** الأحد السادس للصوم الكبير (أحد المولود اعمي) (يوحنا 9)
* أحد
التناصير
* كنت أعمى والآن أبصر
* وفيما هو مجتاز رأى إنسانًا أعمى منذ
ولادته
* رؤية المسيح
* لكي تظهر أعمال الله فيه
* بركة سلوام
* لنسأل أنفسنا
* المعمودية هي النور والبصيرة
لقد كان الغرض الرئيسي من الصوم الأربعيني الكبير في عصور كنيستنا الأولى هو تعليم الموعوظين أي المؤمنين الجدد بالمسيح، وتهيئتهم لنوال نعمة المعمودية، وحينما اختفى نظام الموعوظين، بقي المعنى الأساسي للصوم الكبير كما هو، فرغم أننا معمدون إلا أننا في أغلب الأحوال نفقد قوة الحياة الجديدة التي سبق فنلناها في جرن المعمودية، ولذلك فإن المنهج الكنسي الليتورجي والفكر التعبدي للكنيسة جعل من فترة الصوم الأربعيني المقدس فرصة رجوع من جديد إلى هذه الحياة الإلهية التي وهبها لنا المسيح ونلناها منه في المعمودية لأننا نسينا قوتها وفاعليتها وقيمتها وسط اهتماماتنا وانشغالنا وسط مشاغل هذا العالم.
وأنجيل قداس الأحد السادس (أحد التناصير) هو إنجيل النور إنجيل المولود أعمى الذي خلق له المسيح البصر من جديد ونجد أن الكنيسة الواعية الملهمة بالروح تضع إنجيل (أحد التناصير) (أحد المولود أعمى) ضمن قراءات الصوم الكبير إذ معروف في طقس الكنيسة أنها في العصور الأولى ربطت بين إنجيل المولود أعمى وبين طقس المعمودية ربطًا شديدًا، ويوجد في سراديب روما التي من القرن الثاني نقوش بالفريسكو لإنجيل المولود أعمى تحت عنوان المعمودية كشرح لعملها السري، كذلك يربط الآباء جميعًا بين إنجيل المولود أعمى وطقس المعمودية في عظاتهم مثل القديس أمبروسيوس في المقالة على الأسرار.
ورؤية الله هي هدف رحلة الصوم، والكنيسة تطالبنا بالرؤيا الروحية من خلال إنجيل المولود لأن بنقاوة القلب نعاين الله وهذه هي ثمار الصوم المقدس.
إن تبدأ عيون قلوبنا الروحية ترى الله ترى إرادته، ترى أحكامه وأعماله، عندئذ نثبت نظرنا في المسيح ونسجد له كما فعل المولود اعمي.
وهكذا يقودنا الفكر الليتورجي الكنسي خلال فترة الصوم إلى الاستعداد + التواضع والمحبة وصلاة المخدع.
قبول التجربة لأن السيد المسيح أنتصر لحسابي + المياه الحية التي تشبع النفس التي كل من يشرب منها لا يعطش + حتى نصل إلى رؤية الله بقلب مفتوح ومعاينة المسيح وتجديد البصيرة الروحية ونوال بركات مفاعيل المعمودية وخيراتها ثم مشاركة المسيح في آلامه في أسبوع البصخة.
ويمر أمامنا في هذا الإنجيل، المسيح رب المجد نحن الذين فقدنا البصر الروحي لكي يخلق لنا يخلق لنا قلبًا جديدًا وعيونًا جديدة وبصيرة مستنيرة لنري بها ملكوت الله، ونحن لا يمكننا أن نبصر المسيح ونعرفه حقًا إن لم نذهب ونغتسل فيه هو الذي يهب الحياة، لأنه غير ممكن أن نغتسل مرة أخرى عن طريق المعمودية -لأننا سبق أن اعتمدنا باسمه- فاغتسالنا الآن في المسيح إنما هو تطهير التوبة والانسحاق كما نردد في ليتورجيات الكنيسة في الصوم (أخطأت أخطأت يا ربي يسوع المسيح اغفر لي لأنه ليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا مغفرة).
