4- الماريولوجي
كان لفكرة ايريناؤس عن الانجماع الكلى إثرها على عقيدته في العذراء مريم، وبعد أن عقد يوستين الفيلسوف الشهيد أول مقارنة بين حواء والعذراء مريم، مثلما قارن بولس الرسول بين آدم والسيد المسيح آدم الثاني، طور ايريناؤس هذه المقارنة:
"مريم العذراء وجدت مطيعة قائلة "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك" لكن حواء لم تطع، وهي لم تطع عندما كانت لا تزال عذراء، بالرغم من أنه كان لها زوج أي آدم، إلا أنها كانت عذراء، وبعد أن عصت صارت سبب موت لنفسها وللجنس البشرى كله، كذلك مريم، فوهى مخطوبة لرجل ومع ذلك عذراء، صارت بطاعتها سبب خلاص لنفسها وللجنس البشرى كله". (1)
فبحسب ايريناؤس، تدبير الفداء يوازى تماما مراحل السقوط، لان كل خطوة خاطئة اتخذها الإنسان بعد أن أغراه الشيطان، يقابله عمل في تدبير الله، لكي يكون انتصار الإنسان على إبليس كاملًا، وقد أعطى الجنس البشرى رأسًا جديدًا عوضًا عن آدم الأول، ولكن لأن المرأة الأولى اشتركت في السقوط بسبب عدم طاعتها، لذا بدأت عملية الشفاء أيضًا بطاعة المرأة، ولأنها أعطت الحياة لآدم الجديد، صارت حواء الحقيقية، الأم الحقيقية لكل حي، وهكذا صارت العذراء مريم محامية ومدافعة عن العذراء حواء:
"وإن كانت الأولى (حواء) قد عصت الله إلا أن الأخيرة (مريم) كانت مطيعة لله، حتى تصير العذراء مريم المحامية والمدافعة advocate عن العذراء حواء، وهكذا، كما أن الجنس البشرى سقط في رباط الموت عن طريق عذراء، كذلك أيضًا خلص وأنقذ عن طريق عذراء، فعدم الطاعة العذراوية قوبل بالطاعة العذراوية". (2)
وطور ايريناؤس المقارنة بين حواء والعذراء مريم (حواء الثانية الجديدة) أكثر من ذلك، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. فرأى أن مريم الأم الجديدة للجنس البشرى كله، حتى أنه يدعوها "رحم البشرية The Womb of Mankind”, وهكذا يعلم بالأمومة المسكونية للعذراء مريم، ويتحدث عن ميلاد المسيح ويصفه:
"الطاهر يفتح بطهارة الرحم الطاهر الذي يلد الناس لله". (3)
وعن ميلاد المسيح من العذراء يقول:
"الابن نفسه المولود من مريم التي ظلت عذراء، احتوى في ميلاده آدم في نفسه". وهو بذلك يؤكد على دوام بتولية العذراء مريم التي ظلت عذراء بعد ولادتها للمولود الإلهي.
تكلم القديس ايريناؤس عن العذراء الدائمة البتولية كبرهان للإيمان بالسيد المسيح إذ قال:
"الذين أعلنوا أنه عمانوئيل المولود من البتول (أش 7: 14) أعلنوا أيضًا إتحاد كلمة الله بصنعة يديه، إذ صار الكلمة جسدًا، وابن الله ابنًا للإنسان، وافتتح الطاهر بنقاوة الأحشاء النقية معطيًا البشرية تجديدًا في الله". (4)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-erinaos/mariology.html
تقصير الرابط:
tak.la/m3vcg8h