St-Takla.org  >   books  >   fr-antonios-fekry  >   jesus-the-messiah
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب حياة السيد المسيح والزمان الذي عاش فيه - تأليف: ألفريد إدرشيم - ترجمة وعرض: القمص أنطونيوس فكري

26- الفصل الثاني: بعثات منتدبة من أورشليم إلى يوحنا المعمدان (يو1) - طوائف اليهود: الفريسيين والصدوقيين والأسينيين - وما يميز كل منهم عن الآخر

 

بعيدًا عن الأفكار الخاطئة التي كانت لليهود عن المسيح -التي ذكرناها سابقًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت- وبالرغم من الاضطهاد الذي عانوا منه زمانًا وتشتت 10 أسباط وإنقضاء قرونا طويلة على الوعد بالمخلص، وفساد الكهنوت فترات طويلة والإحتلال الروماني الحالى لهم، إلا أن توقعهم بمجئ المسيا لم يتغير. فعقيدة المسيا المخلص هي ثابتة في تعاليم العهد القديم، بل كانت القلب النابض للحياة الدينية عند اليهود. وقطعا وصلت الأخبار التي تجرى على ضفاف الأردن إلى مسامع القيادات الدينية في أورشليم العاصمة الدينية. فعلى ضفاف الأردن ظهر معلم جديد لا ينتمى لأى حزب دينى أو سياسى معروف، له مظهر وعادات غير مألوفة ويدعو للتجديد وممارسة التوبة والطهارة والنقاوة، وله ممارسات غير معتادة، ولا ينادى بأعمال معينة للنقاوة كما كان الفريسيين والكتبة يعملون. إستعدادا لملكوت الله الذي إقترب. وقد إلتف حوله الكثيرون في توبة وندامة.

وكان أن أرسلت الهيئات الرسمية في أورشليم وفدا رسميا لسؤال القديس يوحنا المعمدان عن معنى ما يفعله ومن الذي أرسله. وأتى هذا الوفد إلى المعمدان بعد أن كان المسيح قد إعتمد منه. وقال القديس يوحنا الإنجيلى عن هذا الوفد أنه من اليهود (يو1: 19). فيوحنا الإنجيلى إعتبر أن كلمة يهود تشير لكل من كان في تضاد مع المسيح. ونرى هذا أيضًا في وفد مرسل من السنهدريم للمسيح، بالرغم أن هؤلاء الذين أطلق يوحنا الإنجيلى عليهم لقب يهود كان لهم الصفة الرسمية كما في (يو7: 15). وكان التحقق أو التحقيق مع كل من يدعى النبوة هو واجب السنهدريم، لذلك أرسلوا للمعمدان ليتحققوا من طبيعة إرساليته مع أنه لم يقم بأى فعل مخالف للناموس. وهو لم يدعى النبوة. وكان هناك أيضًا ما يسمى "مجمع الكهنة" ومؤلف من 14 كاهنا من شيوخ الكهنة ولهم حق مقاضاة المخالفين. وهؤلاء كان لهم دور في إدانة المسيح.

ولا ننسى وجود الجماعتين الكبيرتين من الفريسيين والصدوقيين. وهؤلاء لم يكونوا طائفتين منفصلتين عن وحدة الجماعة بل كان إختلافهم حول المسائل العقلانية الميتافيزيقية الغير ملموسة ولا محسوسة كما يتضح هذا في العهد الجديد وأقوال يوسيفوس.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

St-Takla.org Image: Scribes and Pharisees - from "The People's Bible". صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتبة والفريسيين - من كتاب "إنجيل الشعب".

St-Takla.org Image: Scribes and Pharisees - from "The People's Bible".

صورة في موقع الأنبا تكلا: الكتبة والفريسيين - من كتاب "إنجيل الشعب".