فالتوبة معمودية ثانية نستعيد بها هبة الحياة الجديدة التي سبق أن أعطاها لنا السيد المسيح في معموديتنا، فنؤهل بالتوبة خلال فترة الصوم لنتذوق فرح قيامته.
ويتضح من عظات القديس كيرلس الأورشليمي للموعوظين وأيضًا القديس جيروم أن الصوم الأربعيني كان يخصص ليشرح قانون الإيمان بنوع خاص حتى يقبل بعدها الموعوظين الذين هم "جنود الرب الجدد" بحسب تعبير العلامة ترتليان إلى دخول شركة الكنيسة بالمعمودية فيكونوا من المستنيرين، لذلك خلال الصوم الكبير كان الموعوظ يذهب إلى الكنيسة ليتلقَّى التعليم استعدادًا للمعمودية ولطقس جحد الشياطين والكنيسة كلها تشترك في الصوم مع الموعوظين الذين يتلقون التعليم لأعدادهم لنوال نعمة المعمودية وهذا ما يؤكده كلا من الشهيد يوستينوس والعلامة ترتليان وأيضًا القديس كيرلس الأورشليمي والقديس أغريغريوس النيزنيزي.
من أجل هذا كان الفكر الليتورجي والمنهج الكنسي التعبدي وقراءات الكنيسة يعطي اهتمامًا كبيرًا في الصوم الكبير لموضوع تجديد النفس ودعوة الإنسان إلى الله وهو الهدف الذي تبرزه روحانية كنيستنا الأرثوذكسية الشرقية أثناء الصوم الأربعيني.
وكما كان الصوم الأربعيني في القديم يعد الموعوظين لنوال نعمة المعمودية هكذا كنيستنا خلال فترة الصوم ترجع كل نفس وتأتي بها عند المعمودية لتدرك النعمة الإلهية.
واليوم في إنجيل الأحد السادس من الصوم الكبير (إنجيل المولود أعمى) في أحد التناصير تبرز لنا الكنيسة أن عطية المعمودية هي عمل إلهي هي ولادة ثانية، هي مسحة داخلية من الروح القدس هي استنارة وخلاص وختم وختان للعهد الجديد وهذه كلها أسماء لاهوتية أطلقها آباء الكنيسة على المعمودية فعكست هذه الأسماء قوتها وفاعليتها.
ونجد أيضًا أن القديس كيرلس السكندري قام بتفسير معجزة المولود أعمى طقسيًا وليتورجيًا.
لأن ربنا يسوع المسيح مملوء بالحب للإنسان ومهتم بخلاص النفس، كان يجول يصنع خيرًا ولم يتأخر عن أي عمل من أعمال الرحمة، فصنع آية غير عادية حتى إن المولود أعمى شهد وقال بعد أن أبصر: (منذ الدهر لم نسمع أن أحدًا فتح عيني مولود أعمى).
لقد أبصر السيد الأعمى فذهب إليه ليخلصه من العمَى، أنه يبحث عن الخروف الضال ويفتش عن الدرهم المفقود وينتظر رجوع الابن الشارد، ويسعَى وراء السامرية، ويشفي المخلع، واليوم يخلق البصر من جديد للمولود أعمى (المسيح الخادم).
وهكذا رتبت أمنا البيعة الأرثوذكسية في الأحد السادس من الصوم الكبير (أحد المولود أعمى) لكي تنبه أذهاننا بأن المخلص قام بالمعجزة دون أن يطلب منه أحد، أو حتى دون أن يترجاه أحد لقد قرر أن يشفي المولود أعمى، وهذه المعجزة ترينا جموع الأمم التي لم تترجي الله رغم أنهم كانوا خطاة ولكن الله بالطبيعة صالح، بإرادته وحده جاد وأظهر رحمته ناحيتهم، لقد أظلمت عقولهم بظلمة كثيفة جعلتهم غير قادرين على رؤية النور الحقيقي.
