السؤال الثامن عشر
يدعي البعض بأن ابتعاده عن الممارسات الروحية من صلاة وصوم وقراءة للكتاب المقدس و.. و... يجنبه مشاكل، ومتاعب كثيرة؛ لأن إبليس لن يجربه، أو يحاربه. فهل هذا حق؟
الإجابة:
الله هو النور الحقيقي، ومن يبتعد عن النور يُحَرمُ من الحياة، وتعميه الظلمة، ويُحيطه الضلال من كل جانب فيتعثر ويسقط سقوطًا متواليًا. إن سقوط وهلاك مثل ذلك المسكين أمر محتوم لا شك فيه، لأن العدو الشرير بمكره يَعمِي كل من يحيا خارج الرب يسوع النور عن طريق الحياة الأبدية ويُزَيَن له طريق الموت بخداعه فيهلك دون أن يدري. وفيما يلي نشرح ما يؤيد ضلال هذه الخدعة الماكرة:
لا يحدث أمر في هذا الكون إلا بسماح من الله، سواء كان ذلك تجربة أو مرض، أو خسارة، أو شدة، أو... أو.. إن إبليس أو أي خليقة أخرى لا تقدر مهما كانت قوتها أن تسبب ضررًا للإنسان إن لم يكن الإنسان هو نفسه سببًا في ضرر نفسه. فإن افترضنا جدلًا إن هناك من يمكنه أن يضر الإنسان حسبما شاء، ووقتما شاء (إبليس) فلن يكون هناك خير إطلاقًا لبني البشر، ولن يكون الله هو إله هذا الكون الضابط الكل.
إن الله بإرادته، وسلطانه يستخدم كل الأشياء لخير أولاده، حتى ولو سمح للشيطان أن يحارب أولاده؛ لأن ذلك سيؤول إلى نصرتهم وخيرهم إن ثبتوا في الله. إن أعظم مثال يؤكد هذه الحقيقة هو ذهاب الشيطان ليطلب إذنًا بالسماح بتجربته أيوب الصديق كقول الكتاب: "أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ. وَلكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ».(أي10:1-11).. ولكن الرب لم يسمح له بتجربة أيوب حسبما شاء، بل حدد له مجال التجربة قائلًا لهِ: «هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ». ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ." (أي1: 12).
· يحافظ البشر على ما لهم من أشياء، وإن تلف لهم شيء يَعتَبِرونَ ذلك خسارة شخصية لهم فما بالنا الله القدير!! فقد خلق الله الإنسان للحياة، ولا يريد هلاكه لذلك فهو يحفظه. وأكد الرب حفظه لأولاده بوعود كثيرة نذكر منها:
1. "كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. يَحْفَظُ جَمِيعَ عِظَامِهِ. وَاحِدٌ مِنْهَا لاَ يَنْكَسِرُ. الشَّرُّ يُمِيتُ الشِّرِّيرَ، وَمُبْغِضُو الصِّدِّيقِ يُعَاقَبُونَ." (مز34: 19- 21).
2. "الرَّبُّ يَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ شَرّ. يَحْفَظُ نَفْسَكَ. الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ." (مز121: 7).
3. منع الله بلعام الشرير من لعن شعبه إسرائيل. ولما أصر بالاق ملك الأموريين أن يلعن له بلعام شعب الله إسرائيل أجابه بلعام مستنكرًا: "... مِنْ أَرَامَ أَتَى بِي بَالاَقُ مَلِكُ مُوآبَ، مِنْ جِبَالِ الْمَشْرِقِ: تَعَالَ الْعَنْ لِي يَعْقُوبَ، وَهَلُمَّ اشْتِمْ إِسْرَائِيلَ. كَيْفَ أَلْعَنُ مَنْ لَمْ يَلْعَنْهُ اللهُ؟ وَكَيْفَ أَشْتِمُ مَنْ لَمْ يَشْتِمْهُ الرَّبُّ؟" (عد23: 7- 8). إنها قوة حفظ الرب لشعبه، التي معها لا يوجد سبيل للعنهم، أو للإضرار بهم، لأنه إن كان الرب قد باركهم، فمن يستطيع لعنهم بعدما باركهم الله؟!
