1- ليت لا شيئًا من كل هذا يعثرك، لا الكاهن الذي في رداءته يتلف عمليًا القطيع بشراسة أكثر من شراسة الذئب، ولا من أحد الذين يمارسون السلطة (الكنسية) عندما يبرهن على قسوته الشديدة. وتذكر أنه حدثت أشياء متعبة أكثر من هذه في عصر الرسل.
2- دعا بولس الرسول من يمارس السلطة (باستبداد) على أنه هو سر الإثم (انظر 2تس 2: 7)، إذ قد أعطى نفسه للشر تحت كل أشكاله، وقد خسف بكل الناس بشره.
لكنه لم يؤذ أبدًا، لا الكنيسة ولا الناس الممتلئين نبلًا، بل جعلهم يتلألأون ببهاء أقوى. إن كهنة اليهود كانوا من الرداءة والضلال الذي جعل السيد المسيح يوصي بالحذر منهم وعدم الإقتداء بهم.
3- يقول المخلص: "على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون. فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه، ولكن حسب أعمالهم لا تعملوا" (مت 23: 2-3).
وبالتأكيد، أي شيء يمكن أن يكون أكثر سوءًا من الكهنة الذين مثالهم يسبب هلاك كل من يقتدي بهم؟ لكن ولو أن المسئولين كانوا آنذاك على هذا المستوى فالذين قد تلألئوا والذين تكللوا لم يعانوا أية خسارة بل حصلوا على مزيد من المجد. فلا ينبغي أن نستشيط غضبًا أمام الأحداث.
في الواقع إن التجارب الآتية من كل جانب، من القريبين ومن الغرباء لها ثقل النير على من كانوا متيقظين.(88)
![]() |
4- لهذا السبب فإن بولس الرسول إذ رأى السحب المنذرة بالأخطار التي تكدست على تلاميذه، وخشى أن يضطربوا منها قال في رسالته: "فأرسلنا تيموثاوس كي لا يتزعزع أحد في هذه الضيقات، فإنكم أنتم تعلمون أننا موضوعون لهذا" (2تس 3: 2-3). وما يريد أن يقوله هو كالآتي:
5- هذه هي حياتنا، فإن الصحبة الطبيعية للحياة الرسولية هي معاناة البلايا الكثيرة. إنه قال "إننا موضوعون لهذا" ماذا يقصد بهذه العبارة؟
كما أن البضائع (عادة) تؤخذ (للسوق) لتُباع، كذلك الحياة الرسولية جُعلت للمعاناة من الإساءات ولسوء المعاملة، وألا يكون لها وقت أبدًا تلتقط فيه أنفاسها أو تستريح.
6- والذين هم متيقظون، ليس فقط لن يعانوا من الأحداث (المؤسفة) أي خسارة وحسب، بل أيضًا سيستفيدوا منها (ربحًا وإكليلًا). لهذا السبب، بعد أن علم بولس الرسول أن أهل تسالونيكي قد تصرفوا بنبل، عبّر عن إعجابه بهم. (وأيضًا أبدى إعجابه) بآخرين غيرهم فقال؛ إن بعد قيوده وسلاسله تجاسروا على إعلان الكلمة بغير خوف (انظر في 1: 14).
7- أخبرني ما الذي حدث في عصر موسى في وسط أمة بربرية؟ ألم يسمح الله للسحرة بأن يظهروا أعاجيبهم؟ ألم يذكر بولس الرسول هذا التاريخ؟ "وكما قاوم ينيّس ويمبريس موسى، كذلك هؤلاء أيضًا يقاومون الحق" (2تي 3: 8). وهكذا لم تقل العثرات أبدًا، ولا قلّ البشر الذين استحقوا الإكليل. تفكر في هذا، وليس في هذا (أي في العثرة) فقط، بل أيضًا في المكسب الذي ينتج عنها.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
8- تفكر أيضًا أنه توجد أسباب أخرى سرية لهذه الأحداث، لأنه لا يمكن أن نعلم كل شيء.
تفكر أن الأحداث ستنقلب فيما بعد بطريقة مشجعة وستكون المعجزة عظيمة جدًا. وكما كانت توجد في عصر (وحياة) يوسف مصاعب في البداية، وعلى مدى وقت طويل بدت الأحداث وكأنها تأخذ خط مغاير للوعد، لكنها بعد ذلك فاقت كل توقع. وفي وقت الصلب لم تكن الأمور تسير بطريقة موافقة، ولم تكن الأعمال تأتي بالثمار المرجوة منها في البداية، بل العثرة هي التي كانت تنتج في البدء، ولم تعط إلا بعض علامات لإثارة الدهشة، ولتقويم من تجاسروا على التصرف بطريقة إجرامية، لكنها في الحال (سريعًا ما) اختفت.
9- إن كان حجاب الهيكل قد تمزق آنذاك، والصخور تشققت، والشمس أظلمت، فهذه الأعاجيب قد تمت لمدة يوم واحد، ومعظم الناس نسيتها. وأيضًا بعد هذا فإن الرسل تم نفيهم وسط مطاردات ومحاربات وفخاخ، ساعين إلى أن لا يلحظهم أحد مختفين خائفين، وأعلنوا الكلمة وهم في هذه الحالة. والشعب اليهودي أظهر سطوته بطرد وملاحقة وجر وتمزيق من قد آمنوا. وفي الحقيقة فإن اليهود كان معهم السلطان، وكانوا كل يوم يطاردون ويلاحقون الرسل.
10- ولماذا الحديث عن الشعب اليهودي والسلطان؟ فإن بولس وهو صانع خيام أمضى كل وقته في الانشغال بالجلود، ومن يا ترى يمكن أن يكون أكثر سذاجة من صانع خيام؟ وهو قد أُصيب بمثل هذا الجنون وجرّ بقسوة رجالًا ونساءً وأودعهم في السجن والذي قد صُلب عاني كل هذا (إذ قال في رؤياه له: شاول، شاول لماذا تضطهدني؟).
لكن أنت تنظر (أيها القارئ) كيف أن الذي كان مضطهدًا قد فاق فيما بعد كل الرسل، وكيف أن سلوكه كان أكثر لمعانًا من الشمس وملأ الأرض كلها.
_____
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/jabw7t3