الخروج على آثار الغنم
القديس كبريانوس
العذارى أكثر
أعضاء قطيع المسيح بهاءً
عن الاهتمام
بالزينة والأصباغ والشعر
القديس يوحنا ذهبي الفم
تمثال الإمبراطورة
سؤال لنبحث له عن إجابة..
تعالوا لننظر ما هي تعاليم آباء الكنيسة في أمر الحشمة حيث أن الخروج على آثار الغنم هو الضامن للوصول.. والكنيسة ممتدة من شخص يسوع المسيح والآباء الرسل إلى انقضاء الدهر، لذلك فنحن نلتزم بروح التلمذة لآبائنا وكل تراثهم الغنى لأن التلمذة هي حارسة الرجاء ورابطة الإيمان والمرشدة لطريق الخلاص ومعلمة الفضيلة وبها نثبت في المسيح ونحيا دومًا لله. إتباعها نافع ومفيد وإهمالها مهلك ومميت.. وهنا ينبهنا معلمنا داود النبي والملك على ضرورة سماع التعاليم والعمل بها وخطورة إهمالها وأنت قد أبغضت التأديب وألقيت كلامي خلفك (مز 50:17).
وعلى الكنيسة ممثلة في رعاتها أن تعلم وتنذر وتؤدب فهي لا تبغض من توبخه بل تحبه لأجل تهذيبه لأن الله قد تنبأ بأرميا النبي قائلًا وأعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بالمعرفة والفهم (ار 3: 15).. لذلك علينا أن نؤسس نفوسنا على صخرة الكنيسة غير المتزعزعة من عواصف وزوابع العالم كي نصل بالتعاليم الإلهية إلى جعالات (جوائز) الله.
يقول القديس كبريانوس في كتابه "ثياب العذارى"... إن أعضاءنا عندما تتطهر من دنس المرض القديم بتقديس حميم المياه أي المعمودية تصير هياكل لله.. فيجب ألا تهان أو تدنس فصرنا هياكل خاصة له كما يقول معلمنا بولس الرسول: أنكم لستم لأنفسكم.. لأنكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم (1 كو 6: 19-20)..
وعلينا أن نمجد الله في جسد طاهر عفيف بطاعة كاملة حتى لا يدخل أي شيء دنس أو غير طاهر داخل هيكل الله لئلا يهان فيهدم الهيكل الذي سكنه.
ويوجه القديس كبريانوس حديثه للعذارى ويمتدحهن قائلًا أنهن زهور بذار الكنيسة.. أكثر أعضاء قطيع المسيح بهاء وبهن تفرح الأم الكنيسة.. فلا يوبخهن بل يخشى عليهن من تجارب العدو... وينصح ويقول يجب على العذارى أن يحفظن أنفسهن طاهرات عفيفات ليس فقط في الجسد بل وأيضًا في الروح.
ليس من الصواب أن تبالغ العذارى في الاهتمام بزينة جسدها أو تتباهى بجمالها الجسدي في حين أنه ليس لديهم جهاد أعظم من جهادها ضد جسدها وليس لديها صراع أصعب من هزيمة وإخضاع الجسد.
ورغم أن بولس يعلن بصوت عالي.. "وأما من جهتي فحاشى لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم" (غل 6:14) ويتساءل كيف أن من نذرت أن تجحد شهواتها وأهواء الجسد توجد خاضعة لهذه الأمور عينها التي سبق ونذرت أن تجحدها.
فمن غير اللائق بأي مسيحي وبالأخص بالعذارى أن ينظر أو يهتم بأي مجد أو كرامة للجسد بل فقط يهتم بما ياقوته ويربيه لأنه يطلب ويشتهى كلمة الله حتى ينال العطايا التي تدوم إلى الأبد ويتحدث القديس كبريانوس عن العذارى اللائي يتعذبن ويتألمن لأجل الاعتراف بالاسم الحسن وكيف أنهن أقوى من العذابات رغم رقة أعضائهن.. ولكن اجتزن النيران والصلب والحيوانات المفترسة حتى كللن ويصف أثار عذاباتهن في أجسادهن بأنها أفضل زينة لأجسادهن وأنها جواهر الجسد الثمينة.