الفريسيين:-

مدققين لدرجة الغلو في الإلتزام بالعشور والحياة اللاوية النقية. أما بقية عامة الشعب فيقول عنهم الفريسيين "عامة الناس" ويقولون عنهم أنهم ملاعين (يو7: 49). وهناك تدقيق شديد في قبول شخص لينتمى للأخوية الفريسية ويلزمه شهادة 3 شهود على الأقل، ليتأكدوا أنه ملتزم بأدق التفاصيل. ويرفض الفريسي أن يتعامل مع غير الفريسي في الشراء والبيع، وبالذات في الزيوت والفاكهة. ولا يستضيف الفريسي غير الفريسي ولا يدخل بيته، لئلا يكون هذا الشخص غير طاهر أو أنه لا يسدد لله كل الإلتزامات. وكان عدد الفريسيين حوالى 6000 شخص. وكان هناك للفريسيين درجات أربع للنقاء اللاوى. ورأى الفريسيين أن ممارساتهم هذه كانت نوع من تعذيب أنفسهم، ولن يحصلوا على أي فائدة منها على الأرض، ولكن سيكون لهم نصيب في المستقبل.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

الصدوقيين:-

كانوا يسخرون من ممارسات الفريسيين بل وقولهم أن الشمس تشرق على العالم بسبب نقاوتهم. ولكن إختلط عند الصدوقيين فكرهم عن النقاوة مع قول الأبيقوريين المأثور والذي يشير لفكر مختلف تمامًا "إسرع وكل وإشرب لأننا سريعا ما نغادر هذا العالم الذي يشبه بحفلة زواج" ويقولون أيضًا "يا إبنى إن كان لك شيء في هذا العالم فلتتمتع به، فالهاوية ليس بها أي نوع من المسرات والموت ليس فيه تأجيل" ويقولون لا تقل لنفسك "ماذا سأترك لإبنى أو بنتى إن أنا تمتعت بأموالى؟" فالهاوية ليس فيها من يشكرك لو تركت له شيئا".

أما الإختلافات الأساسية في العقيدة بين الصدوقيين والفريسيين فتكمن في قواعد الإيمان والممارسات، وما بعد الموت. فأنكر الصدوقيين أن هناك قيامة للأموات. وأنكروا وجود الملائكة والأرواح. وإختلفوا في الإرادة الحرة والقضاء والقدر. فقال الصدوقيين أن إرادة الإنسان الحرة هي التي تحدد حياته، أن يعيش في سعادة أو شقاء. ولا يوجد شيء مقدر من الله. ولكن لم يفهم الصدوقيين أن التاريخ والكون كله سبق الله وصوره في ذهنه، ودبر كل الأمور للبشر في أبوة ومحبة كاملة. ولكن أفعال الإنسان الشريرة تضره، ولكن إن حاول إصلاح نفسه يجد معونة إلهية. ولم يخالف الصدوقيين الفريسيين في الإلتزام بالتقاليد بل في فهم الفريسيين للتقاليد. وخالفوهم في تطبيق أقوال الناموس، إذ ثقل الفريسيين العقوبات على المخالفين أكثر مما جاء في الناموس. كما كانت هناك خلافات طقسية بين الفريقين... فعلى سبيل المثال قال الفريسيين أن من يلمس المقدسات يتنجس، فسخر منهم الصدوقيين وقالوا كيف؟ فهل المقدسات تنجس من يلمسها، وكتب هوميروس لا تنجس من يلمسها؟! ألسنا نطهر الإناء النجس بأن نسكب فيه بعض الماء، أفلا يقدس الإناء المقدس من يتلامس معه بل ينجسه؟! وهكذا فهناك بعض الإختلافات في العقوبات على المخطئ، وتقسيم الميراث. ونجد أن الفريسيين جذبوا وراءهم أغلبية الشعب، بينما سار وراء الصدوقيين الأقلية ولكن من علية القوم. وكان رؤساء الكهنة من الصدوقيين. وبينما كان نفوذ الصدوقيين في الناحية المدنية والسياسية، كان نفوذ الفريسيين في الناحية الدينية. وكانت الممارسات الدينية تقام بحسب تعاليم الفريسيين بل كان كثير من الكهنة من الفريسيين.

