عاش الشعب اليهودي وسط سنوات طويلة مظلمة في تاريخهم وعيون قلوبهم معلقة على بيت لحم والناصرة من حيث يأتي المسيا المخلص. إلى أن أمر أغسطس قيصر بعمل تعداد للدولة لتنظيم الضرائب، وبحسب الفكر اليهودي كان لا بد أن يكتتب كل فرد بحسب سبطه والمدينة التي ينتمى إليها، وصعد يوسف النجار الذي من الناصرة إلى بيت لحم مدينة أبائه فهو من بيت داود. وكان الطريق من الناصرة إلى بيت لحم طويلا ووسط ظروف مناخية صعبة. وحول بيت لحم هناك أراض خصبة ومراع ومزارع، وخلف هذه المزارع تلال تخفى المدينة المقدسة أورشليم.
وبسبب التعداد (بحسب أمر أغسطس) والإكتتاب (بحسب التقليد اليهودي بأمر من هيرودس) كان عدد زوار بيت لحم ضخما وإمتلأت الأماكن والبيوت من الزوار. حتى الفنادق إمتلأت ولم تجد العائلة المقدسة مكانا للراحة إلا مذود (ومكانه الآن كنيسة الميلاد). والإنجيل أمسك عن تقديم معلومات كثيرة عن قصة الميلاد وغيرها، لأن الإنجيل ليس هدفه تقديم سيرة ذاتية عن المسيح، بل أن المسيح ابن الله وأنه أتى ليخلص البشر. ومن الواضح أن أحداث قصة الميلاد تتناقض تمامًا مع تصورات المجمع اليهودي عن المسيا - فالربيين اليهود لم يتصوروا أبدًا أن المسيا العظيم يولد في مذود. فهم يحيطون أبطالهم بهالات من المجد.
قال الربيين أن المسيا سيولد في بيت لحم. وهناك رأى آخر موازٍ له أن المسيح سيظهر في مجدل عَدَرْ وتقع مجدل عدر ما بين بيت لحم وأورشليم. وأصحاب الرأى الأخير إستندوا على نبوة ميخا النبي (4: 8). [مجدل عَدَرْ = هو اسم عبرى معناه قلعة أو برج القطيع. ويذكره ميخا النبي "وانت يا برج القطيع اكمة بنت صهيون اليك ياتي. ويجيء الحكم الاول ملك بنت اورشليم" مجدل عدر. الآن قرية صغيرة بجانب صير الغنم (دائرة المعارف الكتابية)]. ومجدل عدر هذه ليست برجا لمراقبة قطعان الغنم العادية بل الغنم التي ستقدم ذبائح في الهيكل (كتاب المشناة اليهودية). والرعاة الذين يرعون هذه الأغنام ليسوا رعاة عاديين. فهؤلاء الرعاة يقعون تحت الحظر بحسب الشرائع الدينية، ومعزولين بالضرورة عن العالم الخارجى ويراقبهم الربيين. ولهم حياتهم المختلفة. [هذه الخراف التي يرعونها كانت تفحص بواسطة الكهنة ويختمون الصالح الذي لا يوجد به عيب (فهو يرمز للمسيح الذي بلا خطية) وهؤلاء الرعاة وظيفتهم رعاية هذه الخراف. وقال عنهم الإنجيل "رعاة متبدين" ومن يريد أن يقدم ذبيحة يذهب لهم ويشترى خروفا مختوما ويذهب ليقدمه في الهيكل. ومن هذه الخراف يأخذون ما يقدم كذبيحة في أعياد الفصح].
هؤلاء هم الرعاة الذين ظهر لهم الملائكة ليبشرون بميلاد المسيح الذي سيكون الحمل الذي يقدم ذبيحة عن العالم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وتحققت توقعات من قال أن ميلاد المسيح في بيت لحم. وتحققت أيضًا توقعات من قال أنه سيظهر في مجدل عدر، إذ أن الملائكة كشفوا عن شخصه المبارك لرعاة مجدل عدر المكان المقدس المخصص لخراف الذبح في الهيكل [كان الرمز في مجدل عدر والمرموز إليه في بيت لحم. وكأن الملائكة تعلن أن مولود بيت لحم هو حمل الله الذي يحمل خطية العالم كما قال المعمدان عنه. أي سيقدم ذبيحة لخلاص البشر وأنه بلا خطية وقد ختمه الله الآب أي شهد له (يو6: 27) كما يشهد الكهنة بخلو الخراف التي ستقدم ذبيحة والموجودة في مجدل عدر من أي عيب. وُلد المسيح في بيت لحم وأُعلِن في مجدل عدر عن وظيفته ولماذا أتى إلى العالم]. في مجدل عدر أعلن الملائكة أن إنتظار إسرائيل الطويل لمجئ المخلص قد تحقق اليوم. وليس من المستبعد أن الملائكة رنمت الترنيمة الخالدة "المجد لله في الأعالى..." بينما كان الكهنة يقدمون على المذبح التقدمة المسائية اليومية. وهذه التقدمة اليومية تقدم وسط التسابيح. فكان هناك تسابيح السمائيين مع تسابيح الأرضيين بميلاد ملك السلام. ونشر هؤلاء الرعاة البسطاء الخبر في كل مكان وبالذات في الهيكل فهم يتعاملون مع الهيكل يوميا. ونشروا عن هذا الميلاد العجيب لطفل تبشر به السماء يولد في مذود لعائلة غاية في التواضع.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/nativity.html
تقصير الرابط:
tak.la/4g8nhf2