وهذا ما نراه بوضوح لأن الرجل الذي شفي كان مولودًا أعمى فهو لا يعرف ولا يقدر على رؤيته ولكنه بعمل محب البشر حصل على رجاء عظيم، وهذا ما حدث للأمم بالمسيح يسوع.
لقد حدثت هذه المعجزة في يوم السبت آخر أيام الأسبوع لأن
الابن الوحيد ربنا يسوع
سكن بيننا وأعلن ذاته للكل في نهاية الزمن وآخر الدهور، ما أعظم أعمالك يا رب كلها
بحكمة صنعتها.
إنه محب البشر الصالح الذي لا يشاء موت الخاطئ مثل ما يرجع ويحيا الذي يريد أن الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون، وهكذا تجذب الكنيسة أنظار المؤمنين في الصوم إلى المسيح الذي صام ليقدس صومي ويكمله (صام عنا) الذي أنتصر على جبل التجربة لحسابي ومن أجلي، الذي يتعطف على الخطاة ويقبل الراجعين مع الابن الضال إلى الأحضان الأبوية، تشد ألحاظ المؤمنين إلى المسيح الذي تعب ومشي وسعي وراء السامرية ليخلصها ويحولها إلى مبشرة وكارزة بعد أن كانت كارثة.
واليوم تشد ألحاظ المؤمنين إلى المسيح الخالق المحب الذي خلق أعين للمولود أعمى وأعطاه البصيرة الروحية وما صار المسيح رب المسيح رب المجد إلا عني ليكمل ضعف صومي (صام عنا) وما الخروف الضال إلا أنا وما الدرهم المفقود إلا أنا وما الابن الضال إلا أنا وما السامرية إلا أنا وما هذا الأعمى إلا أنا، يا لها من كنيسة عظيمة تلك التي رتبت لنا هذه المائدة الدسمة الغنية بالقراءات والألحان والعبادات لتسد جوع الجسد بشبع الروح.
الإنسان بعد أن خلقه الله ليحيا في النور ويرى النور سقط بالعصيان وصار في الظلمة أي فقد الإمكانية الداخلية لرؤية نور المسيح نفسه، لذلك يقول المسيح عن نفسه أنه النور الحقيقي الآتي إلى العالم وهذا الإنجيل (المولود أعمى) هو إنجيل نور العالم وإنجيل أبناء النور.
إن عيوننا الروحية قد أصيبت بالعمى فلم تعُد ترى الله أو تحس به من أجل هذا تجسد المسيح ليشفي عيون البشر الداخلية من العمَى (نورًا تجلي للأمم) وفي إنجيل المولود أعمى (يو 9) يقدم لنا السيد صورة محسوسة لشفاء عيني الإنسان عمومًا من العمَى، لقد تفل السيد المسيح في التراب كالفخاري العظيم الذي يعيد تشكيلنا من جديد بواسطة يده الإلهية البارعة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. لقد خلق السيد المسيح أعين جديدة فنقل المولود أعمى من ظلمة العمَى إلى نور النظر إشارة وتأكيدًا للوضع الروحي (النور أضاء في الظلمة) وهو جعل الذي كان بلا عين أصلًا منذ ولادته الأولى يبصر.
وهنا يظهر المسيح القادر أن يعطي حواسًا جديدة للإنسان، حواسًا جديدة على المستوى الجسدي وعلى المستوى الروحي أيضًا، ينقلنا من الضعف إلى القوة ومن النقص إلى الكمال ومن الظلمة إلى النور، ومن الضلالة والعبودية إلى حرية مجد أولاد الله.
