1- إن كنت تطلب (معرفة) لماذا تمت هذه الأشياء وإن لم تخضع لمقاصد الله العميقة وغير المفحوصة، وإن حصرت هدفك في مجرد التساؤلات المملوءة فضولًا، فإنك ستظل تتساءل في أشياء أخرى كثيرة مثل: لماذا ترك الله الباب مفتوحًا للهرطقات؟ لماذا أوجد إبليس والشياطين والأشرار الذين يسقطون كثيرين؟ بل والأسوأ من هذا لماذا ينبغي أن يأتي ضد المسيح وتكون له القدرة على التضليل حتى إن أمكن أن يضل المختارين كقول السيد المسيح؟
2- يجدر بنا ألا نبحث في هذا كله، وإنما نسلّم لحكمة الله غير المدركة. فالإنسان الشجاع والثابت بقوة في الله، حتى لو هاجت ضده الأمواج واجتاحته العواصف، ليس فقط لن يعاني أية خسارة، بل أيضًا سيصير أكثر قوة.
أما الشخص الضعيف المتخاذل فإنه حتى وإن لم يوجد ما يضايقه فإنه يسقط كثيرًا. وإن أردت معرفة السبب (لترك الله للأشرار) فاسمع ما هو في مقدورنا أن نقوله. هناك دواعي أخرى كثيرة عند الله الذي يدبر بوسائل مختلفة وعجيبة كل ما يختص بنا، وما نعلمه من هذه الدواعي سنعرضه فيما يلي:
 |
3- إن الله يسمح بهذه العثرات لكي لا تقل مكافأة الأبرار، وهذا ما أكده الله في حديثه مع أيوب قائلًا: "هل تظن أنني تصرفت معك هكذا لسبب آخر غير إظهار برّك؟" (أي 40: 8).
4- ويقول بولس الرسول أيضًا: "لأنه لابد أن يكون بينكم بدع أيضًا ليكون المزكون ظاهرين بينكم" (1كو 11: 19). وأنت عندما تسمع الرسول يقول: "إنه لابد أن تكون بدع" فلا تظن أن الرسول يقول هذا على سبيل الأمر أو أنه يقيم قانونًا. كلا، إنما هو يتنبأ بما سيحدث ويشرح مقدمًا أن الناس اليقظين سيجنون من هذا منفعة عظيمة. لأن فضيلة الذين لن يضلوا ستبدو أكثر إشراقًا.
5- علاوة على ذلك، فإن الأشرار قد تُركوا ليتصرفوا بحريتهم لسبب آخر وهو أنه إن لم يظهر ضعفهم لا يمكن حصاد تجديدهم. هكذا خلص بولس واللص والزانية والعشار وكثيرون غيرهم. ولو كانوا خُطفوا من الأرض قبل توبتهم ما كان أحد منهم قد خلص.
أما بالنسبة لمجيء ضد المسيح، فإن بولس الرسول يعطي سببًا آخرًا. ما هو؟
لكي يقطع على اليهود بكل الطرق كل حجة. فما هو عذرهم برفض المسيح وقد كان يجدر بهم أن يؤمنوا به؟ ويقول أيضًا: "لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق -أي المسيح- بل سروا بالإثم، أي ضد المسيح" (انظر 2تس 2: 12). وهكذا قالوا أنهم لم يؤمنوا بالمسيح لأنه قال عن نفسه أنه الله.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
6- "نرجمك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهًا" (يو 10: 33). مع أنهم سمعوه مرارًا يشير إلى أبيه، وأثبت لهم بطرق كثيرة أنه جاء حسب إرادة الآب.
ماذا سيقولون حينما يأتي ضد المسيح الذي يجعل نفسه إلهًا ولا يتكلم عن الآب ويصنع العكس تمامًا؟ هذا ما وبخهم عليه السيد المسيح وأعلنه مقدمًا بقوله: "أنا قد أتيت باسم أبي ولم تقبلوني. إن أتى أحد باسم نفسه فذلك تقبلونه" (يو 5: 43). من أجل هذا سمح بالعثرات.
7- إن تكلمت عن الذين قد تعثروا، فأنا سأظهر لك الذين حصدوا منها مجدًا وسأقول لك نفس الشيء: لا يجوز أن يتسبب إهمال البعض وكسلهم في حرمان الساهرين من الجعالة والإكليل بالنسبة للمتيقظين. فلو لم يُتح لهم هذه الفرص من الحروب لأسئ إليهم!
ليس فقط الذين لم يعثروا هم الذين يستطيعون أن يدينوا من عثر، بل الذين من هذا الفعل (المعُثر) قد نالوا مزيد من المجد والقوة (وهم بشر تحت الآلام مثلهم).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/dk5hh3b
