وما أعجب موتك لأنه حياة الجميع وبه سلمتنا النصرة والغلبة وسر الحياة إلى الأبد، وما أعجب رأسك التي نكستها لترفع بها رؤوسنا في قيامتك في اليوم الثالث.
حقًا انك معي ومن أجلى تتألم، ومن أجلى ونيابة عنى وفي مكاني أنت حزين بينما لم يكن عندك سبب في نفسك يجعلك تحزن أو تتألم. فجروحي يا رب يسوع وليس جروحك هي التي آلمتك، وكما أن موتك قضى على الموت وجروحك قد أبرأت كل الجروح، هكذا أحزانك قد أزالت أحزاننا. لهذا كله أسبحك مع كنيستك: "لك القوم والمجد والبركة والعزة إلى الأبد آمين. عمانوئيل إلهنا وملكنا. قوتي وتسبحتي هو الرب وقد صار خلاصا".
ما أعجب أن يكفن يوسف البار جسدك باللفائف وبالطيب التي هي جمالك وبرك غير الموصوف. ما أعجب أن تكفن بكفن جديد وتوضع في قبر جديد بينما لم يكن لك مقبرة خاصة بك، لأن القبر يقام من أجل الذين يتعرضون لقانون الموت، أما أنت فغالب الموت وليس لك مقبرة ملكا لك.
ما أعجب أن لا تدفن مع آخرين بل تدفن وحدك، وما أعجب أن يوضع الحجر على قبرك ليكون صخرة أساس الإيمان. ما أعجب كتانك الأبيض ورائحة أطيابك ومصاحبة الملائكة لقبرك، إذ أنك مت لتقوم من بين الأموات كعربون لقيامتنا كلنا منتصرا على الموت والجحيم والشيطان وجميع جنود الظلمة.
ما أعجب أن تدخل بالليل إلى الجحيم لتفك قيود المأسورين في الظلمة لتنطلق بهم إلى نور الفردوس الذي بلا ظلمة. وما أعجب القبر الذي صار مصدر النور والحياة وأشرقت منه حقيقة الغفران بينما كان قبلا مستودع الظلام والموت. وما أعجب أن يدحرج وينفتح باب القبر مهما كانت الأختام والحراسات.
ما أعجب نزولك إلى الجحيم لتحرر أسرى الرجاء وما أعجب دخول الحياة إلى عالم الموت، حيث تزلزل الجحيم وانكسرت شوكة إبليس بافتدائك النفوس التي كانت مباعة بسبب الدين. وما أعجب الدين الذي وفيته فمزقت الصك وأرعبت قوات الجحيم وطرحت التنين وخلصت نفوس الراقدين وكرزت للأرواح التي في السجن لأنك صانع العجائب (خر 15: 11).
ما أعجب نزولك إلى الجحيم لتنزع عار آدم وبنيه وتعتقهم من أسر العدو، لأن بيدك تعظيم وتشديد الجميع، فليس إله مثلك حافظ العهد والرحمة. وما أعجب عجائبك التي بها أذبت الآكام الدهرية، وبفروسيتك صنعت خلاصا وكسرت قسى الأقوياء، ومنطقت رجالك بالقوة لأنك خرجت لخلاص شعبك ولتخلص الذين مسحتهم لأن اسمك عجيب يا رب في كل الأمم.
ما أعجب أن تنزل يا رب إلى أقسام الأرض السفلية لتعلن مجيئك لهؤلاء الذين كانوا ينتظرونك على الرجاء، وقد سبق وأخبروا بمجيئك وأطاعوا وصاياك. ما أعجب أن يكون موتك بالنسبة لهؤلاء الأنبياء والبطاركة والأتقياء شفاء لهم ومغفرة لخطاياهم. ما أعجب أن تقول للأسرى اخرجوا وللذين في الظلمة تقدموا. ما أعجب أن تنادى على هؤلاء الآباء العظام لأنك أنت إله الكل وأعظم من الكل. ما أعجب أن تربط القوى بالصليب وتدخل بيته أي الجحيم ثم تصعد إلى العلا من أجل الذين كانوا في قبضة الموت بسبب الحكم. لقد درت مملكة الموت وأطلقت راح أسرى الرجاء، وكسيد نزلت لكي تخلص، وكمحيا في الروح ذهبت لتكرز وعندئذ رآك بوابوا الجحيم فارتعدوا، أما هؤلاء الآباء الذين أغلق عليهم كانوا يصرخون طالبين الرحمة والخلاص حتى أظهرت لهم سر خلاصك الذي كانوا ينتظرونه بنزولك إلى الجحيم.
ما أعجب قبرك الفارغ الذي تركته لنا يا رب مفتوحا لأنه علامة الغلبة على الموت وشهادة على قيامتك التي بها نبشر، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وما أعجب محبيك الذين قدموا إلى قبرك ومعهم الهدايا والعطور والمشاعر التي هي أثمن من الذهب الفاني، يسكبونها عند جدران قبرك المجيد والممجد، في إيمان وخشوع وهم يقبلون حجارة القبر وصخرته المنقورة، وهناك يذرفون الدموع.
