(مت15: 32 - 16: 12 + مر8: 1 - 21)
هذه المعجزة تمت في محيط العشر المدن (مر7: 31) حيث غالبية الناس من الوثنيين. إذًا هذه المعجزة تمت في نهاية خدمة المسيح وسط الأمم. بينما كانت معجزة إشباع الخمسة ألاف في نهاية خدمة المسيح في الجليل وسط اليهود الآتين من كفرناحوم وبيت صيدا. ونلاحظ أن المسيح في نهاية خدمته في كل مكان يقوم بإشباع تابعيه. أما في نهاية خدمته في اليهودية فقد أشبع خاصته على مائدة العشاء الربانى بجسده ودمه. [فالمسيح أتى لإشباع الجميع، أما لخاصته فالشبع يكون بالإتحاد بجسده ودمه]. * المسيح في المعجزة الأولى (الـ5000) كان كملك وسط من أرادوا أن يملكوه عليهم. وفي المعجزة الثانية (الـ4000) كان ابن الإنسان. أما في ليلة العشاء السرى كان رئيس كهنة يقدم نفسه ذبيحة بجسده ودمه. مع اليهود كان الشعب يجلس على عشب أخضر كثير، فاليهود كانوا داخل الحظيرة الإلهية، كانوا شعب الله. * ومع الأمم كان العشب قد جف وجلس الشعب على أرض برية جافة (مر8: 4). وكان هذا هو حال الأمم فهم بعيدين عن الله. [أما في العشاء السرى فكان تلاميذه على مائدة صارت مذبحًا]. وترتيب الثلاث له معنى فكل واحدة تقود للأخرى. أتى المسيح إلى خاصته اليهود وخاصته لم تقبله، فذهب للأمم. [ومن قبله من اليهود أو من الأمم صار من خاصته وهؤلاء يُوَحِّدهم بجسده ودمه]. ولاحظ مع إشباع اليهود تكرار رقم 5 وهو عدد أسفار التوراة، أما رقم 12 فهو عدد أسباط إسرائيل. ومع معجزة إشباع الأمم نجد رقم 4 وهو رقم العالم، ورقم 7 رقم المقادس فالعالم كله صار مدعوا ليكون من خاصته.
بعد تلك المعجزة دخل الرب سفينة ويقول القديس متى أن الرب جاء إلى تخوم مجدل، ويقول القديس مرقس أنه جاء إلى نواحى دلمانوثة. ومجدل نطقها الصحيح مجدان، وغالبا هي مجدو وهى لفظ وسط بين النطق العبرانى مجدون والنطق السريانى مجدو. وهذا المكان جنوب بحيرة الجليل ولكنه داخل محيط العشر المدن وهو قريب من حدود الجليل. وقدم الكاتب بحثا في أصل كلمة دلمانوثة وقال أنها غالبا خليج صغير أو مرفأ ترسو فيه السفن على شاطئ البحيرة في منطقة مجدل. وهناك مكان معروف لتمليح السمك والتلاميذ كصيادين لهم صلات بهذا المكان.
وهناك إلتف حول الرب الفريسيين والصدوقيين يسألونه أن يريهم آية من السماء، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهذا السؤال كان سؤالا تعودوا أن يسألوه للربيين... كيف نميز المسيا حين يأتي؟ وكان للربيين إجابات عجيبة على هذا السؤال. وأمثلة على الإجابات (*تسقط أسوار روما ويبنونها فتسقط ثانية وهكذا حتى يأتي ابن داود. *حينما تتحول المياه الخارجة من كهف بامياس إلى دم. *وقال الربى العازار حينما تصل شجرة الأكاسيا إإلى 400 قدم، وحينها ينعكس إتجاه المياه في مجارى الأنهار فترتد إلى خلف عكس إتجاهها الطبيعى). ولأن الرب يسوع في نظرهم لم يتفق مع تصوراتهم عن شخص المسيا المنتظر، هذه التي توارثوها من أبائهم عن المسيا الذي يقيم مملكة بحسب فكرهم، فقد شكوا أنه هو المسيا وإعتبروه مُدَّعى للنبوة بحسب (تث13). لذلك سألوا الرب على آية تأتى من السماء. وبالرجوع للفصل 27 من هذا الكتاب نرى العلامات التي قالها الرب لتلاميذه عن وقوف الكل ضدهم وتمرد الجميع الذي وصل لصلبه وأن هذا سينتهى بخراب عام وحريق كامل لمملكتهم وهيكلهم قبل مجيئه في ملكوته، وأن هذا يكون لهم علامة. ويكون هذا ردا على رفض اليهود المسيح ملكا وطلبهم أن يكون قيصر ملكهم، فدمرهم قيصر. وكان رد المسيح على طلبهم علامة أنهم قادرين على تمييز علامات الجو. لذلك لم يعطهم السيد سوى علامة يونان النبي الذي هدد نينوى بنفس المصير وهو حريق نينوى إن لم يتوبوا. والمعنى أن الرب يسوع يعطيهم إنذار بخراب آتٍ، ولكنه يطلب في محبة ممن يسألوه أن يتوبوا ووقتها سيفهمون ويعرفون من هو ويؤمنوا فلا تحترق أورشليم. وتحقق كلام السيد تمامًا ففى هذه المنطقة التي رفضوا الرب يسوع فيها لأنه لم يعطهم علامة، جاء الإمبراطور فاسباسيان بعد ذلك وذبح الألاف من منطقة مجدل ودلمانوثة وباع الألاف عبيدا. والرب نفسه أنَّ وتنهد على أورشليم وبكى إذ كان يرى ما سوف يحدث لها. ولقد ترك الرب دلمانوثة متجها إلى قيصرية فيلبس، ومن قيصرية فيلبس جاء الإمبراطور فاسباسيان ليدمر ويذبح أهل المنطقة ويبيع الباقين أسرى.
وترك الرب هؤلاء الفريسيين والصدوقيين، وفي نفس السفينة التي جاء بها إلى دلمانوثة عاد إلى بيت صيدا جولياس في طريقه إلى قيصرية فيلبس. وكان هذا قبل ذهابه في رحلته الأخيرة إلى أورشليم والتي بدأت بعيد المظال وإنتهت بعيد الفصح يوم الصليب. وعند وصولهم حذرهم الرب من خمير الفريسيين الذي هو تعاليمهم الفاسدة التي أدت بهم لطلب علامة من السماء. ولاحظ فهم التلاميذ الخاطئ لكلمة خمير الفريسيين إذ فهموها حرفيا أنها على الخبز.
[وللآن هناك نجد الكثيرين يسألون علامات من السماء ليصدقوا المسيح أو ليتأكدوا من محبته وقوته ليطمئنوا. وهذا ضد الإيمان، "فالإيمان هو الثقة بما يرجى والإيقان بما لا يرى" (عب11: 1). إذًا علينا أن نثق في المسيح ووعوده ومحبته ورعايته وحكمته وأنه ضابط الكل، عينه علينا دائما لا يتركنا ولا يهملنا، وذلك دون أن نطلب علامات ملموسة لنتأكد].
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fekry/jesus-the-messiah/4000-moracle.html
تقصير الرابط:
tak.la/fznq48k