يشيع عدو الخير، ويخيل للناس أن أولاد الله يصارعون على الدوام مع المشاكل ويعانون، وكأنهم محرومون مكتئبون دون راحة. إن ذلك ليس حقيقيًا. إنه إدعاء كاذب ومغرض، وذلك لما يلي:
1. أولاد الله مقيمون في نعمة لأن الله هو أبوهم الراعي الصالح الذي يرعاهم ويحفظهم، ويسدد كل احتياجاتهم بحسب غناه وحكمته التي لا مثيل لها. لقد أكد معلمنا بولس الرسول ذلك قائلًا: "الَّذِي بِهِ أَيْضًا قَدْ صَارَ لَنَا الدُّخُولُ بِالإِيمَانِ، إِلَى هذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا مُقِيمُونَ، وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ." (رو5: 2).
2. إنهم ممتلئون من ثمار نعمة الروح القدس الساكن في داخلهم. إن الروح القدس يثمر فيهم ثماره المباركة محبة... سلام... فرح......هم أغنياء من الداخل، لذلك فهم يتلذذون بسلام عجيب، وصفه الكتاب بأنه يفوق كل عقل (كل تخيل)، وفرح وصفه الكتاب أيضًا بالمجيد. أما فاعلي الشر فيفقدون ما لهم وبعد قليل يزولون كقول داود النبي: "كُفَّ عَنِ الْغَضَبِ، وَاتْرُكِ السَّخَطَ، وَلاَ تَغَرْ لِفِعْلِ الشَّرِّ، لأَنَّ عَامِلِي الشَّرِّ يُقْطَعُونَ، وَالَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الرَّبَّ هُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ يَكُونُ الشِّرِّيرُ. تَطَّلِعُ فِي مَكَانِهِ فَلاَ يَكُونُ. أَمَّا الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ الأَرْضَ، وَيَتَلَذَّذُونَ فِي كَثْرَةِ السَّلاَمَةِ." (مز37: 8-11). إنهم قد ابتعدوا عن الرب لذلك فهم جوعى وفقراء النفس. يعانون الاضطراب والخوف والقلق لفقدانهم سلام الله كقول إشعياء النبي: "لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ». (إش48: 22). فإن كانوا فاقدي السلام والأمان بعد أن تركوا الرب، فأي منفعة لهم بشرورهم وأموالهم، أو بممتلكاتهم أو... أو..؟!
3.إنهم يتمتعون بتعزيات الروح القدس وقت الشدة. يخبرنا الكتاب المقدس عن تعزيات الله لأولاده المجربين كيف يعطيهم رجاء ويحول ضيقهم لأفراح. لقد كان بولس الرسول يسبح الله ويرنم بينما كان مقيدًا وملقى في السجن في فيلبي، وداود النبي اختبر تعزيات الله له وهو مطارد من شاول الملك، الذي كان يريد قتله فنطق مرنمًا متهللًا قائلًا: "لَوْلاَ أَنَّ الرَّبَّ مُعِينِي، لَسَكَنَتْ نَفْسِي سَرِيعًا أَرْضَ السُّكُوتِ. إِذْ قُلْتُ: «قَدْ زَلَّتْ قَدَمِي» فَرَحْمَتُكَ يَا رَبُّ تَعْضُدُنِي. عِنْدَ كَثْرَةِ هُمُومِي فِي دَاخِلِي، تَعْزِيَاتُكَ تُلَذِّذُ نَفْسِي." (مز94: 17-19). لقد أخبر إرميا النبي - الذي عانى كثيرًا من الأشرار - عما اختبره من يد الله القوية التي تسند أولاده في تجاربهم قائلًا: "وَلكِنَّ الرَّبَّ مَعِي كَجَبَّارٍ قَدِيرٍ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ يَعْثُرُ مُضْطَهِدِيَّ وَلاَ يَقْدِرُونَ. خَزُوا جِدًّا لأَنَّهُمْ لَمْ يَنْجَحُوا، خِزْيًا أَبَدِيًّا لاَ يُنْسَى." (إر20: 11).
كثير من التجارب تصيب البشر أجمعين، فالأمراض، أو تقلبات الزمان، أو النكائب الطارئة قد تصيب البشر أجمعين، ولكن بالإضافة لذلك هناك تجارب خاصة بالأبرار لتمسكهم بمبادئهم، وتجارب خاصة بالأشرار بسبب شرورهم.