لقد أعاد الرب للمولود أعمى بصيرته.. مظهرًا عمله لتظهر أعمال الله فيه، إن الرب إلهنا هو الطبيب الذي يشفي طبيعتنا ويصحح حياتنا لكي يظهر قوته الإلهية ومن الذي يقدر أن بخلق أعين للمولود أعمى إلا الله الكلمة، لقد قال الرب عن نفسه (لتظهر أعمال الله فيه) وهنا نرى أن المسيح رب المجد يتكلم عن نفسه، وعن أعماله.
لأنهم سمعوا أن الله حينما خلق الإنسان أخذ ترابًا من الأرض لذلك أيضًا صنع المسيح طينًا وبالرغم من أنه لم يكن محتاجًا للمادة عند خلق العينين ولكنه فعل ليعرفنا بذاته أنه هو الخالق منذ البدء لأنه خلق أعين من جديد وكأنه يقول: أن هو الذي أخذت التراب من الأرض وصنعت الإنسان، فلو كان قد قال ذلك لظهر كلامه صعبًا على السامعين أن يصدقوه لذلك أراد أن يريهم ذلك بالعمل، فاخذ التراب وخلطه بالتفل فأظهر بذلك مجده المخفي وأظهر ألوهيته.
فلم يكن هينًا أن يعتبروه خالقًا ولكنه بخلقته للعينين أثبت أنه خالق الكل، خلق العينين بذات الطريقة الأولى التي خلق بها الإنسان.
ولما كانت العين سراج الجسد، من أجل هذا نحن نطلب من الرب يسوع خالق الكل أن يهبنا الأعين الروحية المستنيرة والبصيرة الحية كما صنع مع المولود أعمى في هذا اليوم لأنه قادر أن يتمجد في الضعف، لذلك كل الأمور التي حولنا مهما كانت صعبة تجارب، أحزان، بلايا، أمراض، فشل، مضايقات، اضطهادات، لنثق إنها ستؤول لمجد الله..
لقد قال السيد (يجب أن أعمل ما دام نهارًا).
إن عمل المسيح أن يتمم مشيئة الآب السماوي الذي أرسله، لذلك هو يعمل في النهار حيث النور والإيمان والاجتهاد والتوبة.
إن الله يعمل في أبناء النور وفي أبناء النهار، أبناء المعمودية الذين يقبلون الكلمة، فلنقبل الكلمة الموضوعة على المذبح الجسد والدم، ولنقبل كلمة الله التي نسمعها من المنجلية لنسلك في النهار وفي النور لأن إلهنا لا يسكن إلا في النور، لأنه هو النور الحقيقي الآتي إلى العالم، كل من يعيش بعيدًا عنه ينطرح في الظلمة الخارجية.
إن الشعب الجالس في الظلمة أبصر نورًا، لنبصر النور، ولنعاين النور، ولنعمل أعمال النهار، ولنسير في النور، نور الحياة الجديدة نور الوصية ولا نسلك في ظلمة الخطية القاتلة للنفس، ولا في ليل العدو الشرير.
ولنخبر بفضل الذي دعانا من الظلمة إلى نوره العجيب فنكون كمصباح منير في موضع مظلم إلى أن ينفجر نور النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبنا.