إن سمات الزينة والمبالغة في الثياب وإغراءات الجمال لا تليق إلا بغير العفاف ولنتذكر أن الكتاب المقدس الذي به أراد الله أن يعلمنا ويهذبنا أعطى وصفًا للمدينة الزانية أنها جميلة للغاية في المنظر بسبب زينتها.. ولكنها ستهلك بسبب هذه الزينة عينها..
ثم جاء واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات وتكلم معي قائلًا لي هلم فاريك دينونة الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة التي زنى معها ملوك الأرض وسكر سكان الأرض من خمر زناها فمضى بي بالروح إلى برية فرأيت امرأة جالسة على وحش قرمزي مملوء أسماء تجديف له سبعة رؤوس وعشرة قرون والمرأة كانت متسربلة بأرجوان وقرمز ومتحلية بذهب وحجارة كريمة ولؤلؤ ومعها كأس من ذهب في يدها مملوءة رجاسات ونجاسات زناها (رؤ 17: 1-4).
إذا كان هناك رسامًا ورسم بدقة صورة لشخص بألوان رائعة واكتملت الصورة وصارت شبه الشخص المرسوم تمامًا ثم جاء أخر ووضع يده عليها كما لو كان لأنه أكثر مهارة.. يمكنه أن يجعلها أفضل.. سيكون من الطبيعي أن يحدث خطأً شديدًا وتتلف الصورة وسيكون ذلك سببًا وجيهًا لغضب الرسام الأصلي.
وارتكاب العذارى لمثل هذه التعديات إنما هو إهانة لله الخالق الصانع الكل حسنًا..
وعندما يبالغن في استخدام الأصباغ المغرية ويتزين يشوهن العمل الإلهي ويزغن عن الحق. ويعاتبهن قائلًا: أن كيف نبدل ما هو حق بكذب.
وبمحبة أبوية رعوية يحث القديس كبريانوس بناته العذارى قائلًا لذلك استمعن إلى أيتها العذارى كأب.. استمعن إلى أرجوكن لأني أخاف عليكن.. لذلك أُحَذِر.. احفظن أنفسكن كما صنعكن الله الخالق..
احفظن أنفسكن كما زينكن أبوكن السماوي.. ليظل وجهكن غير فاسد هيئتكن بسيطة لتكن عيونكن مستحقة وأن تعاين الله اهزمن الزينة الخارجية.. لأنكن يجب أن تهزمن الجسد والعالم فمن غير المعقول أن تهزمن الأكبر (أي الجسد والعالم) إن انغلبتن للأصغر (أي الزينة الخارجية).. فلترتفع عيونكن نحو الله والسماء وليس إلى أسفل نحو الشهوة والجسد وشهوة العيون محبة العالم.. تذكروا أن الباب ضيق احتملن بشجاعة.. تقدمن روحيًا.. أجعلن المسيح يُكافئ فيكن.
اهتم القديس يوحنا ذهبي الفم بالتعليم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. وله جرأة وواقعية شديدة جعلته يتعرض لأخطار كثيرة.. واستمر في تمسكه بالحق والتعليم إلى النفس الأخير.. وهنا نذكر ما حدث مع الملك اركاديوس الذي أقام تمثال من الفضة الخالصة لزوجته الإمبراطورة افدوكسيا ووضعه في أكبر ساحات المدينة بجوار كنيسة أجيا صوفيا.. وفي حفل تنصيب التمثال اجتمع الشعب في الساحة التي تحولت لمسارح وحفلات راقصة ودخلت الإمبراطورة في موكب مهيب وهي لابسة ملابس خليعة وغير محتشمة فغار القديس يوحنا على الكنيسة فصاح يشجب هذه التصرفات ويبكت الإمبراطورة على خلاعتها فأثار ذلك مشاعر الإمبراطورة وبدأت تخطط لعقد مجمع من الأساقفة لاستبعاد ذهبي الفم.. وإذ سمع الأب البطريرك بذلك لم يبال بالأمر بل على العكس وقف في عيد يوحنا المعمدان وبدأ يعظ بهذه الكلمات وهوذا هيروديا جديدة في وسطنا. إنها تعود فترقص في ثياب خليعة.. إنها تطلب رأس يوحنا من جديد في طبق ولكن أقول أن يوحنا فضل أن يكون بلا رأس عن أن يكون بلا ضمير وأدى ذلك إلى نفى القديس يوحنا وبقى في منفاه حتى تنيح عام 407م.
