مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب تاريخ العهد القديم للعلامة ألفريد إدرشيم: الجزء الثاني: الخروج والتيه في البرية - القمص أنجيلوس المقاري

إن الفترة التي تغطيها الأسفار الأساسية الخمس لموسى، هي من عدة أوجه الأكثر أهمية في تاريخ العهد القديم ليس فقط على قدر ما يختص الأمر بإسرائيل، بل الكنيسة في كل الأزمنة. إذ تُفتتح بعد قرون من الصمت وما يبدو أنه نسيان إلهي أثناء عبودية مصر، لكن كبرياء وجبروت فرعون ينكسرا فجأة بسلسلة من المعجزات تصل في قمتها بخلاص إسرائيل وهلاك جيش مصر.

St-Takla.org Image: Alfred Edersheim (1825-1889), Austrian-British theologian, Jewish convert to Christianity and a Biblical scholar - artwork from original photograph. صورة في موقع الأنبا تكلا: ألفريد إدرشيم (1825-1889)، لاهوتي نمساوي بريطاني، وعالم في الكتاب المقدس، كان يهوديًّا تحوَّل للمسيحية - صورة فنية من الصورة الفوتوغرافية الأصلية.

في ليلة الفصح تلك وتحت رش الدم، فإن إسرائيل كأمة قد ولدت من الله، والشعب المفُتدى قد تمت قيادته آنذاك ليتكرس ويتم تدشينه عند الجبل بفرائض ووصايا وأحكام. أخيرًا يُرينا الكتاب الطريقة التي بها تعامل الرب مع شعبه من جهة الحكم والرحمة إلى أن أحضرهم في النهاية بسلام إلى الميراث الموعود به.

في كل هذا نرى ليس فقط تاريخ شعب الله القديم، بل أيضًا رمزًا عظيمًا لفداء الكنيسة وتقديسها.

لا يزال يوجد وجه آخر لها إذ أن هذه الرواية تُظهر أساس الكنيسة في عهد الله وأيضًا مبادئ رئاسة الرب لكل الأوقات. لأنه مهما كان عظيمًا الفرق في التطور، فإن جوهر وصفة عهد النعمة هو على الدوام نفس العهد. العهد القديم والجديد هما بالأساس عهد واحد، ليسا عهدين بل عهد واحد، ينكشف تدريجيًا إلى مليء الكمال، "يسوع المسيح نفسه حجر الزاوية" للمبنى الذي يقوم على أساس الرسل والأنبياء على السواء (أف 2: 20).

لا تزال توجد أهمية أخرى بجانب الأهمية الجوهرية لهذا التاريخ. فلقد حدث وبالأخص مؤخرًا أنه تم سوء تشويه للكتاب بمنتهى الجسارة وأيضًا سوء فهمه كثيرًا أو قراءته على نحو سطحي في الغالب -لا للفهم ولا للمنفعة- حتى بدا مستحبًا (من جانبنا) إخضاع النص لفحص خاص متتبعين الرواية المقدسة من إصحاح إلى إصحاح وتقريبًا من فقرة إلى أخرى.

وبعمل هذا أنا سعيت لعمل دراسة متأنية للنص الأصلي مستعينًا في هذا بأفضل الأدوات النقدية. على قدر درايتي، لم أتجاوز أو أتغاضى عن أية معضلة حقيقية بل ولا تركت أي سؤال معقول مطلوب له إجابة دون أن أعيره أي التفات. لو هذا تضمن مزيد من المعالجة التفصيلية، آمل أنه أيضًا ببركة الله يجعل الكتاب أكثر نفعًا بصورة دائمة.

علاوة على ذلك لقد كان هدفي بمساعدة دراسات ذات صلة وثيقة أن ألقي مزيدًا من الضوء على الرواية بحيث أجعلها حيوية وتصويرية تمكّن القارئ من أن يدرك بنفسه الظروف التي تم فيها حدث ما. لذلك أنا سعيت في أول فصلين لقراءة تاريخ إسرائيل في مصر في ضوء آثارها وكذلك أن أصوّر الحالة السياسية والاجتماعية والدينية للشعب في الفترة السابقة للخروج.

كذلك عند تتبعي لمسيرات التيه لبني إسرائيل حتى إلى الشاطئ الشرقي لنهر الأردن، استفدت من أفضل الأبحاث الجغرافية الحديثة، لكي يمكن للقارئ -إن جاز القول- أن يرى أمامه الطريق الذي تتبعه بني إسرائيل فيعاين المشهد الجميل وكل متعلقاته الأخرى.

إنه يكاد يكون غير مطلوب القول أنه في دراسة هذه الرواية فإن الكتاب المقدس المفتوح ينبغي أن يكون حاضرًا على الدوام. لكن يمكنني أن أذكّر نفسي والآخرين أن الفهم الحقيقي الوحيد لأي فقرة في الكتاب المقدس هو الذي ينقله روح الله إلى قلب الإنسان.

وفي الواقع على طول المدى كان هدفي العظيم ليس إلغاء الاستخدام الدائم للكتاب المقدس ذاته بروح الصلاة، بل بالأحرى أن أقود القارئ إلى تلك الأسفار التي وحدها "قادرة أن تحكّمنا للخلاص بالإيمان الذي في المسيح يسوع" (انظر 2تي 3: 15). 

ألفريد أدرشيم - هينياك بورني موث Heniach Bournemouth.

فبراير 1876م.

مصر وتاريخها والآثار القديمة

تاريخ العهد القديم: ألفريد إدرشيم: 2 كتب القمص أنجيلوس المقاري

الفهرس