فها هو المولود أعمى، ونحن جميعًا معه نولد عميان ليس لنا مقدرة على رؤية الله بسبب الفساد الذي دخل طبيعتنا منذ سقوط أبينا آدم ولكن لصلاح الله ومحبته، يتقدم المسيح من نفسه دون أن يطلب منه أحد، ليخلق البصر للمولود أعمى، بل ويعلن أنه ينبغي أن يعمل أعمال الرب لكي تظهر في هذا الرجل قائلًا (ما دامت في العالم فأنا نور العالم) والطريقة التي شفي بها المسيح رب المجد المولود أعمى تشير إلى طريقة إعطائنا البصر الروحي الذي به نستطيع أن نراه (بنورك يا رب نعاين النور) وهنا المسيح يعلن لنا عن ذاته ويصالحنا مع الله، وفي هذه المعجزة يقدم لنا نفسه شافيا لعين الجسد التي لإنسان مولود أعمى لكنه في ذات الوقت يقدم نفسه للعالم والعميان بحسب الروح وللجالسين في الظلمة وظلال الموت لأن معرفة المسيح هي معرفة النور وكل من يتبعه لا يمشي في الظلمة وتلك هي بركات المعمودية وخيراتها في حياتنا لذلك من تدابير كنيستنا المقدسة أن يقرأ هذا الفصل من إنجيل المولود أعمى في يوم اقتبال نفوس كثيرة لنعمة العماد لكي ندرك أسرار ملكوت الله.
والنور في اللاهوت الأرثوذكسي مرتبط صميمًا بالحب والحق والفرح والحياة والنهار والسلوك بلا ميل ولا عثرة، أننا أبناء نور وأبناء نهار وأبناء قيامة.
إن الاغتسال من بركة سلوام إشارة إلى المعمودية باسم المسيح وقد ذكر الإنجيل أن سلوام تفسيرها أي معناها "مرسل" أي أن الاغتسال من المعمودية هو اغتسال في المسيح أبن الله المرسل من الآب لخلاصنا.
وبدون المعمودية لن تكون لنا الأعين الروحية لكي نرى نور الله، وهذا الإنجيل الذي تقرأه الكنيسة يوم أحد التناصير يوم تعميد الداخلين الجدد في الإيمان يجعل تفتيح عيني المولود أعمى مذكرًا لكل مسيحي معمد بالنور الذي أعطاه لنا المسيح بتجسده ومجيئه وصليبه وقيامته، وإن الكنيسة تذكرنا في الأحد السادس من الصوم أننا نلنا نور البصر الروحي في المعمودية.
ومجرد الاغتسال من بركة سلوام الذي تفسيره مرسل إشارة تتجه نحو المسيح نفسه مباشرة، أي أن الاغتسال في بركة سلوام سر فاعليته من صميم رسالة المسيح.
وكذلك معروف أنه في عيد المظال هذا الذي صنع فيه المسيح معجزة المولود أعمى كان يعمل فيه طقس تذكار الصخرة (الصخرة كانت المسيح) (1 كو 10: 4) حيث كان رئيس الكهنة يملئ بنفسه جرة فضية -عوض الصخرة في برية سيناء- من ماء سلوام ويصبها على المذبح، فماء سلوام هو المسيح نفسه الذي يقدس ماء المعمودية لكي يعطينا الحياة والاستنارة والحواس الجديدة التي من فوق فنؤهل لرؤية الملكوت وقبول الأبدية.
وإنجيل قداس المولود أعمى يشرح لنا عمل المسيح في المعمودية بصفته النور والحياة في ماء سلوام، وماء المعمودية هو لنا جميعًا ماء سلوام الروحية، ماء المرسل ماء المسيح الماء الحقيقي الحي، الذي يعطي الحياة الجديدة والبصيرة السمائية وموهبة الحياة الجديدة والاستنارة لأنه هو مصدر الحياة ومصدر النور.
فتأخذنا الكنيسة إلى عمق الفكر الليتورجي لكي نراجع حياتنا وقلوبنا من جديد وننظر إلى هدف حياتنا ببصيرة روحية واعية مستنيرة خلال ربيع السنة الروحية في الصوم الكبير.
هل نحن نتمتع بإشراقة نور المسيح؟
هل نحن نعيش بركات المعمودية؟
لقد أعطانا المسيح أن ننال معرفة الثالوث القدوس الواحد في الجوهر، وأعطانا أن نكون شركاء جسده وإن نجحد الشيطان ومملكته في المعمودية المقدسة.
