 |
من بين العدد القليل للأعمال العقيدية والجدلية للقديس يوحنا ذهبي الفم نجد هنا سلسلة من خمس عظات عن "طبيعة الله الفائقة الإدراك"، أُلقيت في إنطاكية حوالي سنة 386- 387م. يهاجم فيها الأنوميين، وهم أكثر الجماعات الآريوسية تطرفًا وكانوا يدّعون أنهم يعرفون الله كما يعرف هو نفسه (عظة 2: 3) وينادون ليس فقط بعدم تساوي طبيعة الله الآب وطبيعة الابن، بل بعدم تشابهما على وجه الإطلاق. ومؤسس هذه الجماعة هو إيتيوس Aetius ولكن معلّمهم الرئيسي هو إنوميوس Eunomius الذي استمدوا اسمهم منه. وذهبي الفم يعنفّهم على غرورهم التجديفي الذي دفعهم إلى حصر الله داخل حدود المنطق البشري، فالله -حسب رأي إنوميوس- خال من كل تركيب، وجوهره ذو بساطة كلية إلى حد أنه محصور في مفهوم واحد، هو أنه غير مولود. فمعرفة الإنسان التامة لمعنى هذا التعبير كافية للإحاطة بكل جوهر الخالق، وبذلك أفرغوا السرمدي من جوهره الإلهي، لذلك يدافع عن طبيعة الله الفائقة الإدراك والفحص التي لا يُقترب منها - ضد الاتجاهات العقلانية التي تنفي عن المسيحية سموها. وفي نفس الوقت يشير إلى المساواة في الجوهر بين الآب والابن.
ورغم أن الفكرة المطروحة هنا قديمة إلا أن جوهرها لا يزال يجدده من ينكرون على الرب يسوع بنوته للآب ومساواته له، فيقحمون عقولهم فيما هو فائق على العقل البشري فينسبون للسيد المسيح بكونه إنسان تأله مع أن الوضع معكوس، إذ هو إله تأنس، وإلى مثل هؤلاء أقول ليتكم تتركون ولو قليلًا تشغيل العقل فيما لا ينفع فيه العقل ولا يجدي ويحاولوا أن يسألوه هو شخصيًا هل صحيح ما يُقال عنك وأنا متيقن أن من يتقدمون إليه بهذا السؤال بنية صافية حتمًا سيجيب على أسئلتهم ويعرفهم من يكون هو... آه ليتهم يقبلون هذا التحدي؟
ملاحظة: تجدر الإشارة إلى أن كل اقتباسات العهد القديم في هذه العظات من الترجمة السبعينية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/xrcykv8
