1- كيف يمكن معاقبة امرأة تُركت حرة، ويدين بعدم شرعية زواج سيتم في الرب؟
لا تخف فهو لا يقصد نفس الزواج، فهو على سبيل المثال عندما قال "إن تزوجت العذراء فهي لم تخطئ" (1كو 7: 28)، فهو هنا لا يتحدث عن الفتاة التي تخلت عن الزواج بإرادتها، لأنه من الواضح أنها إن فعلت هذا فهي بذلك تكون قد ارتكبت خطية بل خطية لا تُحتمل، ولكنه يقصد الفتاة التي لم تعرف الزواج بعد ولم تختر بعد القرار في أي الطريقين تسلك وظلت متأرجحة بينهما. ونفس الشيء بالنسبة للأرملة، فتلك التي يريد الحديث عنها هي التي وجدت ببساطة بلا زواج ولم تتقيد بعد بقرار توجهها في الحياة ولكنها حرة في أن تختار هذا الطريق أو ذاك. ولكن هنا يتحدث عن الأرملة التي لم تعد لها القدرة على الزواج ولكن أقحمت ذاتها في تجارب البتولية وضيقاتها.
![]() |
2- إنه من الممكن أن تكون امرأة أرملة ولا يُطلق عليها لقب الأرملة عندما لا تقبل أن تستمر كذلك. أما عن تلك، فكلمة بولس الرسول عنها "لتكتتب أرملة إن لم يكن عمرها أقل من ستين سنة امرأة رجل واحد" (1تي 5: 9). أما من هي دون ذلك فصرح لها بالزواج إن رغبت، ولكن إن نذرت للرب ترملها الدائم ثم عادت ونكثت عهدها وتزوجت فهو يدينها بشدة لأنها داست تحت قدميها نذرها لله. أما من لم تنذر فعنها يقول "إن لم يضبطوا أنفسهن فليتزوجن لأن التزوج أصلح من التحرق" (1كو 7: 9).
وهل ترى هذا (معي)؟ لم يكن الزواج مطلقًا ممدوحًا في حد ذاته، ولكن لسبب الزنا والتجارب وعدم النزاهة (يتم النصح به). ففي عاليه يستخدم كل التعبيرات [يقصد (1كو 7: 5)]، أما هنا [يقصد (1كو 7: 9)] فمثل ما وجّه من توبيخات عنيفة، فهو يعود إلى تعبيرات مستترة بالأكثر ليحدد ويشير من جديد لنفس الموضوع ويعطيه اسم الاشتعال والنيران (التحرق).
3- ولكن هنا نجد أنه من ناحية أخرى لم يحتمل للحظة ليتضرر سامعه ولأجل هذا لم يقل: لو كانت الشهوة تجتاحهم بعنف أو لو كانوا سُبوا أو لو كانوا لم يستطيعوا، ولكن ليس شيء من هذا القبيل على الإطلاق، فلو كانوا ضحايا لهذا الفعل لكان يحق لهم التساهل، ولكن ماذا قال؟ "إن لم يضبطوا أنفسهم (حرفيًا إن لم يقدروا أن يحفظوا العفة)" فهذا ينطبق على من صفتهم الرخاوة ويرفضون بذل الجهد. إنه يود أن يقول بذلك أنهم يملكون كل إمكانيات النجاح وهم يفشلون في حالة عدم وجود إرادة للهرب من الشر، وحتى مع ذلك فهو لا يعاقبهم ولم يتركهم لعذاب (التحرق) واكتفى بحرمهم من المديح، والحدّة التي افتعلها لا تتعدى كلمات الملامة. وهكذا نرى أنه لم يذكر في أي مكان قط عن الهدف النبيل والجميل للزواج ألا وهو إنجاب الأطفال(66)، ولكن الكلام كله عن النيران والتحرق وعدم النزاهة وتجارب الشيطان.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
4- وإن قيل لي ما الذي يهم؟ مادام الزواج ينجينا من عذاب (حروب الشهوة) فنحن نحتمل بكل سهولة كل إدانة وكل لوم بشرط أنه فقط يجعل من الممكن أن نذعن لكل الملذات الحسية ونرتوي إلى الشبع من شهوتنا.
ما هذا يا عزيزي! لو كانت حتى هذه اللذّات ممنوعة، فهل سيصير اللوم هو كل ما انتفعنا به؟ ولكن كيف من الممكن أن تكون هذه الملذات ممنوعة إذ أن بولس الرسول يقول لنا: "إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا"؟
5- نعم (أنا أوافقك) ولكن اسمع أيضًا الكلام الآتي: أنت تعلم أن التزوج أصلح من التحرق وتوافق أن هذا شيء يسّرك وتمتدح هذا التصريح الممنوح.
أيعجبك الرسول لتلطفه؟ حسنًا لا تكف عن إعجابك به، ولكن اقبل أيضًا ما يلي لأن كلا التعليمين لنفس المعلم. فماذا أضاف إذن؟ "وأما المتزوجون فأوصيهم لا أنا بل الرب أن لا تفارق المرأة رجلها، وإن فارقته فلتلبث غير متزوجة أو لتصالح رجلها ولا يترك الرجل امرأته" (1كو 7: 10-11).
_____
(66) إنجاب الأطفال ليس هو الهدف، بل هو أحد أهداف الزواج ولو كان هو الهدف الوحيد لكانت الكنيسة أباحت طلاق الشخص العقيم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-virginity/widow-and-virgin.html
تقصير الرابط:
tak.la/j94xx23