(مت9: 9 - 13 + مر2: 13 - 17 + لو5: 27 - 32)
(مت10: 2 - 4 + مر 3: 13 - 19 + لو6: 12 - 19)
بينما يطالب الربيين الخاطئ أن يتوب أولًا ليقبلونه، أتى المسيح للخطاة، فالمريض هو الذي يحتاج للطبيب. الربيين يطالبون الخاطئ أن يتحول ويصير تائبا أولًا حتى يكون مقبولا من الله، أما المسيح فهو يرحب بالخاطئ ليحوله هو إلى تائب. الربيين لهم مطالب لقبول الخاطئ بينما المسيح جاء ليغفر الخطايا وليشفى أمراض وليعطى حياة. أتى المسيح ليغفر خطايا المفلوج ويقبل متى "لاوى العشار" وباقى العشارون والخطاة. وقف الفريسيين ضد الخطاة لعزلهم بل أن كلمة فريسي هي بمعنى الإنعزال عن الخطاة وإحتقارهم. وفي هذا يتفق معهم الصدوقيون. وبنى الفريسيون كبريائهم على فكرة أن الناموس هو ميزة ومجد لإسرائيل من الله، وأن العالم قد خلق من أجله وهو محفوظ لأجله. فأى خطية أو حتى من يجهل الناموس تجعل الشخص مخطئ بل ومجدف على الله، ويضيع أبديته. وإعتبروا أن حتى الأفكار تدنس الإنسان حتى لو لم ينفذها بل هي أسوأ فهي تعبر عن تقصير داخلى تجاه الناموس، وأنه لا إنسان يخطئ إن لم يتسلل لداخله روح الخطأ. وكما أن البر يأتي بالناموس فهو أيضًا يأتي عن طريقه. هم لا يقبلون سوى التائب. ونجد بركات ومكافآت للتائب تتلى يوم الكفارة، فالتوبة تطيل العمر وتبعد العقاب وتأتى بالبركات. التائب يحتاج إلى أعمال وله مكافآت. وأن التوبة وأعمال البر تعادل تقديم كل الذبائح. وقال البعض أن الله هو من أوجد "دافع الشر" ولكن التائب الذي ينتصر عليه هو القوى العظيم ويكون له مكانا عظيما أكثر من البار الذي لا يوجد لديه "دافع الشر" هذا. وقالوا أن الخلاص المسيانى سوف يظهر لو تاب كل إسرائيل وعاشوا في بر ولو ليوم واحد. ولاحظ قول السيد المسيح "إن فعلتم كل البر فقولوا أننا عبيد بطالون" وهذا أيضًا عكس تعاليم الربيين - أن البر بالناموس - وما نفهمه من (رو7) أن الناموس يؤدى للموت، [فمخالفة الوصية تؤدى للموت ومن ذا الذي لا يخطئ]. لذلك كله نجد أن تعاليم المسيح تناقض تعليم الربيين اليهود.
وتعاليم الربيين كانت من التوراة ولكن بتفسيراتهم الخاطئة. وهم قسموا الخطايا درجات فهناك خطايا تغفر عند الصراخ لله طلبا للغفران عقب كسر الوصية مباشرة. ولكن هناك خطايا أخرى تحتاج التوبة وطلب الغفران ولكن على من إرتكبها أن ينتظر ليوم الكفارة حتى تغفر الخطية. وهناك نوع ثالث لا توجد له كفارة سوى عند موت الشخص. وللربيين أقوال غريبة في تعاليمهم: * آدم حين رأى ندم قايين على خطيته صرخ بكلمات المزمور "جيد هو الإعتراف للرب". * قول ثانٍ عجيب أنه مع خوف آدم وبعد إنقضاء الليلة الأولى أعطاه الله حجرين وعلمه أن يحكهم معًا فيخرج شرارا، وأن حَكْ الحجرين في بعضهما هو رمز للتوبة. * باب التوبة مفتوح للجميع حتى منسى، فعندما أغلق الملائكة أبواب السماء أمام صلواته، فتح الله لصلواته مكانا تحت عرش مجده. وقالوا أنه لكى يحصل التائب على القرار الإلهي بالغفران فيجب أن تكون توبته من القلب ويصاحبها أعمال صالحة. والأعمال الصالحة مثل مضاعفة قراءة التوراة أو المشناة أو أعمال صالحة للمجتمع كتوزيع الصدقات.
