1- لماذا إذن أن نفس أفعال الفضيلة لا تُكافأ بنفس المستوى بيننا وبين رجال العهد القديم؟ ولماذا ينبغي علينا أن نظهر مقدارًا أعظم من الفضيلة إن أردنا أن نُعامل مثلهم؟
لأن نعمة الروح القدس قد انسكبت اليوم بغزارة وغير محدودة، هي هدية مجيء المسيح: كنا رضع فصنع منا رجالًا كاملين.
وهكذا الحال مع أطفالنا: عندما بلغوا سن المراهقة فنحن نتشدد بالأكثر معهم من أجل سلوك طيب، والأعمال التي كنا نستحسنهم عليها قديمًا في طفولتهم الأولى، لم تعد تعجبنا بعد لأنها لا تليق بهم كرجال، ونحن نتطلب منهم سلوكيات أكثر جدية، وهكذا الوضع بالنسبة للطبيعة البشرية: الله لم يطلب منها في الأيام الأولى الأعمال العظيمة للفضيلة، لأنها كانت في طور الطفولة، ولكن عندما سمعت صوت الأنبياء والرسل ولمستها نعمة الروح (القدس) فلذلك صعّد الله من أهمية وعظم الفضائل التي يتطلبها من الطبيعة البشرية، وبالحق فحيث أنه مقدم لنا اليوم مكافآت أسخى وأجمل بكثير وعلامات الظفر بالأكثر كثيرًا وهي لم تعد بعد الأرض وخيراتها بل السماء وخيرات تفوق كل تصور وفهم، ما هو معروض لمن ينجزوا مثل هذه الفضائل العظام.
![]() |
2- ألم يكن شيئًا سخيفًا أن نحتفظ بطور ومستوى الطفولة بعد أن بلغنا سن الرجولة؟ قديمًا كانت الطبيعة البشرية ممزقة داخليًا وضحية لحرب لا هوادة فيها، وقد وصف بولس الرسول هذه الحالة خير وصف هكذا: "ولكنني أرى ناموسًا آخر في أعضائي يحارب ناموس ذهني ويسبيني إلى ناموس الخطية الكائن في أعضائي" (رو 7: 23)، ولكنه لم يعد هكذا الآن "لأن ما كان الناموس عاجزًا عنه في ما كان ضعيفًا بالجسد، فالله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية ولأجل الخطية دان الخطية في الجسد" (رو 8: 3). وكتب بولس الرسول معطيًا الشكر للرب المحسن قائلًا "ويحي أنا الإنسان الشقي، من ينقذني من جسد هذا الموت. أشكر الله بيسوع المسيح ربنا" (رو 7: 24-25).
3- أيضًا هل بالصواب أن نُعاقب لأننا رفضنا أن نتحرر من القيود للجري أيضًا بسرعة أكثر من الناس المحملين برُبط، أو بالحري حتى إن استطعنا أيضًا الجري بسرعة لن نكون بهذا القدر معرضين للعقوبة؟ لأن الذين ينعمون بسلام عميق ينبغي أن يرتدوا علامات ظفر أكثر عظمة وبهاء من الذين انتصروا على أعباء وأثقال الحرب.
إن أردنا أن نتكرس بدون توقف للمال والملذات والنساء والاهتمام بالشئون العامة، فمتى سنصير رجالًا؟ متى نحيا بالروح؟ متى نهتم بما للرب؟ هل عندما نغادر الأرض؟ ولكن حينئذ لن يكون هناك وقت للتجارب أو الحروب بل للأكاليل والعقوبات. وحينئذ لو كانت إحدى العذارى ليس لها زيت في مصباحها فلن تستطيع أن تستعير من الأخريات وستظل خارجًا. والذي سيتقدم بثياب متسخة لن يستطيع الخروج لتغيير ملابسه وسيُلقى به في نار جهنم، وإن طلب مساعدة إبراهيم نفسه، فلن يستطيع أن يفيده بشيء في ذلك الوقت، لأن اليوم العظيم قد وصل وأُعدت منصة الحكم والقاضي جلس على عرشه ولهيب النار يجري في موجات، وفحص أعمالنا بدأ ولم تعد لنا سلطة بعد لنتهرب من أخطائنا، فإن طوعًا أو كرهًا سيتم جرنا للعقوبة التي نستحقها، ولن يوجد أي شخص يستطيع أن يشفع فينا حينئذ، وحتى إن وجد من يملك هذه الثقة والدالة كالرجال العظام نوح وأيوب ودانيال الذين يثيرون إعجابنا ليتشفعوا عن بنيهم وبناتهم، فلن يفيدوهم بشيء (حز 14: 16).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
4- إن عقوبة الخطاة كمكافأة الأبرار ستكون دائمة ليس لها نهاية، والمسيح أعلن ذلك قائلًا إن الحياة أبدية والعقوبة أيضًا أبدية. وبعد أن اقتبل الذين عن يمينه ودان الذين عن يساره، أضاف: "يمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية" (مت 25: 46). وأيضًا فيجب علينا هنا أن نُظهر كل همتنا ونبذل قصارى جهدنا، ويكون من له امرأة كمن ليس له ولنمارس بالحق مع البتولية كل الفضائل الأخرى لكي عند الخروج من هذه الحياة لا نحترق بنحيب ساخن وأنّات الندم غير المجدية.

ملاحظة: النص ليس في أربع ملازم ولكنه عبارة عن 84 فصل قمت بتقسيمهم لأربع ملازم كل ملزمة 21 فصل.
تم الانتهاء من الترجمة بنعمة الرب يوم 25 يناير 1992م والانتهاء من كتابة النص على الكمبيوتر يوم الأربعاء 9 مارس 2005م الموافق نياحة البابا كيرلس السادس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-virginity/acts-of-virtue.html
تقصير الرابط:
tak.la/2df42gh