وكان الوفد المرسل للمعمدان من أورشليم من الكهنة واللاويين وكانوا فريسيين (يو1: 19 ، 24).

وقيل في التسميات أن الفريسيين أطلقوا على أنفسهم اسم الحسيديم بمعنى الأتقياء. أما مقاوميهم فقد أطلقوا عليهم الفريسيين بمعنى المفروزين (1مك2: 42 + 7: 13 + 2مك14: 6).

أما اسم الصدوقيين فقيل عنه عدة أراء فمثلا أن الاسم مأخوذ من صادوق رئيس الكهنة أيام سليمان ولكن هذا التفسير ووجه بإعتراضات كثيرة. وغيره من التخمينات ولكن لا يوجد رأى مؤكد. أما رأى الكاتب هنا أنه في مقابل اسم الحسيديم = الأتقياء الذي أطلقه الفريسيين على أنفسهم، أطلق الصدوقيون على أنفسهم هذا الاسم بمعنى الأبرار. صادوق = بار.

St-Takla.org                     Divider   فاصل موقع سانت تكلا دوت أورج للكنيسة المسيحية

الأسينيين:-

الاسم غير معروف مصدره. وربما كان المعنى المقصود هو الإنعزاليين أو الخارجين فهم جماعة إنعزالية لا يتعدى عددهم الـ4000 شخص. وبينما كان للفريسيين والصدوقيين ممثلين لهم في السنهدريم نجد أن هؤلاء كانوا معتزلين عن كل من ليس تابعا لجماعتهم. ولا يذكر العهد الجديد عنهم شيئًا، بل نسمع عنهم في كتابات الربيين. وكانوا يربطون أنفسهم بأقسام مرعبة للحفاظ على سرية عقائدهم ويمتنعوا عن أي مناقشة دينية حرة. وما نعرفه عنهم هو ملاحظات من حولهم عنهم. ولم نسمع عن أي حوار بينهم وبين المعمدان ولا مع المسيحية. إلا أن الملاحظة الواضحة أن هناك تناقضا واضحا بين أسلوبهم وأسلوب المسيح وهكذا المعمدان، إذ كان تعليم المسيح وتعليم المعمدان علنا وجهارا (يو18: 20). بينما أن تعاليم هؤلاء الأسينيين سرية. وربما تكون لهم مشابهة مع الفريسيين في البحث عن الطهارة، لكن بينما إتخذ الفريسيين وصايا الناموس اللاوية ليتطهروا ويتنقوا، إتخذ الأسينيين مبدأ الإنفصال عن المادة ليتطهروا. هم رأوا المادة نجاسة وأنهم بالإنعزال عن المادة يتساموا عليها للوصول لله. طريقتهم كانت قريبة من الأفكار الفارسية. وأول مرة نسمع عن هؤلاء الأسينيين كان في حكم أريستوبولوس المكابى حوالى سنة 150 ق.م.

والمعلومات القليلة التي نعرفها عنهم مأخوذة من يوسيفوس وفيلو وبلليني. فهم كان لهم نظام يشبه نظام الرهبنة الآن. فمن يريد أن ينضم إليهم يلبس ملابس تشير أنه طالب الإنضمام وإذا نجح في الإختبار يرتفع درجة ولكنه يظل تحت الإختبار... وهكذا لأربع سنوات يحصل فيها على رمز النقاء يصبح عضوا كاملا. وهناك 3 علامات للعضوية *جاروف ليحفر حفرة بعمق 30 سم كمرحاض. *مأزر ليربطه حول حقويه عند الإستحمام. *ثوب أبيض وكان دائما مهترئ فهم لا يهتمون بالأناقة. والثوب الكتانى يلبسونه أثناء الوجبات. وبعد الحصول على الدرجة الرابعة يسمح للعضو بالإنضمام لهم في وجباتهم. ومن حصل على الدرجة الرابعة لو تلامس مع غريب أو حتى مع من هم في درجة أقل منه يتنجس، ويلزمه أن يتطهر بحمام. ومن حصل على هذه الدرجة هو من يقسم على ألا يبوح بأسرار الجماعة ولا بأسماء الملائكة.