الأعمال الصالحة عند الربيين والفريسيين اليهود هي أن يقوم الشخص بالعمل بدون أي مساندة إلهية. وقطعا نفهم أن هذا الفكر يدفع للبر الذاتى والكبرياء وهذه مشكلة اليهود. وهى شرط لقبول الشخص في الجماعة اليهودية (الجماعة في العهد القديم مترجمة الكنيسة في العهد الجديد). أما الفكر المسيحي نفهمه من قصة الابن الضال. فالإبن الضال حال عودته بنجاسة الخنازير التي لوثته قبله أبوه بفرح ولكنه قال "ألبسوه الحلة الأولى و...." فمن هم الذين يلبسونه. يقول السيد "بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئا" (يو15: 5) فماذا صنع الرب لنا؟ تمم الفداء والمصالحة مع الآب ثم أرسل الروح القدس مؤسسًا الأسرار الكنسية وبها نولد من جديد ويسكن فينا الروح القدس الذي يبكت (يو16) ويعين ضعفاتنا. ووضع في الكنيسة نظاما كهنوتيا لممارسة هذه الأسرار. ووحدنا الروح القدس بالمسيح في المعمودية وأسكن الروح القدس حياة المسيح فينا. ويساعدنا أن تكون أعضاءنا ألات بر (رو6). وقوة الروح القدس هذه تسمى النعمة وبها نخلص (أف2) ولكن إذ نعمل كل البر وكل ما أوصينا به علينا أن لا نفتخر فالنعمة هي التي ساندت من أراد بحريته أن يعمل. وهذا الفكر يحمى المسيحي من الكبرياء والبر الذاتى إذ يفهم أن البر هو عمل الله فيه. وهذا ما قصده بولس الرسول بقوله "لكى نصير نحن بر الله فيه" (2كو5: 21).
ولكن الواضح عموما أنه عند الربيين، شرط قبول الشخص الخاطئ هو توبته وتغييره، حتى أنه في بعض الخطايا مثل الهرطقة قالوا أنه حتى في حالة التوبة الحقيقية الصادقة يكون علامة المغفرة أن يموت الشخص، ويكون موته علامة على أن توبته كانت صادقة. لأن هذا الشخص حتى لو تاب سيكون بقاءه في الطريق الصواب مستحيل وهو سينحرف ثانية. بينما نجد المسيح يقبل كل من يأتي إليه مهما كان ماضيهم. ومن هذا نفهم معنى إعتراض اليهود وموقفهم من قبول متى "لاوى العشار". [كان من الطبيعى عند الجليليين أن يكون للشخص إسمين أحدهما عبرى والأخر جليلى وغالبا أسقط اسم لاوى بعد أن صار تلميذا للمسيح كما صار شاول بولس الرسول] وقال الربيين في رفضهم لقبول متى - أن متى حاول الهروب من القضاء عليه حينما وقف أمام القضاء في النهاية، وذلك بالتلاعب بإسمه إذ قال "مَتَى أجئ وأتراءى قدام الله" (مز42: 2) [متى في العبرية هي كما في العربية تعني حرف الإستفهام متى] فجاءه الرد من القضاة "مَتَّى يموت ويباد إسمه" (مز41: 5). ولقد سجل التلمود خمسة أسماء فقط من أسماء تلاميذ الرب وهناك إسمين معروفين هما متى وتداوس، وسجلت التوراة أيضًا اسم نيقوديموس وغالبا هو من جاء للمسيح ليلا (يو3). وكان اليهود يكرهون العشارين ويحتقرونهم. لأن اليهود أصلا كارهين الضرائب التي يأخذها منهم الرومان عن طريق العشارين، أضف لذلك أن هؤلاء العشارين كانوا يحصلون منهم على أكثر من المفروض بالقوة. ومن الناحية الدينية فهم رافضين دفع جزية لملك أجنبى فهذا يعتبر علامة على العبودية لغير الله. لذلك نظروا على العشارين الذين يحصلون الجزية أنهم خارجين عن الجماعة وغير وطنيين. وقالوا أن قبول توبة العشارين صعبة جدًا. وكانت هناك عدة أنواع من الضرائب (الجزية وضرائب المرور وخلافه) وكانت الضرائب تقدر بعشر المحاصيل الزراعية وخمس الفواكه والنبيذ، وتحصل هذه الضريبة أما عينية من المحاصيل أو ما يوازيها من النقود. ويضاف لهذا أن العشارين كانوا يوقفون البهائم المحملة بالمحاصيل أو البضائع وينزلونها ويحلونها ليَحْصون كل شيء، وبعنف يفرضون الضرائب. ومن أرادوا أن يجاملوه يفعلوا، ومن أرادوا تحميله بأكثر فرضوا عليه كما يريدون. وأمام هذه الوحشية والإستغلال أعطى الناس لأنفسهم حق الخداع، فكان الرجل يقول عن عبده أنه ابنه، ويقول على بضائعه أنها نذور. وحكم الربيين على هؤلاء بالعزل تطبيقا للآية (لا20: 5). وقالوا لا يمكن أن يخرج عشار من عائلة إلا لو كانت العائلة كلها على شاكلته، ولكن إن تاب يقبلونه.
