كم عظيمة هي الوداعة التي تدبر بها حياتنا! اسمعوا يا من تؤمنون، لأي عريس أنتم قادمون؟ لمن أخذ حياتنا التي كانت قبلًا شائبة وزينها بالكرامة والتواضع والوداعة. فما لم تخجل من فعله أميرة آنذاك، الآن لا تحتمل فعله أحقر خادمة.
 |
24- وهكذا رقصت الأميرة وبعد (خطية) الرقص اقترفت خطية أكثر خطورة بكونها أقنعت ذلك الرجل الشهواني أن يعد بقسم أن يعطيها مهما سألت. هل ترون أيضًا أن الحلفان يجعل الناس عديمي الإحساس؟ إذًا مهما سألت (هي) فإنه حلف أن يفي به. ماذا إذن لو كانت سألت رأسك يا هيرودس؟ ماذا لو كانت طلبت كل مملكتك؟ لكنه لم يبال بشيء من هذه الأمور. لقد نصب إبليس مصيدته ودعّمها ومن لحظة النطق بالقسم ألقى أحابيله وبسط شبكته من كل جانب. ثم أضاف هذا الطلب لكي لا يكون مفر من الموقف، فقالت الأميرة "أعطني ههنا على طبق رأس يوحنا المعمدان" (مت 14: 8). إن الطلب كان مشينًا والعطية بلا روح وضارة والقسم كان هو سبب كلاهما.
25- ماذا كان عليه أن يعمل؟ أنتم تذكرون ما قلته. سواء وفينا القسم أو انتهكناه، فالعقاب لنا هو واحد.
هل عليه أن يعطيها رأس النبي؟ العقوبة لا تُطاق. هل عليه أن لا يعطيها إياه؟ سيُتهم بحنث يمينه. هل ترون كيف أن هناك جرف هائل من كلا الجانبين.
26- لقد قالت "أعطني ههنا على طبق رأس يوحنا المعمدان" (مت 14: 8). إن الطلب كان شنيعًا لكنها أقنعته وهو (بدوره) أعطى الأمر أن يُقطع لسان القديس يوحنا. لكنه إلى الآن يتكلم وكل يوم، بل بالحري في كل كنيسة تسمعون يوحنا المعمدان صارخًا في الأناجيل قائلًا: "لا يحل لك أن تكون لك امرأة أخيك زوجة لك" (مر 6: 18؛ مت 14: 4). لقد قطع الرأس لكن لم يقطع الصوت. لقد ألجم اللسان لكنه لم يلجم التهمة الناطق بها.
27- هل ترون ماذا يصنع الحلفان؟ إنه يقطع رؤوس الأنبياء! هل رأيتم الطعم المميت ثم الخراب الذي يجلبه؟ لقد رأيتم الشبكة فلا تسقطوا في حبالها. ينبغي في المستقبل أن تكونوا حريصين ألا يصير الجرح أعمق، ينبغي لكم أن تصمتوا وتحفظوا ألسنتكم بعيدة عن جروح الحنث باليمين. لن تقترفوا أبدًا خطية الحلفان إن تذكرتم هذا. فسواء وفيتم أو انتهكتم القسم فالعقوبة واحدة.
28- أين أولئك الذين يقولون الآن: افترض أنني حلفت بالصدق؟
كيف يكون هذا صدق بينما الوصية قد تم التعدي عليها؟ كيف يكون هذا حق بينما الله نهاك أن تفعل هذا؟ لكن الحقيقة أنك ستمتعض منا مؤخرًا عندما نداوي جروحك ونضمدها، لأن الضمادة مؤلمة.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
29- إن العقوبة لكل من اليمين الكاذبة والصادقة كانت قاسية حتى قبل أن أوجهكم لهذا، والآن أنا لازلت أنصحكم بأنه لم يزل أكثر قسوة.
إن المسيح قال: "لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية. وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم" (يو 15: 22). بالنسبة لكم يمكنني أن أقول هذا أيضًا لأنه لن يكون لكم عذر في تعديكم في المستقبل. إن صادفت المعمودية اليمين الكاذبة والصادقة، وإن صادفت الزنا والدعارة، وإن صادفت ملء الشرور فهي تغسلها كلها باعتناء وتجعل النفس طاهرة تمامًا.
30- ليتكم من الآن تحرصون على طهارة النفس متخلصين من كل شائبة، وليتنا نستطيع المشاركة في دالتكم بصلواتكم، إذ يمكنكم الصلاة في المستقبل لمعلميكم لأنكم مزمعين أن تضيئون بضياء أكثر بهاء من النجوم ذاتها. ليتنا كلنا إذن بصلواتكم نشارك في دالتكم أمام منبر المسيح الذي له مع الآب والروح القدس المجد الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2f72ghz
