(لو19: 1 - 10 + مت20: 29 - 34 + مر10: 46 - 52 + لو18: 35 - 43)
+ (يو11: 55 - 12: 1 + مت26: 6 - 13 + مر14: 3 - 9 + يو12: 2 - 11)
ترك الرب يسوع الآن الجليل وبيرية وعبر مخاوض الأردن للمرة الأخيرة، عابرا إلى اليهودية، سائرا بثبات نحو الهدف الذي تجسد لأجله، أي ليصلب فداء عن البشر في عيد الفصح ليكون هو خروف الفصح الحقيقى في هذا اليوم حسب النبوات. أتم كرازته وتعاليمه ومعجزاته التي أعلنت محبته ورحمته، ومع كل هذا ظل مرفوضا. ولم يأتي وحيدًا كما أتى في عيد المظال، بل أتى إلى هذا العيد في موكب من تلاميذه ورسله وتلاميذه الكثيرين الذين أحاطوا به. أتوا كموكب كبير من مواكب الحج التي تأتى إلى أورشليم في موسم الفصح. وكانت محطة الرب الأولى في أريحا التي تبعد مسيرة 6 ساعات عن أورشليم. وإشتهرت أريحا بخصوبة أرضها وجمالها وينابيعها حتى أطلقوا عليها "جنة عدن فلسطين" وكان بومبى الروماني قد هدم أسوارها وحصونها، ولكن جاء هيرودس الكبير ليعيدها لجمالها ويبنى بها سورا وقلاعا وقصورا ومسارح وحدائق وهكذا عمل ابنه أرخيلاوس. وكانت أريحا محطة تجمع الكهنة قبل توجههم إلى أورشليم. وفي مواسم الحج كانت تمتلئ بمواكب الحجاج قبل دخولهم إلى أورشليم.
في أريحا تقابل الرب مع زكا العشار. وكما رأينا كان هؤلاء العشارين لصوصا وسمعتهم رديئة ومكروهين. وزكا كان غنيا ولكن بطرق غير شريفة. وقد سمعنا من الرب أن دخول غنى إلى ملكوت الله صعب فكم بالحرى الذي إغتنى هكذا. وقد إجتمع الكثيرين ليروا المسيح الذي سبقته سمعته وأعماله وبالذات إقامته لعازر. بل إجتمع كثيرين ليروا هذا النبي الذي إختلفوا حوله وهل يعمل معجزاته بقوة إلهية أم بعمل الشيطان. وعندما وصلت أخبار عبوره مخاوض الأردن تجمع الناس ليرونه. هل يأتي فعلًا ويعلن نفسه، بعد كل أعماله التي عملها خلال السنوات الثلاث الماضية. وهل يأتي فعلًا بعد أن عرف قرار السنهدريم بقتله؟ (لقد أصدر السنهدريم قرارا بأن من يعرف طريقه فليدل عليه ليأتوا ويأخذوه. كان السنهدريم يتمنوا إعتقاله سرا في بيت حتى لا يثيروا الجماهير). وكان هناك تساؤل - لماذا يأتي؟ ولماذا يأتي في العيد حيث الإزدحام وإمكانية قتله تزداد؟ وإذا لم يأتي ويعلن نفسه فهل كل ما إدعاه وقاله هل كان غير حقيقى ويكون كلام السنهدريم والكهنة عنه صحيحا؟ وإذا أتى في الخفاء فهذا يعتبر هزيمة أمام الكهنة والسنهدريم. لكنه ها هوذا يأتي في موكب كبير. كل هذه التساؤلات كانت سببا في تجمع الكثيرين ليرونه. وسمع زكا بقدوم المسيح الذي ربما سمع كلامه من قبل وربما دفعه فضوله ليذهب ويراه، ولكن بالأكثر هو إستمع لصوت الروح القدس يناديه للذهاب ليرى المسيح. كان ضمير زكا متألما بسبب أعماله ولكن ما سمعه من الربيين والفريسيين سبب له إحباطا شديدا، إذ فهم أن توبته شبه مستحيلة وأنه غير مقبول أمام الله. ولكن الروح حرك قلبه والرب يسوع سار إلى الشجرة التي كان فوقها ليَقْبَلَه. وما أن دخل المسيح بيته باع كل شيء [وهذا ما كان ينقص الشاب الغنى].
