* ولد القديس إيرناؤس نحو سنة 135 م. على مقربة من شواطئ آسيا الصغرى القديمة.... وتعود منذ أن كان صبيًا أن يحضر عظات القديس بوليكاربوس أسقف أزمير الشهيد، الذي كان أحد تلاميذ الرسل أنفسهم.
* رسم قسا لكنيسة ليون بفرنسا، ثم أسقفًا للمدينة بعد استشهاد أسقفها في اضطهاد مروع، فصار راعيًا لها ولبعض الايبارشيات الصغيرة في جنوب بلاد الغال التي كانت مرتبطة بكرسيه من قبل.
* وحينما كان قسا، كلفه رؤساء كنيسة ليون بالتوجه إلى روما ليسلم أسقفها رسالة يستوضحون فيها عن هرطقة المونتانيين الذين يدعون النبوة، وهذه الهرطقة كانت قد نشأت في آسيا الصغرى وأزعجت الكنيسة كلها، لكن ايريناؤس بسعة قلبه ورجاجة عقله وروحه الرعوية كان يسعى إلى مصالحتها مع الكنيسة، بعد رجاءات بالالتزام بالسلام والوحدة وحفظ سلامة التعليم.
* برهن على وحدة الكنيسة الجامعة كمعجزة إلهية، وبلغ صوته إلى أقصى الأرض، مقدما التعليم الرسولي الأصلي، حتى لقب بـ"أبو اللاهوت المسيحي" وصاحب "عقيدة انجماع الكل في المسيح".
* كتب "برهان التعليم الرسولي" و"ضد الهرطقات"، وشهد خراب ليون عام 197 م، ويحدد التقليد تاريخ نياحته بعام 202- 203 م، أما القديس جيروم فيقول انه استشهد، وقد بعثر اتباع كلفن البروتستانتي عام 1562 م. رفاته ولم يعثر إلا على رأسه.
* تأثر بالقديس الشهيد، وقدم نموذجا للتعليم المسيحي والمعلمين المسيحيين في الكنيسة الأولى، فالقديس ايريناؤس نشأ وتربى في أحضان الكنيسة الجامعة تلميذا للرسل والآباء الرسوليين، وهو لا يبدو أمامنا فيلسوفا مثل الآباء المدافعين، بل تلميذا للآباء الأولين، حافظا للتعليم الرسولي الأول وللتقليد الكنسي.
* واجه الهرطقات المعاصرة لحياته (الغنوصية والمونتانية)، ولم يكن الجدل هدفه الرئيسي بل اهتم بإيضاح التعليم الرسولي، ودحض الهرطقات لذلك فسمة ايريناؤس هو سمة المبشر والراعي المعلم، أسلوبه يتسم بالتروي والأبوة والإيجابية المقنعة.
* دافع عن الإيمان الصحيح وربط به الكرازة والتعليم عن الخلاص، في مواجهة التعليم الكاذب والغريب، لذلك اصطلح المؤرخون على تسميته بـ"أبو اللاهوت الصحيح"، لأنه قتل الغنوصية وأقام علم اللاهوت.
* واجه هرطقة الغنوصية التي ترفض ما أسمته بإله العهد القديم، وأوضح أن المعرفة الروحية للجميع، لأن الكنيسة استلمت التقليد الإنجيلي من الرسل وسلمته لأولادها علانية كتعليم كنسي عام متاح لكل المؤمنين الذين يقبلون إلى معرفة الحق.
* أكد على أنه بالرغم من انتشار الكنيسة في كل المسكونة، إلا أنها استلمت الإيمان الواحد من الرسل، وتعلم بتدبير الخلاص كما من فم واحد، كرازة واحدة وإيمان حقيقي.
* أبرز حقيقة علانية التعليم اللاهوتي المسيحي ودور الكنيسة في تعليم جميع أعضائها، وأظهر مضمون التعليم اللاهوتي في صورته العملية المتصلة بخلاص الناس، وبتدبير الله للخلاص في المسيح، في عقيدة "تجميع كل شيء في المسيح كرأس جديد للبشرية".
* ويرى إيريناؤس إجماع التاريخ البشرى في شخص المسيح، فالعهد القديم بكل تاريخه وأنبيائه أجمل وتلخص في تجسد المسيح، وأحداث الناموس القديم ترمز إلى حياة المخلص، حتى انه يمكن القول بأن مجيء المسيح يبدأ من ظهور رؤساء الآباء والأنبياء، فيقول:
"لقد سبق الأنبياء وأخبروا عن آلام الشهداء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.... وقد رمزوا في أشخاصهم إلى هذه الآلام حبا في الله وفي كلمته، لأن هؤلاء الأنبياء كانوا أيضا في المسيح، وكل واحد منهم على قدر طاقته أظهره متنبئا عنه، وهم جميعا كونوا صورة متكاملة للمخلص الواحد، إذ سبقوا فأنبأوا عن أحداث حياته، وكما أن أعضاء جسدنا معا تظهر شكل الجسد، وكما أن سمات الإنسان تظهر ليس من خلال عضو واحد بل كل الأعضاء معا، هكذا الأنبياء كلهم معا يرمزون مسبقا للمخلص الواحد، وكل واحد منهم على حدة كان بقدر طاقته يعكس جانبا من حياة المسيح".
* ربط القديس ايريناؤس بين أبرار العهد القديم ومؤمني العهد الجديد برباط وثيق، هو رباط العضوية الواحدة في جسد المسيح، فيقول:
"سوف يستجمع في نفسه دم كل الأبرار والأنبياء المسفوك منذ البدء".
"كما أننا موضوع الرمز والنبوة في العهد القديم، إذ أن أبرار الناموس يجدون صورتهم فينا، أي في الكنيسة، وينالون جزاء أتعابهم".
* ويرى القديس ايريناؤس أن الروح القدس هو واسطة الاتحاد بالله فيقول:
"لقد فدانا الرب بدمه، بذل نفسه عن نفوسنا وجسده عن أجسادنا، وأرسل روح الآب ليحقق الوحدة والشركة بين الله والإنسان".
وبتجسد المسيح رفع الإنسان إلى الله، وبمجيئه أعطانا البقاء وعدم الموت بالشركة معه.... وهكذا ثبت زيف كل تعليم الهراطقة..... فإنه ليس بالمظهر فقط صار أنسانًا بل وبالجوهر والحق أيضًا، فلو لم يكن قد أخذ جسدًا ودمًا حقيقيين، فكيف يتسنى له أن يفتدينا، ما لم يكن قد جمع في نفسه الخلقة الأولى لآدم.... وما أكثر خطأ الابيونيين الذين لم ينالوا في نفوسهم بالإيمان اتحاد الله بالإنسان، بل مازالوا قابعين في خميرة الناموس العتيقة.... إن نتيجة التجسد تكمن في أن الله أعلن ميلادا جديدا، وبمقتضاه نرث الحياة، تماما كما ورثنا الموت بميلادنا الأول.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/st-erinaos/death.html
تقصير الرابط:
tak.la/av7xdz5