ما أعجب أن القبر بعد أن كان مستودع ظلام وموت صارت تشرق منه حقيقة النور والغفران، فلا بكاء ولا نحيب بل قوة قيامتك قد سرت بالرغم من الأحجار والأختام.
وما أعجب أن يكون قبرك جديدا لم يوضع فيه أحد من قبل.
ما أعجب قبرك الفارغ الذي برهن على قيامتك التي بها نقضت أوجاع الجسد وأسست الرجاء. وما أعجب أن ترضى أن توضع في قبر، ولكن بينما جميع الأموات يتركون هكذا إلى الأبد، قمت أنت في اليوم الثالث لتلتقي عند القبر مع محبيك وتعود سريعا إلى التلاميذ في العلية، تاركًا الأكفان لتحيي ضمائرنا من كل الأعمال الميتة.
ما أعجب قيامتك غالبا الموت بعد عبور حزن السبت. ما أعجب أن تقوم يا رب والحجر مختوم على باب القبر كما ولدت من البتول وهي عذراء (حز 44: 1). ما أعجب دحرجة الملاك للحجر عن باب قبرك، لكي تعلن لنا قيامتك. وما أعجب أن تكون الملائكة داخل قبرك وخارجه، فقد حولت القبر كما إلى سماء تشتهى الملائكة أن تسكن فيه بعد أن كانت القبور مسكن الأرواح الشريرة.
ما أعجب خروجك من القبر وهو مغلق. وما أعجب النسوة اللاتي أخذن معهن الطيب بينما أنت قمت. لقد قبلت الصليب كي تثبت للناس ناسوتك وقبلت القيامة كي تثبت لاهوتك. فقيامتك والأختام قائمة كانت نظير لما تم في ميلادك من القديسة مريم البتولية. وما أعجب دحرجة الحجر بعد القيامة من أجل النسوة ليؤمنوا أن الرب قام ناظرين الحق وأن القبر بدون جسد.
ما أعجب الملاكين اللذين كرزا بقيامتك للنسوة عند باب القبر وكأنك أشركت السمائيين في إعلان بهجة قيامتك مؤكدين أنك لست ههنا لكنك قد قمت.
وما أعجب أن يرفع الرؤساء أبوابهم وأن ترتفع الأبواب الدهرية لكي تدخل في ملك مجدك وتجعل باب الفردوس مفتوحا بعد أن كان مغلقا أمامنا.
ما أعجب قيامتك من الموت ناقضا أوجاع الموت وجراح الصليب وحقد الحاقدين، بينما أنت تعيد الإيمان للمؤمنين وتسجل الدينونة على رؤوس الذين أسلموك حسدا، وتحول عثرة الصليب إلى فخر للذين قبلوك، وبقيت علة هلاك للرافضين وإلى يوم صليبك باق كما هو حجر عثرة للذين يرفضون وسبب مجد للذين يقبلون.
ما أعجب ثوبك الأبيض المشرق بالفرح الحقيقي الذي جعل العدو يهرب والملكوت يستعاد. وما أعجب قيامتك لأن فيك كانت الحياة ولأنك حي إلى أبد الآبدين ولك مفاتيح الهاوية والموت (رؤ 1: 18). وما أعجب أن تغلب الهاوية وتكسر شوكة الموت بقيامتك، بل وتصير باكورة الراقدين. ما أعجب قول الإنجيل أن تلميذك لما رأى المنديل والأكفان مرتبة هكذا "رأى وآمن" (يو 20: 8).
إن عيد قيامتك هو ملك الأعياد وعيد الأعياد كلها. فما أعجب أن تعلق الكنيسة أبواب الهيكل قبل عمل تذكار قيامتك إشارة إلى غلق أبواب الفردوس بواسطة آدم، لكي بفتحه نتذكر خلاصك وزوال العداوة التي تسبب فيها آدم وذريته بغواية إبليس. ما أعجب فتح قدس الأقداس السماوي في هذه الليلة. وما أعجب ما تردده الكنيسة عن الأبواب الدهرية وعن رفع الملوك للأبواب: فالكاهن رسم للمسيح والهيكل رسم للسماء، وهذه هي الترنيمة النبوية التي أنشدتها الملائكة.
ما أعجب استعداد الكنيسة لاستقبالك ظافرا فائزا غالبا الموت في ليلة القيامة، إذ نحتفل ليلا لنعاين قيامتك باكرا والظلام باق (يو 20: 1) حيث صياح الديك. وما أعجب أن نطوف بأيقونة قيامتك لننشر نبشر بقيامتك ونعاين مع التلاميذ والنسوة أفراحها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/passion/save.html
تقصير الرابط:
tak.la/z3v2stj