سلوام صورة المعمودية المقدسة التي بها نصير بنين مخلصين ووارثين ومجددين ولابسين ثياب البر، نتعرف على شخص المسيح الذي يهبنا الولادة الجديدة بالمعمودية لأنه هم المرسل، ولأنه هو الذي يقدس الأسرار، نتعرف عليه في سلوام (جرن المعمودية) سابحا بطريقة غير منظورة فوق سطح مياه المعمودية المقدسة لنغسل التلوث والنجاسة التي في عيون الذهن، وننظر الجمال الإلهي بنقاوة ومحبة الصلاح.
لقد أسرع الرجل الأعمى ليغتسل من بركة سلوام الروحية التي نتقابل معها في جرن المعمودية، لقد خلق السيد أعين للمولود أعمى دون أن يطلب، يا للعجب أن مسرة قلبه أن نعيش فيه ونرى النور، لقد جاء من أجل الجميع من أجل الضالين والخطاة والمشتتين والعمَى ومن أجل الشحاذين والعميان.
إن الكنيسة تأخذنا اليوم في الأسبوع السادس من الصوم الكبير أحد التناصير (المولود أعمى) إلى رؤية المسيح ومعاينة النور الإلهي في داخلنا.
البصيرة الجديدة التي وهبها لنا الله في مياه المعمودية، البصيرة الروحية التي تقبل أعمال الله في الأسرار بلا مجادلة ولا شرشرة، البصيرة الروحية التي بها نستطيع أن نرى جيش الملائكة النورانية، ونعيش في شركة الثالوث القدوس وفي شركة السمائيين، فنتأكد أن الذين معنا أكثر من الذين علينا.
تلك البصيرة الروحية التي أخذناها في المعمودية لنستطيع بها أن نقول أننا ناظرين إلى الرب بوجه مكشوف، تلك المعمودية التي أهملناها وحولنا أنظارنا إلى العالم والمشتهيات والأباطيل، ولا نعود نعرف حقيقة ضعفنا.
إن توبتنا هي معموديتنا المتكررة التي نسترد بها بصيرتنا واستنارتنا لنعرف الطريق التي نسلك فيها.
وكما أن الذين يتعمدون يعانون من الضيق والاضطهاد والآلام، كذلك كل الذين يُدْعَى عليهم اسم ربنا يسوع المسيح أبناء المعمودية يتضايقون ويتعيرون، وهكذا نرى في قصة المولود أعمى أنه بعد أن فتح الرب عينيه أصطدم بمقاومات ومحاكمات من الفريسيين ومن رؤساء الكهنة فالشيطان يرصد حركاتنا لأنه عدو الخير وعدو أولاد الله فيهيج من حولنا ويثير الناس ونجد أن الفريسيين الذين شاهدوا المعجزة، أدانوها واحتقروها لأنهم كانوا عميانا بسبب الحقد والكراهية، أما المولود أعمى فقد كشف الرب بصيرته فشهد للحق، ويكفي إنه قال:
أنا أعلم إنني كنت أعمى والآن أبصر.
لقد كان هذا الرجل مولود أعمى وأبواه أيضًا، والكلمة هذه تتكرر المرة في القراءة الإنجيلية في (أحد التناصير) لقد أبصر مستنيرًا بعد ظلام وعتمة طويلة، لكن اليهود أخرجوه خارجًا، فوجد المسيح ينظره خارجًا وكفاه.
وكل من استنار وأبصر يسلك في النور بروح القيامة متحدثًا عن فضائل ذلك الذي دعانا من الظلمة إلى نوره العجيب، وها قد تركنا كل شيء وتبعناك مع هذا المولود أعمى، لنشهد بعمل الله ونخبركم بكم صنعت بنا ورحمتنا ولسان حالنا أننا لا نعرف شيئًا إلا أننا كنا عميان والآن نبصر.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-athnasius-fahmy/lent/sunday6.html
تقصير الرابط:
tak.la/6chjrs2