![]() |
1- ولكن هذا ليس الشر الوحيد الذي يستلزم الخوف، فإن عقوبتهم لن تقتصر على مكاسب لم يحرزوها، بل إن هناك شرورًا أخرى أكثر رعبًا تنتظرهم: النار التي لا تُطفأ والدود الذي لا يموت والظلمة الخارجية والأحزان والتأوهات.
وأيضًا نحن نحتاج لآلاف الأفواه ولفضيلة الملائكة حتى نستطيع أن نقدم الشكر الذي يليق بالله لاعتنائه بنا، أو بالحري فحتى هذا غير ممكن. فكيف سيكون؟ لأن الجهد والبذل الذي تتطلبه البتولية متماثل لنا وللهراطقة، بل من المحتمل أن يكون جهدهم المبذول أكثر منا، ولكن ثمار هذه المجهودات ليست متماثلة. فبالنسبة إليهم السلاسل والدموع والتأوهات والعقوبات الأبدية، وبالنسبة لنا سنصير كالملائكة ولنا قناديل مضيئة واكتمال كل الخيرات ومصاحبة العريس الإلهي.
2- ولكن لماذا إذن، نفس الجهود المبذولة ولكن الثمار متضادة؟ هذا هو السبب: الهراطقة اختاروا البتولية ليضادوا الناموس الإلهي، ولكن بالنسبة لنا نحن نتصرف هكذا لكي نخضع لإرادته. لأن الله يريد أن كل البشر يمتنعون عن الزواج، ويشهد لنا (بهذا) من حمل المسيح المتكلم في قلبه قائلًا: "أريد أن يكون جميع الناس كما أنا" (1كو 7: 7)، أي أن يكونوا في العفة(52). ولكن المخلص أراد أن يوفر علينا هذه المشقة، إذ يعلم كم أن الروح نشيط ولكن الجسد ضعيف، فهو أيضًا لم يعط للعفة الصفة الإلزامية كوصية، وإنما ترك الاختيار لنا. فلو كان الرب قد جعلها أمرًا أو قانونًا ملزمًا ما كان للذين يحفظونه أي مكافأة، إنما كانوا سيسمعونه يقول لهم: لقد فعلتم ما كان يجب عليكم أن تفعلوه، والذين تعدوا الأمر ما كانوا يستطيعون نوال الغفران، بل تحمل عقوبة تعدي الوصية. ولكن عندما قال "من يفهم فليفهم" فهو لم يدن من لم يستطع الفهم، ولمن أستطاع الفهم، كشف لهم أهمية وعظمة ذلك الجهاد. لهذا السبب قال بولس الرسول الذي هو أيضًا يتبع خطى السيد: "ليس عندي أمر من الرب ولكنني أعطي رأيًا" (1كو 7: 25).
_____
(52) لقد سبق أن ألمحنا إلى أن الزواج لا يتعارض مع العفة، بل إن بولس الرسول يقول "ليكن الزواج مكرمًا والمضجع غير نجس"، ولذا يمكن القول أن كل بتول عفيف وليس كل عفيف بتول.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-virginity/punishment-of-heretics.html
تقصير الرابط:
tak.la/p2rw9bm