St-Takla.org  >   books  >   fr-angelos-almaqary  >   john-chrysostom-baptismal-instructions
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تعاليم للموعوظين: للقديس يوحنا ذهبي الفم - القمص أنجيلوس المقاري

54- تفضيل الخيرات الروحية: مثال إبراهيم

 

7- إن الأبرار نالوا شهرتهم بهذه الطريقة واعتبروا مستحقين لتلك البركات التي لا توصف بسبب هذا، فإن الرب أعلن أن إبراهيم كان بارًا. لقد فاق ضعف طبيعته البشرية واجتهد بكل ذهنه نحو قوة ذاك الذي وعد. لهذا السبب قال الكتاب المقدس "آمن إبراهيم بالله فحسب له برًا" (رو 4: 3). لذلك عندما سمع في البداية الوصية القائلة "اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك" (تك 12: 1) أطاع باجتهاد شديد وفعل ما أُمر به وترك وطنه الذي نصب فيه خيمته (أي مسكنه) وخرج دون أن يعلم أين سيتوقف لكنه كان يفضّل ما يأمر به الرب عما كان واضحًا وسهل القبول. إنه لم يناقش الوصية (هذا الأمر) ولا شغل نفسه بها، بل نظر إلى كرامة ذاك الذي أعطى الوصية وتخطي كل المعوقات البشرية وثبت عينيه على هذا الغرض الوحيد وهو أن لا يترك شيئًا مما أُمر به دون أن يفعله.

 

St-Takla.org Image: Abraham and three men (Genesis 18) - from "Bible Pictures" book, by W. A. Foster, 1897. صورة في موقع الأنبا تكلا: إبراهيم والرجال الثلاثة (التكوين 18) - من كتاب "صور الكتاب المقدس"، و. أ. فوستر، 1897 م.

St-Takla.org Image: Abraham and three men (Genesis 18) - from "Bible Pictures" book, by W. A. Foster, 1897.

صورة في موقع الأنبا تكلا: إبراهيم والرجال الثلاثة (التكوين 18) - من كتاب "صور الكتاب المقدس"، و. أ. فوستر، 1897 م.

8- إن الله لم يعط هذه الوصية من أجل هذا الرجل البار فقط ولا لكي يظهر كم كان إيمانه عظيمًا. لقد فعل هذا لكي ما نباري رئيس الآباء هذا، لأنه عندما رأى الله الدوافع الحسنة عند إبراهيم وأن نور نفسه كان مثل مصباح غير مرئي، قرر أن ينقله إلى كنعان لكيما أولئك الذين لم تزل أرواحهم عمياء بظلمة الجهل والذين هم تائهين في تلك الأرض يقودهم إبراهيم إلى طريق الفضيلة. وبالحق هذا هو الذي حدث، فعن طريق إبراهيم ليس فقط أولئك المقيمين في فلسطين بل أيضًا الذين في مصر أتوا إلى معرفة عناية الله التي كانت مع إبراهيم وعرفوا أيضًا فضيلة هذا الإنسان البار. انظر إلى العظمة المهولة (الهائلة) لنفسه! إن اشتياقه إلى الله أعطاه أجنحة إذ لم يوقف طيرانه عند الأشياء المرئية ولا كرّس نفسه فقط للبذار (المواعيد) التي وُعد بها، بل ثبت أنظاره على ما سيأتي. لأنه عندما وعده الله بأرض عوض أرض وقال له: "اذهب من أرضك إلى الأرض التي أريك" (تك 12: 1) تخلى عن الأشياء المحسوسة واستبدلها بالروحية.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

9- ما قلته ربما يبدو لكم لغزًا، لكن لا تنزعجوا. سأعطيكم المفتاح لكي تفهموا كيف هذا البار -الذي نال وعدًا من الله بالخيرات المادية- قد ثبت أنظاره على الخيرات غير المادية. كيف إذًا سنحصل على معرفة دقيقة بهذا؟ لنسمع إبراهيم نفسه أو بالأحرى فلنسمع الطوباوي بولس معلم المسكونة الذي فهم كل هذه الأمور بوضوح عندما تكلم عن إبراهيم ومعه عن كل الناس الأبرار. عندما أراد أن يذكر ذات يوم قائمة بالناس الأبرار مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب قال "في الإيمان مات هؤلاء أجمعون وهم لم ينالوا المواعيد، بل من بعيد نظروها وصدقوها وأقرّوا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض" (عب 11: 13).

 

10- ماذا تعني بهذا أيها الطوباوي؟ ألم ينالوا ما وُعدوا به؟ ألم يمتلكوا كل فلسطين؟ ألم يصيروا أسياد الأرض؟ فيقول بولس: نعم هم أخذوا كنعان وامتلكوا الأرض لكن بعين الإيمان جعلوا رغبتهم مثبتة على أشياء أخرى. لذلك مضى بولس إلى القول "فإن الذين يقولون مثل هذا يظهرون أنهم يطلبون وطنًا. فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع. لكن الآن يبتغون وطنًا أفضل أي سماويًا" (عب 11: 14-16). هل رأيتم لأي شيء كانوا يشتاقون؟ هل رأيتم أي شيء كانوا يرغبون؟ مع أن الله كان يتحدث عن الأرض ويعدهم بخيرات مادية من كل جانب، فهل ترون كيف أنهم امتدوا وسعوا لوطن سماوي؟ لهذا السبب أضاف بولس قوله "التي صانعها وبارئها الله" (عب 11: 10). هل ترون كيف حفظوا اشتياقهم للخيرات الروحية وجعلوا أمام أذهانهم الأشياء التي لا يمكن أن تُرى بالأعين الجسدية، بل تُدرك بالإيمان.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/books/fr-angelos-almaqary/john-chrysostom-baptismal-instructions/abraham.html

تقصير الرابط:
tak.la/qk24tkc