التجارب الخاصة بالأبرار هي بسبب تمسكهم بالحق، الذي لا يطيقه الأشرار، ولذلك يُضطهدون، ولكن الله يسند أولاده، ويتمجد في حياتهم، ويحول أمثال هذه التجارب لأفراح وانتصارات بحسب قوله: "قَالَ الرَّبُّ: «إِنِّي أَحُلُّكَ لِلْخَيْرِ. إِنِّي أَجْعَلُ الْعَدُوَّ يَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ فِي وَقْتِ الشَّرِّ وَفِي وَقْتِ الضِّيقِ.". (إر15: 11). وأيضًا قول المرنم في المزمور: "يَعْمَلُ رِضَى خَائِفِيهِ، وَيَسْمَعُ تَضَرُّعَهُمْ، فَيُخَلِّصُهُمْ. يَحْفَظُ الرَّبُّ كُلَّ مُحِبِّيهِ، وَيُهْلِكُ جَمِيعَ الأَشْرَارِ." (مز145: 19-20).
التجارب الصعبة التي يقحم الأشرار فيها أنفسهم بفعلهم الخطايا والشرور تُشقي وتمرر حياتهم، بل تدمرهم. لقد علمنا الرب أن نصلي لكي لا ندخل في تجارب مثل هذه (الشرور والخطايا)، لذلك أوصانا أن نطلب في الصلاة الربانية قائلين: "لا تدخلنا في تجربة".(مت13:6) ثم إن الأشرار في ضيقهم لن يجدوا معينًا كالأبرار الذين يسندهم الله، بل بالعكس يشمت بهم إبليس ويفرح بهلاكهم. إنهم في يوم ضيقهم ضعفاء جدًا كالهباء أو العصافة التي لا يمكنها مقاومة العاصفة كقول داود النبي في المزمور:"لَيْسَ كَذلِكَ الأَشْرَارُ، لكِنَّهُمْ كَالْعُصَافَةِ الَّتِي تُذَرِّيهَا الرِّيحُ." (مز1: 4).ِ
إن من يبتعد عن الله يلتقطه إبليس عدو الخير الشرير ليفترسه كما هو مكتوب عنه: "اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ." (1بط5: 8). لا توجد حالة متوسطة بين الانتماء لله أو لإبليس، وذلك بحسب قول الرب الصادق: "مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ." (لو11: 23). إن الإنسان أمامه اختياران فقط: إما أن يحيا مع الله متمتعًا بخيره، أو أن يقتحمه الشيطان (إذا وجده خاليًا من نعمة الله) ليهلكه كقول الرب: "مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!». (لو11: 24- 26). إنه لأمر خطير أن يرتمي الإنسان في أحضان إبليس، ويخسر الحياة. ولكن دعونا نبحث لنعرف من هو إبليس حتى ندرك بعض الأبعاد الكارثية لتلك الخدعة الإبليسية.
لقد وصفه الكتاب المقدس بأنه ليس قاتل، بل قتّال أي أنه لا يكف، ولا يشبع من قتل البشر وأذيتهم "... ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ." (يو8: 44). إنه يحارب الناس بغرض قتلهم وإهلاكهم وحتى من استسلموا له خاضعين يقودهم إلى الهلاك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. أما الرب يسوع فهو يحارب الشر ليقضي عليه، فيهب لنا سلامًا، لأنه هو ملك السلام. صور سفر الرؤيا الرب يسوع كفارس راكبًا على فرس أبيض قائلًا عنه: "ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ." (رؤ19: 11). لقد فسر القديس يوحنا الرائي معنى ظهور الرب راكبًا على فرس أبيض بقوله عنه: "أنه يدعى أمينًا وصادقًا وبالعدل يحكم ويحارب".أما إبليس فقد صوره سفر الرؤيا بوحش دموي، ولهذا وصفه بالقرمزي أي لونه لون الدماء قائلًا: "فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ مَمْلُوءٍ أَسْمَاءَ تَجْدِيفٍ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ." (رؤ17: 3). إنه مستعد على الدوام ليؤذي أي أحد، حتى الحيوان. لقد طلب الشيطان من الرب الأذن له بالخروج من الإنسان الذي به اللجئون (عدد كبير من الشياطين)، والدخول في خنازير كانت موجود بتلك المنطقة، ولما سمح له الرب بذلك أغرق قطيع الخنازير ليحقق بذلك أكبر خسارة ممكنة، قبل خروجه من ذلك الإنسان المسكين. حقًا إنه الشرير.