إن كان القديس يوحنا ذهبي الفم فعل ذلك مع الإمبراطورة.. ماذا يفعل لو أتى إلى بنات المسيح اليوم وهن في المناسبات والأعياد والأفراح ورأى أكثر مما فعلته الإمبراطورة افدوكسيا.. وأسال نفسي ماذا ينبغي أن افعل إن رأيت ما رآه القديس يوحنا ذهبي الفم.. هل اختلفت الأجيال.. أمْ أن الوصية ثابتة وقداسة الكنيسة دائمة.. أمْ أن الحق فينا غير معلن كما كان في القديس يوحنا ذهبي الفم؟!!
ينصح القديس يوحنا ذهبي الفم العذارى ويقول:-
أتريدي أن تكوني جميلة؟؟
تسربلي بالصدقة.. البسي العطف.. توشحي بالعفة.. كونين خالية من التشامخ.. هذه كلها أوفر كرامة من الذهب.. هذه تصير الجميلة كثيرة الجمال. وغير الجميلة جميلة.. وعندما تغالين في التزين تكونين قد خلعتِ عنكِ حسن الجمال.
ويخاطب العذارى قائلًا:-
قولي لي لو أعطاك أحد ثوبًا ملكيًا فأخذتيه ولبستي فوقه ثوب العبيد، أما يكون لك خزي يليه عذاب؟؟ لقد لبستي المسيح سيد الملائكة أفترجعين إلى الأرض؟ قولي لي لماذا تتزينين.. اعلمي إن الرجال قد يعجبن بالزينة الخارجية لكن إلى حين أما ما يجذب قلوبهم بحق فهو الزينة الداخلية بل وتجذب قلب المسيح أيضًا قائلًا ها أنت جميلة يا حبيبتي.. عيناك حمامتان (نش 1: 15).
ينصح القديس يوحنا ذهبي الفم بالحشمة أيضًا للمتزوجات...
إذ كيف تهتم أن ترضى رجلها أولًا وأخيرًا وكما يَغير رب المجد على عروسه فلا يطلب منها أن تتصدق وتصوم أو تصلى لأجل إرضاء ومدح الآخرين.. إنما تصنع هذا كله في الخفاء لأجله هو وحده... هكذا النساء المتزوجات كيف يكون لهن تقوى وعفاف ووداعة وجمال في الخفاء وتهتم بفضائلها كيف ترضى رجلها.. وليس العكس.. وهنا يؤكد معلمنا بطرس الرسول أن النساء يستطعن عن طريق العفاف والطهارة والحشمة ربح أزواجهن.. "كذلكن أيتها النساء كن خاضعات لرجالكن حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة يربحون بسيرة النساء بدون كلمة ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف" (1 بط 3: 1-2).
إذْ أعطى للحشمة والوداعة والطاعة عند المرأة دورًا تبشيريًا كرازيًا وعمل هام في ربح النفوس للمسيح.
وأكثر من ذلك ينصح القديس يوحنا ذهبي الفم المتزوجات قائلًا "ليتنا لا نهتم بالمظهر الجميل الباطل وبلا نفع... ليتنا ألا نُعَلم أزواجنا أن يعجبوا بالشكل الخارجي المجرد.. لأنه إن كانت زينتك هي هذه فإنه يعتاد على رؤية وجهك هكذا فيُمْكِن لزانية أن تأسره بسهولة من هذا الجانب لكن أن تَعَلّمْ أن يُحب أخلاقك الصالحة وتواضعك فإنه لا يكون معدًا للضياع... إذ لا يجد في الزانية ما يجذبه إليها.. هذا التي لا تحمل هذه السمات بل نقيضتها لا تعلميه أن يؤسر بالضحك. ولا بالملابس الخليعة لئلا تهيئين له السم".
كذلك القديس اكليمنضس الإسكندري يشير إلى خطورة الزينة الخارجية بقوله..
إن النسوة اللاتي ينفقن في الزينة الخارجية، لا يدركن مدى تبدد القوى الداخلية لأنه أن نزع احد عنهن هذه الزينة الزائفة يصاب بخيبة أمل عنيفة إذ لا يجد في الداخل صورة الله الساكن داخل الإنسان، كما يجب بل يجد صورة شهواني مسكين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-antonios-fahmy/garments/fathers.html
تقصير الرابط:
tak.la/223abn6