نلاحظ أنه بينما كان الربيين شخصيات طاردة للخطاة، كان المسيح بمحبته جاذبا للنفوس. مر على لاوى العشار ودعاه فتبعه حالا. هو ربما سمعه في المجمع وسمع عنه الكثير. كان لاوى - متى يذهب إلى المجمع لكنه لم يتصور يوما أن المسيا العظيم المعلم الذي يعمل المعجزات سيهتم به ويدعوه، فالربيين يقولون له أن توبته شبه مستحيلة. ولكن نظرة المحبة والقبول في وجه المسيح أثرت بشدة في قلب متى فتبع الرب حين دعاه. حقًا هذا تطبيق لقول الكتاب "أريد رحمة لا ذبيحة" (هو6: 6) هذه الرحمة لم تدخل إلى أفكار الربيين والفريسيين. فهم إختاروا من الناموس ما يتوافق مع كبريائهم.
ونجد أن عشارين وخطاة كثيرين ذهبوا إلى بيت متى يأكلون مع الرب، وهذا ما أثار إعتراضات الفريسييين. هم رأوا في المسيح المعلم رجاء في قبولهم.
وبعد دعوة القديس متى ليصبح تلميذًا للرب تبع ذلك دعوة باقى التلاميذ، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهناك علاقات تجمع التلاميذ مثل بطرس وأندراوس فهم إخوة وكذلك يعقوب ويوحنا إبنا زبدى. وفيلبس وبرثولماوس الذي هو نثنائيل ومتى العشار. وهناك أشياء تضاف للبعض مثل توما بمعنى التوأم ويوضع بجانب متى، وذلك في إنجيل لوقا وإنجيل متى نفسه. وهناك يعقوب بن حلفى أو كليوباس وهو يعقوب الصغير ابن مريم وهى نسيبة العذراء مريم. وهناك يهوذا أو لباوس (لباوس من لَبَّه وتعنى كلمة عبرية بمعنى القلب) وإنجيل مرقس قال عنه تداوس (من كلمة عبرية تعني صدر أو تسبيح) والكلمتين معًا يشيران لحياة الشكر من عمق القلب التي كان يحياها هذا الرسول. وقال عنه القديس لوقا يهوذا أخا يعقوب. وهناك سمعان القانوى أو الغيور، إذًا هو من حزب الغيورين في الجليل، أو الغيورين على الناموس، وربما يكون ابن كليوباس وأخو يعقوب ويهوذا لباوس. وهؤلاء الثلاثة هم إخوة المسيح بالقرابة الجسدية ربما من أولاد أخ ليوسف النجار. بينما يعقوب ويوحنا إبنا زبدى هم أولاد خالة المسيح، فأمهم سالومى أخت العذراء مريم.
أخيرا نجد يهوذا الإسخريوطى الخائن الذي سلم المسيح وهو "الذي من قريوت" وهى مدينة في اليهودية. وبهذا صار الخائن هو التلميذ الوحيد الذي من اليهودية، أما بقية التلاميذ فهم من الجليل.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/matthew.html
تقصير الرابط:
tak.la/af8avq5