نرى تكامل الأناجيل، فهذا يعرض نقطة والآخر يكمل بالأخرى، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. فنرى متى يقول أن الرب تحنن وشفى الأعمى، ونجد مرقس يقول أن الإيمان شفاه. فالرب تحنن وسأله أتؤمن ليحفز إيمانه ويحركه ولما نطق بأنه يؤمن شفاه فهو بهذا شفى إيمانه وبصره. وبينما يقول متى أنهما كانا اثنين يقول مرقس ولوقا أنه واحد ويذكر مرقس إسمه. وغالبا هم كانوا اثنين والمتكلم فيهم هو بارتيماوس. [في رأيى أنهم اثنين وكعادة الإنجيليين هم لا يؤرخون بل هم يعطون وجهة نظر عن المسيح كلٌ من زاوية غير الآخر. فمتى يكتب لليهود فيقول كانوا اثنين أعميان ويشير بهذا لليهود والأمم، أما مرقس ولوقا فيشيروا بقولهم واحد إلى الأمم فهم يكتبون للأمم. وكان هذا قبل دخول المسيح إلى أورشليم يوم أحد الشعانين ونرى فيه الأطفال المبصرين يسبحونه. والمعنى أن الكل يهودا وأمما كانوا عميانا وبدخول المسيح لحياتنا إنفتحت بصيرتنا. وبنفس المعنى وضع القديس يوحنا قصة المولود أعمى قبل دخول المسيح إلى أورشليم مباشرة فهكذا كان الجميع قبل دخول المسيح للعالم. وبنفس الطريقة يذكر متى أن المسيح دخل إلى أورشليم راكبا حمار وجحش (رمز للأمم واليهود) بينما مرقس ولوقا ويوحنا يذكران الجحش فقط فهم يكتبون للأمم. فالجحش لم يركبه أحد من قبل رمز للأمم الذين لم يعرفوا الله ولم يخضعوا لقيادته من قبل، عكس اليهود الذين كانوا خاضعين لله].
وأتى المسيح إلى بيت لعازر الذي أقامه من قبل في الزيارة السابقة. أتى قبل الفصح بستة أيام حيث أعدوا له وليمة يوم السبت. وسمعان الأبرص صاحب البيت هو إما زوج مرثا أو هو والدهم. وكان أبرصا وشفاه المسيح قبل ذلك. وجاءت مريم بطيب ناردين من أغلى الأنواع (غير مخلوط بشئ) وهذا من أفخرها وثمنه 300 دينار. ولنرى ماذا يعنى هذا الرقم - فخبز بـ200 دينار يكفى 5000 شخص مع عائلاتهم. وأجرة العامل دينار واحد في اليوم.
فعلت ذلك لأجل تكفينى = وقول الرب أن هذا الطيب كان لتكفينى يشير لأن مريم التي أحبته حقيقة فهمت كلامه وصدقته وأنه مقبل فعلًا على الموت خلال الفصح، وهى سمعت قرار السنهدريم وفهمت، وأتت بهذا الطيب لتكفينه فعلًا. هي فهمت، والتلاميذ الذين شرح لهم المسيح هذا عدة مرات لم يفهموا ولم يصدقوا! فلماذا؟ لأن لهم أحلام في مجد أرضى حينما يملك المسيح كملك. أما مريم فقد دخل كلام المسيح إلى قلبها مباشرة وصدقته لأن محبتها كانت كاملة حقيقية. هذه المحبة التي تفتح العيون لترى ببصيرة مفتوحة هي التي قال عنها المسيح "الحق أقول لكم: حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم، يخبر أيضًا بما فعلته هذه تذكارا لها". [وقال عنها القديس بولس الرسول "وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة" أف3: 19].
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/simon-leper.html
تقصير الرابط:
tak.la/vw6ntgy