إن إبليس هو المضل الذي خدع أبوانا الأولان آدم وحواء. لقد أغوى أمنا حواء لتأكل من الشجرة، ومعها أبونا آدم. شككهما في محبة وصدق الله. أكد لهما الكذاب أنهما لن يموتا إذا خالفا الوصية، بل إنهما سيصيران كالله عارفين الخير والشر. وما زال إبليس المضل يكذب على الناس ويخدعهم، ليهلكهم كقول معلمنا يوحنا الرائي: "ثُمَّ مَتَى تَمَّتِ الأَلْفُ السَّنَةِ يُحَلُّ الشَّيْطَانُ مِنْ سِجْنِهِ، وَيَخْرُجُ لِيُضِلَّ الأُمَمَ الَّذِينَ فِي أَرْبَعِ زَوَايَا الأَرْضِ: جُوجَ وَمَاجُوجَ، لِيَجْمَعَهُمْ لِلْحَرْبِ، الَّذِينَ عَدَدُهُمْ مِثْلُ رَمْلِ الْبَحْرِ." (رؤ20: 7- 8). إن إبليس الكذاب يخدع الناس واعدًا إياهم بتحقيق اللذة والسعادة من خلال الخطية، ولكنه يميتهم بعصيانهم لله، وبانفصالهم عن الله. إنه يستعبدهم بالشهوة. إنه يخفي الحقيقة عن أعين الناس، وهو أن الخطية سَتُفقِدهم سلامهم وأمانهم وسَتفصِلَهم عن ملك السلام، وينقسمون على أنفسهم إلى أن يهلكوا. لقد أوضح ذلك معلمنا يعقوب الرسول محذرًا قائلًا: "مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ؟ أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا: مِنْ لَذَّاتِكُمُ الْمُحَارِبَةِ فِي أَعْضَائِكُمْ؟ تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَيْ تُنْفِقُوا فِي لَذَّاتِكُمْ. " (يع4: 1- 3).
إن فكر الهروب من الله تفاديا ً للمشاكل والمتاعب هو خداع، وغاية هذا الفكر هو هلاك البشر. إنها أيضًا فكرة محبطة يروج لها عدو الخير ليخيف الناس، ويبعدهم عن الحياة الأبدية، لقد اكتشف نحميا تلك الخدعة القديمة عندما بعث إليه أعداءه تهديدات ليخيفوه، لكنه تمسك بالله قائلًا: "لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا يُخِيفُونَنَا قَائِلِينَ: «قَدِ ارْتَخَتْ أَيْدِيهِمْ عَنِ الْعَمَلِ فَلاَ يُعْمَلُ». « فَالآنَ يَا إِلهِي شَدِّدْ يَدَيَّ». (نح6: 9). لقد حاول الشرير أن يستخدم نفس الخدعة مع الرب يسوع، فقد طلب من الرب السجود له ليعطيه ممتلكات الأرض، ولكن الرب انتهره فخزي. إن ما سيأخذه أي مخدوع بتصديقه إبليس هو لذات وشهوات تصيره عبدًا لذلك الشرير بحسب قول الكتاب: "وَاعِدِينَ إِيَّاهُمْ بِالْحُرِّيَّةِ، وَهُمْ أَنْفُسُهُمْ عَبِيدُ الْفَسَادِ. لأَنَّ مَا انْغَلَبَ مِنْهُ أَحَدٌ، فَهُوَ لَهُ مُسْتَعْبَدٌ أَيْضًا! " (2بط2: 19).
إن حربنا مع إبليس هي حرب للرب. لقد سبق الرب وأعلن لحسابنا غلبته على العالم بوعد صادق قائلًا: "قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ». (يو16: 33). ليتنا إذًا نلتصق بمسيحنا القوي الغالب، لأنه لا مفر من هذه الحرب، فالعدو مهلك ولن يتنازل عن إهلاك كل من يقترب منه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-bishoy-fayek/question-2/18.html
تقصير الرابط:
tak.la/zswgyk6