(يو9)
في إصحاح 8 قال الرب "أنا هو نور العالم" وهنا نرى التطبيق، فقد أعطى الرب النور فعلًا لمولود أعمى. وكان سؤال التلاميذ للمعلم، لماذا وُلِد هكذا. وكثيرًا ما نسأل هذا السؤال، ولكن من الصعب بل ومن المستحيل أن نجد تفسير لكل التدبيرات الإلهية والأحكام الإلهية في الخلق وفي الحياة. والسبب ضآلة معرفتنا وحكمتنا أمام معرفة الله اللانهائية ومعرفته بالماضي والحاضر والمستقبل. ونرى هنا أن هذا المولود أعمى وُلِد هكذا لتظهر أعمال الله فيه [وواضح هنا أن أعمال الله كانت إيمانه وخلاص نفسه، فتدبيرات الله لو سلمنا بحكمته نكتشف أنها طريقنا لخلاص نفوسنا].
وكان اليهود دائما ينسبون المرض أو الموت المفاجئ لعقوبة هذا الإنسان على خطية فعلها، ودائما ما نجد الربيين حينما يجدون إنسانا قد تعرض لمصيبة يسألونه ماذا فعلت ليحدث لك ذلك. ولكن هذا الإنسان وُلِدَ هكذا - إذًا ممكن أن يكون والديه هما اللذان أخطئا، فهناك إعتقاد يهودي أن الفضائل والعيوب تنعكس على الأطفال. وأن الطفل حتى سن الثالثة عشر مرتبط بوالده فهو جزء منه، لذلك هو يعانى من أخطاء والده، بل أن الأفكار الخاطئة للأم تؤثر على الجنين الذي في بطنها وقد تصيب بالعمى. وقال أحد الربيين الكبار كتفسير لأنه إبتهج بخطية أن ذلك كان لأن أمه مرت بحديقة بها أصنام. أو يكون المريض قد هاجمه روح شر وهو ما زال جنينا في بطن أمه. لذلك قال الفريسيين للأعمى "لقد ولدت أنت في الخطايا بجملتك". [وهناك إعتقاد كان سائدا بتناسخ الأرواح أو ما يسمى الحيوات المتكررة وهذا فكر أصله هندوسى. وإذا ولد مولود مشوه فهذا عقاب له على خطايا إرتكبها في حياة سابقة له. وهذا يقوله يوسيفوس المؤرخ اليهودي أنه فكر كان موجودا وسط الفريسيين. والكاتب هنا ينفيه عن الفريسيين ولكنه قد يكون سائدا وسط الناس، فمن سأل السؤال كانوا التلاميذ وليس الفريسيين]. والحقيقة أن سبب كل الألام في العالم هو الخطية، منذ قال الله لآدم "ملعونة الأرض بسببك" وجاء المسيح ليصحح كل هذا وكمثال لذلك شفاء هذا الأعمى، [ولكن المسيح لم يرفع كل ألام البشر بل رأينا في معجزات الشفاء التي صنعها نموذج لإرادة الله في شفاء البشر من كل ألم، وجعل الله الألام سببا لخلاصنا كما قال القداس الغريغورى "حوَّلت لى العقوبة خلاصا"]. المسيح جاء ليزيل كل أثار الشر الذي لحق بنا نحن البشر فهو ببساطة مخلصنا من الخطية وأثارها.
وكان من المُتعارف عليه أن اللعاب يشفي أمراض العين لكن لم يقل أحد أنه يخلق عينين. ولما حدثت المعجزة هاج الفريسيين، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ومن محاولاتهم للهجوم على المسيح وإنكار المعجزة *أنه عمل المعجزة يوم سبت وبالتالي فهو شرير لا يمكن له أن يعمل معجزة. فكان من الممنوع التداوى والعلاج يوم السبت إلا لو كانت الحياة مهددة وهذه ليس حالة المولود أعمى. وكان من الممنوع إستخدام اللعاب لشفاء العين يوم السبت. *الخطوة التالية لإنكار عمل المسيح قولهم للمولود أعمى "إعطى مجدا لله" أي أن يعترف بأن الذي عمل المعجزة هو الله وليس المسيح، فالمسيح شرير ولا يعمل معجزات.
خاف الأبوين من الفريسيين لئلا يخرجونهم من المجمع، وهذا ما عملوه مع المولود أعمى إذ أفحمهم ببساطة إجاباته. والإخراج من المجمع هو ما يطلق عليه الحرمان الكنسى، وهذا له درجات متعددة الشدة ومدة الحرمان. وهذه تبدأ بالتوبيخ والتنديد (وهذا ما أشار له بولس الرسول في 1تى5: 19) وتصل للقطع والحرمان من المجمع، وهناك الجلد، وهناك مقاطعة الناس له فلا يكلمه أحد أو يتعامل معه لمدة محددة، وهنا على الشخص أن يجلس على الأرض ويضع رأسه بين ركبتيه ويترك شعره ولحيته، ويكون كمن ينوح بشدة، ولا يستحم ولا يضع طيبا على جسده ولو مات يرمون كفنه بالحجارة ولا تقام له جنازة ولا يندبه أحد. ويصل الأمر لمنعه من الظهور في الشوارع.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/born-blind.html
تقصير الرابط:
tak.la/tqgh43w