تأسيس كنيسة رومية:
أولًا - الأدلة الكتابية على تأسيس بولس لكرسي رومية:
بولس رسول الأمم - مبدأ بولس في الكرازة - صلات بولس بمؤمني رومية - كرازة بولس برومية
إن الكنيسة التي تأسست في مدينة رومية عاصمة العالم الوثني، هي كنيسة أممية وليست يهودية (رو 1: 5، 13). وكان القديس بولس هو رسول الأمم، بينما القديس بطرس هو رسول الختان "إذ رأوا (يعقوب وبطرس ويوحنا) أني أؤتمنت على إنجيل الغرلة (تبشير الوثنيين)، كما بطرس على إنجيل الختان (تبشير اليهود)، أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان" (غل 2: 7-9)... نلاحظ التعبير الذي استخدمه القديس بولس "إذ رأوا أني أؤتمنت"... من الذي إئتمنه؟ الرب نفسه منذ البداية أفرز بولس لهذه المهمة، وقال لحنانيا في دمشق عن بولس عقب اهتدائه مباشرة: "هذا لي إناء مختار ليحمل اسمي أمام الأمم والملوك وبني إسرائيل" (أع 9: 15)... ومرة ثانية يسجل القديس لوقا في سفر الأعمال، أن الرب ظهر لبولس في رؤيا في الهيكل بأورشليم وقال له: "أسرع واخرج عاجلًا من أورشليم... فإني سأرسلك إلى الأمم بعيدًا" (أع 22: 18، 21)...
هذا عن الأمم بوجه عام، أما عن رومية بوجه خاص، فقد أعلن له الرب ذلك في رؤيا بينما كان مقبوضًا عليه، ومودعًا بالمعسكر الروماني في أورشليم... "ثق يا بولس، لأنك كما شهدت بما لي في أورشليم، هكذا ينبغي أن تشهد لي في رومية أيضًا" (أع 23: 11).
ولا حاجة بنا إلى تفنيد الادعاء القائل بأن القديس بطرس -بعماد كرنيليوس قائد المائة الأممي- صار رسولًا للأمم. فهذه كانت حادثة فردية(72) وقعت حوالي سنة 40... ولقد تحدد هذا الاختصاص وتأيد فيما بعد بواسطة مجمع الكنيسة في أورشليم، الأمر الذي أشار إليه بولس في (غل 2: 7-9).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
سار بولس في كرازته على مبدأ واضح، وهو أنه لا يكرز في مكان كرز فيه آخر "كنت محترصًا أن أبشر هكذا، ليس حيث سمي المسيح، لئلا أبني على أساس لآخر"(73) (رو 15: 20)... ومن العجيب أن يذكر بولس هذا المبدأ في رسالته إلى رومية، مما يدل على أن أحد من الرسل لم يذهب إلى تلك المدينة ويبشرها. وكان بولس يشتهي تبشير أهل رومية (رو 1: 11، 15) وذهب إليها بالفعل، واستأجر بيتًا هناك يكرز فيه، ويقبل كل الذين يدخلون إليه لمدة سنتين كاملتين (أع 28: 30)... وهذا دليل أكيد على أن بطرس لم يكن قد ذهب إلى رومية حتى ذلك الوقت، ولم يكن موجودًا بها في تلك الفترة بين سنتي 61، 63.
الأصحاح السادس عشر من رسالة بولس إلى أهل رومية حافل بعدد كبير من أسماء المسيحيين الرومان -يهود وأمميين- يبعث إليهم بولس بتحياته الحارة وتقديره، الأمر الذي يقطع بأن له صلات وثيقة معهم... فمنهم من عمل معه في ميدان الخدمة، ووضع عنقه لأجله. ومنهم من احتمل الأسر معه. ومنهم من تعب كثيرًا لأجله ولأجل خدمة الرب (رو 16: 3-16)... وهو يشرح لهم في هذه الرسالة، كيف أنه كثيرًا ما قصد أن يأتي إليهم لكنه منع، وأنه مشتاق أن يراهم لكي يمنحهم هبة روحية لثباتهم... والرسالة إلى رومية، تُشْعِرنا بأنه -حتى وقت كتابتها سنة 58- لم تكن هناك أية كنيسة مؤسسة من هيئة رسولية في روما. فالرسالة يوجهها بولس إلى "جميع الموجودين في رومية أحباء الله مدعوين قديسين"(74) (رو 1: 7).
لا تحوي أسفار العهد الجديد أية إشارة -ولو من بعيد- لكرازة بطرس في رومية... لكن ثابت أن بولس وصل إلى رومية وأقام كارزًا بها (أع 38: 16، 30، 31)... فبعد ثلاثة أيام من وصوله إلى رومية سنة 61، استدعى وجوه اليهود، وحدثهم عن المسيح رجاء إسرائيل، الذي لأجله كان موثقًا... وجاءت إجابتهم أنهم لا يعرفون شيئًا عن المسيحية، وبالتالي أن أحدًا لم يبشرهم "لكننا نستحسن أن نسمع منك ماذا ترى، لأنه معلوم عندنا من جهة هذا المذهب أنه يقاوم في كل مكان" (أع 28: 20، 22)... كان معنى إجابة اليهود هذه، أنه حتى تلك السنة (سنة 61 م)، لم تكن قد تأسست في روما كنيسة Eccclesia... فأين إذن كانت كرازة بطرس في رومية، لو كان قد ذهب إليها سنة 42 كما يدعي البابويون؟!
أما عن كرازة بولس فيشهد عنها كاتب سفر الأعمال بصراحة "وأقام بولس سنتين كاملتين في بيت استأجره لنفسه. وكان يقبل جميع الذين يدخلون إليه كارزًا بملكوت الله، وإلى جانب جهوده الكرازية في رومية، فقد كتب فيها رسائله إلى أفسس وفيلبي وكولوسي وفليمون.
_____
(72) انظر: البابا شنوده الثالث، مرقس الرسول 32 - 35.
(73) في الترجمة اليسوعية "واعتنيت أن لا أبشر بالإنجيل في موضع دعي فيه اسم المسيح، لئلا أبني على أساس غيري".
(74) Carrington, Vol. 1, pp. 148-150, 170.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/rome-church-paul.html
تقصير الرابط:
tak.la/99gs4mv