مصير اليهود بعد هزيمتهم:
بعد حصار دام خمسة أشهر وقعت المدينة كلها في أيدي الرومان الظافرين. وقد بلغ عدد من لقى حتفه من اليهود مدة الحصار -بحسب رواية يوسيفوس- مليونًا ومائة ألف. منهم أحد عشر ألفًا هلكوا جوعًا. وأُسر منهم سبعة وتسعون ألفًا. بعضهم بيعوا عبيدًا، والبعض أُرسلوا للعمل في المناجم، بينما قُرب البعض كضحايا في حلبات المصارعة في قيصرية وبيروت وأنطاكية وبلاد أخرى. واُحتفظ بأكثرهم قوة بدنية ووجاهة ليسيروا في مواكب النصر في روما، وبينهم أكبر قادة الثورة اليهودية وزعماؤها: سمعان بارجيورا Simon Bar-Giora ويوحنا الذي من جيشالا(81) Gischala.
احتفل فسبسيان وتيطس بالنصر معًا احتفالًا عظيمًا في روما سنة 71م. فركب كل منهما مركبة خاصة متوجًا بأكاليل الغار، ولابسا ثيابًا أرجوانية، بينما امتطى دومتيان صهوة جواد ممتاز. سار الموكب في تؤدة إلى معبد جوبيتر كابيتولينوس Jupiter Capitolinus وسط هتافات الجماهير. وكان يتقدم الموكب جنود في ثياب احتفالية، وسبعمائة أسير يهودي...
وقد حُملت في هذا الموكب بعض صور الآلهة التي يعبدها الرومان، وبعض قطع من أثاث الهيكل اليهودي(82)، وأودعت معبد السلام(83) الذي كان قد بنى منذ وقت قصير... أما كتب الناموس والستائر الأرجوانية الخاصة بالهيكل، فقد احتفظ بها فسبسيان لقصره... كان يوسيفوس أحد شهود هذا الاحتفال الخاص بإذلال أمته، ووصفه لنا دون أن يبدي أي مشاعر لتأثره(84).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
لقد نتج عن فتح فلسطين على يد الرومان، دمار مصالح اليهود وتدهور اقتصادهم... احتفظ الإمبراطور فسبسيان بالأرض كملك خاص له يوزعها على أخصائه. ولقد وصل الشعب اليهودي بعد حروب دامت خمس سنوات إلى حالة من الفقر المدقع... صاروا بلا حاكم منهم، بلا وطن(85). وبلا هيكل(86).
صورة 1: قوس النصر الذي أقامه القائد تيطس بعد قهره اليهود وتخريب أورشليم.
صورة 2: بعض رسوم على قوس تيطس توضح احتفالات النصر بروما وترى بعض الأشياء المأخوذة من هيكل أورشليم ومنها المنارة الذهبية ذات السبعة سرج:
_____
(81) Josephus, Wars of the Jews, 6.9.2-4.
(82) مائدة خبز الوجوه، والمنارة الذهبية ذات السبعة سرج، والأبواق التي كانت تعلن بدء سنة اليوبيل والمجامر وبعض أدراج الناموس.
(83) أحرق هذا المعبد فيما بعد في عهد الإمبراطور كومودس Commodus ولا يعلم ماذا انتهت إليه قطع الأثاث المذكورة.
(84) Josephus, Wars of the Jews, 7.5.5-7.
(85) أعلن اليهود عصيانًا آخر، وقاموا بثورة ثانية في عهد الإمبراطور هدريان في الفترة من 132 إلى 135 م بزعامة مسيح كذاب يدعى باركوكبا Bar-Cocheba, ولكنها لم تؤد إلا إلى دمار أكمل لأورشليم، وتخريب كلي لفلسطين.
(86) يوليانوس الجاحد الإمبراطور البيزنطي (361-363 م) الذي كان مسيحيًا وارتد إلى الوثنية، حاول مقاومة المسيحية عن طريق تكذيب نبوة السيد المسيح بهدم الهيكل وخرابه. فعاون اليهود وعضدهم لإعادة بناء هيكلهم. وفعلًا بدأوا بحفر الأساسات غير أنهم فشلوا إذ حدثت زلزلة ملأت حفر الأساسات ترابًا. كما خرجت كرات نارية من الأساسات منعت عمال البناء من العمل، وأذابت آلات البناء. وهكذا فشل المشروع. روى هذه الرواية المؤرخ الوثني أميانوس Ammianus الذي كان مرافقًا ليوليانوس حتى وقت قتله وهذا المؤرخ هو أوثق مصدر لتاريخ يوليانوس. انظر:
Smith, Dictionary of Christian Biography, Vol. 3, pp. 511-.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/jews-after-romans.html
تقصير الرابط:
tak.la/8mg5dq2