاليا. وقد أنشئ عام 1581 م. - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 1 أكتوبر 2014.

إيمان يعتمد على واقع خبرة عملي:

إيماننا بالله كأبناء أحباء لأبيهم، ليس هو فقط تصديق قدرته، وإمكانية حضوره لنجدتنا في وقت الضيق، ذلك لأن حضوره وسط حياتنا واقع عملي ملموس، فقيادته لنا بروحه القدوس وتدبيراته لأمور حياتنا، وفاعلية نعمته فينا متجددة، ولدى كل ابن بار لله سجل لا ينضب لأحداث واقعية، تشهد لحب الله له، وتدبيراته في حياته اليومية. وقد سجل داود النبي خبرته عن حضور الله في حياته قائلًا: "اَلَّلهُمَّ، قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ، وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ". (مز:71: 17). إن إلهنا هو عمانوئيل، أو الله معنا، الذي يسند، ويعزي، ويوجه سفينة حياتنا في طريق الحياة والخلاص، ووجوده وحضوره القوي الملموس هو ما يُفَرِحُ قلب أبناءه، ويملأهم سلامًا لتفيض قلوبهم بتسبيحه كقول داود النبي:"بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ،وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ.بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ." (مز103: 1- 2).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ثالثًا: حضور الله وإعلاناته اليقينية:

 

حضور الله، ووجوده الدائم في حياتنا امتياز:

إن وجود الله في حياة المؤمنين أعظم ما يميز إيماننا المسيحي، وهذا ما طلبه موسى النبي من الله قائلًا له: "فَإِنَّهُ بِمَاذَا يُعْلَمُ أَنِّي وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أَنَا وَشَعْبُكَ؟ أَلَيْسَ بِمَسِيرِكَ مَعَنَا؟ فَنَمْتَازَ أَنَا وَشَعْبُكَ عَنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ».(خر33: 16).

 

الله واقع حاضر في حياة أولاده:

وعد الرب بوجوده وسط كنيسته وشعبه إلى الانقضاء قائلًا: "وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ." (مت 28: 20). وليس ذلك فقط، بل وعد بسكناه فينا بحسب قوله: "أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلا.ً" (يو14: 23). ووعد أيضًا أن يُظهِرُ ذاته لمن يحفظ وصاياه قائلًا: "اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي». (يو14: 21). وقد تمم الرب وعوده لنا، فظهر بعد قيامته للتلاميذ، ولمريم المجدلية، وظهر لتلميذي عمواس في الطريق، ثم لتوما، ولكثيرين، وظهر أيضًا لشاول الطرسوسي ليفتقده، وافتقد الخصي الحبشي وزير كنداكة، فأرسل له فيلبس ليفهمه نبوات سفر إشعياء، التي كان يقرأها دون فهم، وليبشره ببشارة الخلاص، ومازال الرب بحسب وعده الصادق يتابع ظهوراته وإعلاناته لكل أولاده المحبوبين: كلٌ بطريقةٍ خاصة قوية تُناسِب ظروف حياته.

 

ظهور الله الدائم في حياتنا يقين وليس خيال:

ظهور الله لنا ليس بالضرورة أن يكون بصورة مرئية، لكنه محسوس بقوة عمل صلاحه في حياتنا، وذلك بتدخله للتعزية والإرشاد، وبإنارة الذهن والإدراك. إن الله يمنح طالبيه قوة الإرادة والإلهام، يدبر أمورهم، هو يضبط كل ما يجري من حولهم من أمور، بما فيها ما يبدو وكأنه شرًا لتتوافق بطريقة إعجازية لخيرهم، وذلك بحسب قول الكتاب: "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ." (رو8: 28). إنها قيادة الله الحكيمة لحياتنا وعين رعايته الساهرة علينا، والتي نلمسها على الدوام.

شرط البنوة: حضور الله، وقيادته حقيقة واقعة، لكن ذلك مشروط ومرتبط بعلاقة بنوتنا لله. فالله يبسط يده للجميع، وكل من يقبله ويؤمن به يعطيه سلطان أبناء الله (أي امتياز الأبناء)، بكل ما يحمله هذا التعبير من معاني حضور الله، وقيادته لأبنائه. والابن بالطبع يعرف إرادة أبيه ويستريح لها، ولذلك يتعهده الله كأب، ويقوده بروحه القدوس الساكن فيه، بحسب قول الكتاب: "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ." (رو8: 14).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

رابعًا: جهاد الشهداء والقديسين:

ترك آباؤنا الشهداء القديسون أعظم شهادة حية على حياتهم الداخلية المملوءة قوة وسلامًا، وذلك باحتمالهم الآلام بصبر. لم يقدر المعذبون أن ينزعوا سلامهم، قابلوا الأسود المفترسة، وهم شاخصون للسماء يترنمون. أربكت بسالتهم معذبيهم. فكيف احتملوا كل صنوف العذاب والضيق في شكر؟! لم يتراجعوا ولم ينكروا الإيمان. إن ثباتهم أمام الموت ليس له تفسير إلا تفسيرًا واحدًا فقط، وهو قوة الله الفائقة التي عملت في طبيعتهم البشرية الضعيفة. لقد عانوا من عذابات وآلامات حقيقية، ولفترات طالت في بعض الأحيان لسنوات أو شهور. لم يكن إستشهادهم بطريقة سريعة مريحة لا تتعدى جزءًا من الثانية مثلما نسمع الآن عن هؤلاء الإرهابيين المضلين المتشدقين بالإيمان، والذين يضغطون على ذر لكيما ينفجر حزام ناسف مشدود حول أجسادهم. كان الحب والإيمان يدفعهم وقوة الله تثبَّتهم. لم يكن لديهم أمل في حياة مادية قادمة، ولكنهم كانوا ينتظرون الحياة السماوية الأبدية. حقًا كان احتمالهم دليل حياتهم الداخلية المملوءة من نعمة الله، والإيمان به.

 

· شُهداؤنا في ليبيا يشهدون بثباتهم عن حقيقة نعمة الله العاملة فينا:

وأقرب مثال لعمل قوة الله، ونعمته في المؤمنين باسمه، ما رأته أعين العالم كله من تسجيل (فيديو) لشهدائنا الواحد والعشرين في ليبيا، والذين سالت دماؤهم على أيدي جماعات الإرهاب والتعصب عام 2015 م.، ضحوا بحياتهم في ثبات لأجل الرب يسوع المسيح دون اضطراب، أو ارتباك. لقد أذهل ثباتهم العالم، وحَيّر العقول. وحاول الكثيرون أن يجدوا تفسيرًا لثباتهم، وعيونهم الشاخصة للسماء دون ارتباك أو اضطراب، ولم يجد العالم ولن يجد تفسيرًا غير اعتراف المنصفين بنعمة الله الفائقة للطبيعة، وقوته العاملة فيهم، والتي انتهت بفوزهم بالأكاليل السمائية.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/question-2/17.html

تقصير الرابط:
tak.la/2rpdq6c