لا يتكلمون كثيرًا ولا يقطع صمتهم إلا ترانيمهم. ولكن لا يوجد عندهم تأديبات وعقوبات. ومن ينضم لهم يكون كمن يحيا في عالم آخر. يتحاشون الحياة في المدن فهي لا أخلاقية، ويفضلون القرى الصغيرة وتوجد مستعمرة كبيرة لهم بجانب البحر الميت. ولكن يوجد لهم منازل في المدن ومنها أورشليم بل أن أحد أبواب أورشليم بإسمهم. ولكنهم حتى في المدن، يعيشون كل مائة شخص تحت قيادة واحد منهم. لهم ملابس موحدة ويعملون معًا ويأكلون معًا ويُصَلُّون معًا وينخرطون في أعمال الخدمة العامة والفقراء والمرضى ومن أموالهم الخاصة. كرماء مع الأغراب. يحيون حياة إنكار الذات. يطهرون أنفسهم ليس فقط من كل خطية بل من كل شيء مادى. يستيقظون في الفجر ولا يتكلمون حتى يتمموا صلواتهم ويوجهون وجوههم تجاه الشمس التي أشرقت. ويفهمون هذا على أن شروق الشمس هو رمز للنور الإلهي. ولكن كانوا في صلواتهم هذه كمن يبتهل ويتضرع كمن يتعبد للشمس. ثم يذهبوا للعمل، وبعده يتطهروا أو يستحموا ثم تأتى وجبة الإفطار وهم يرتدون ملابس كتانية في صالة للطعام. وكانت صالة الطعام تعتبر مقدسا لهم. ويعتبرون كل طعام لهم كمن يقدم ذبيحة. ومن يخبز لهم هو كاهنهم. وهم لا يأكلون إلا ما يعده لهم كهنتهم. ويضع أمام كل منهم رغيفا وبعض الخضروات. وقبل الطعام يرفعون صلواتهم. وربما كان كهنتهم من نسل هرون لكنهم كرسوا أنفسهم لهذه الجماعة. ثم يصلون وبعدها يخلعون الملابس الكتانية المقدسة ويعودون للعمل. ووجبة العشاء نسخة مكررة من وجبة الإفطار. وكل أعمالهم تكون كجماعة تحت قيادة قائد لها. وهذه الحياة النقية قادتهم لبعض الخفايا كمعرفة أسماء الملائكة، وتنبأوا ببعض النبوات، وعرفوا أسرار التداوى ببعض الأعشاب لعلاج أمراض الجسد بل وأمراض الروح.

وهم رفضوا فكرة الزواج وتبنوا أطفالا ليربونهم على إحترام تقاليدهم. وهم يتحاشون كل ما هو باطل وغير طاهر وما فيه غش وخداع وعدم أمانة وأن يحافظوا على تقاليد الجماعة وكتبهم. وفي تقديسهم للسبت إمتنعوا حتى عن الأكل وإعداد الطعام أو تحريك وعاء، بل تحاشوا حتى نداء الطبيعة (المرحاض) يوم السبت حتى لا يتدنسوا. وقطعا مع كل هذه الأفكار، نجد رفضهم لفكرة القيامة من الأموات، فهل يقوموا مرة أخرى بجسد نجس!! وهم تحاشوا اللحوم والزيوت والخمر بل وكل رفاهية، ورفضوا فكرة العبودية. وكان لهم ضمير مدقق لدرجة الوسوسة في البحث عن الحق. وملابسهم البيضاء كانت رمزا لنقاوتهم. ولم نسمع أن لهم ذبائح دموية ولا كهنوت هروني. وهم لم يرفضوا عبادة الهيكل رسميا لكن لم يكن لديهم الوقت لها خلال ممارساتهم. وكانوا يرسلون للهيكل تقدمات شكر ولكن قطعا ليست بالمفهوم اللاوى ولكن بطريقة مجازية.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/jews.html

تقصير الرابط:
tak.la/jdsv32p