محتويات: (إظهار/إخفاء) |
وصف البناء التنظيم العبادة |
والآن نعرض للمجامع اليهودية التي يتردد ذكرها كثيرًا في أسفار العهد الجديد، وكان لها أثر كبير في تلك الفترة المبكرة من تاريخ الكنيسة، ثم نعرض لبعض الطوائف والمفاهيم اليهودية:
1- المجمع اليهودي(10):
كان هو المركز المحلي لحياة اليهود الدينية والاجتماعية... كان مدرسة ومعبدًا وحارسًا لكل تراثهم. وقد ازدادت أهميته بعد خراب هيكل أورشليم سنة 70م... بدأت المجامع اليهودية تاريخيًا من وقت السبي وعزرا، وإن كان اليهود يحاولون إرجاعها إلى مدارس الأنبياء، بل إلى زمان البطاركة الأولين. وفي العصر الرسولي كان المجمع قد اكتمل نظامه واستخدمه اليهود كقاعدة للتعليم الشعبي...
وكلمة مجمع (Synagogue) ككلمة كنيسة، تعني الشعب والبناء، حيث يجتمع الشعب للعبادة العامة. كان لكل مدينة مهما صغرت مجمع، أو على الأقل مكان للصلاة في منزل خاص أو في الهواء الطلق. وكان المكان يختار عادة قرب نهر أو شاطئ بحر لتسهيل الغسلات الطقسية. وقد صور سفر الأعمال انتشار المجامع اليهودية بقوله: "لأن موسى منذ أجيال قديمة له في كل مدينة من يكرز به، إذ يُقرأ في المجامع كل سبت" (أع 15: 21)...
ووفقًا للتقليد اليهودي، كان يكفي وجود عشرة رجال في مكان ما ليؤسسوا اجتماعًا دينيًا... وإقامة مجمع، كانت تعد عملًا صالحًا يذكر بالخير (لو 7: 5)... هكذا انتشرت المجامع اليهودية في أماكن كثيرة. وكان هناك عديد منها في المدن الكبيرة كالإسكندرية وروما. أما أورشليم وحدها فكان بها نحو أربعمائة مجمعًا للطوائف المختلفة واليونانيين من الأقطار الأخرى (أع 6: 9).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كان عبارة عن بهو فسيح قائم الزوايا، ليس له طراز معماري خاص. أما ترتيباته من الداخل فتشبه إلى حد ما خيمة الاجتماع والهيكل. كانت فيه مقاعد، خُصصت المرتفعة منها للشيوخ والأعضاء الموسرين (مت 23: 6 - يع 2: 2،3) وكان فيه منبر أو ما يشبه المنجلية للقراءة، وتابوت خشبي أو مقصورة لحفظ الكتب المقدسة، وكانت تسمي Copheret أو كرسي الرحمة أو هارون... وهذه تقابل قدس الأقداس في خيمة الاجتماع والهيكل. وكان هناك ضوء مقدس يُحتفظ به مشتعلًا دائمًا، رمزًا للناموس المقدس، ويقابل الضوء الذي كان موجودًا في الهيكل... ويوجد صندوقان للعطاء موضوعان بجوار الباب كما كان الحال في الهيكل، أحدهما لفقراء أورشليم(11)، والآخر للإحسانات المحلية... كانت لا توجد زخارف للتزيين -ما عدا النباتات- لأن الوصية الثانية من الوصايا العشر تُنهي بشدة عن الصورة كشيء وثني. وكان البناء يُقام على أعلى بقعة في المنطقة. ولم يكن مسموحًا لأي منزل أن يتجاوز ارتفاع المجمع. وفي حالة عدم وجود أرض مرتفعة لإقامة المجمع عليها، كان يُثبت عمود خشبي طويل في سقف البناء، لكيما يجعله ظاهرًا.
كان لكل مجمع رئيس(12)، وعدد من الشيوخ Zekenim مساوين له في الرتبة، وقارئ ومترجم. وقد بُدئ في استخدام المترجم عقب العودة من السبي البابلي ليترجم الدروس من العبرية إلى الكلدانية أو الآرامية، أو اليونانية أو اللغات الوطنية الأخرى. كما كان لكل مجمع شخص أو أكثر يُرسَلون في مهام بسيطة تحتاج إلى انتقال، ويُدعَون "مبعوثين" sheliach وقندلفت chazzan أو خادم للخدمات اليدوية البسيطة (لو 4: 20). كما كان يوجد خدام لجمع الصدقات وكانوا يسمون gabae zedaka ومهمتهم جمع الصدقات... وكان المجمع عبارة عن هيئة قضاء دينية، لها السلطة أن تطرد وأن توقع عقوبات على المذنبين، قد تصل إلى الجلد(13)... وكان بكل مجمع عشرة رجال أثرياء يحضرون كل خدماته ويمثلون الشعب. وكان كل مجمع مستقلًا داخليًا، لكنه في نفس الوقت، كان على صلة منتظمة بالمجامع الأخرى.
كانت بسيطة لكنها طويلة، وتتميز بها ثلاثة عناصر: عنصر تعبدي، وعنصر تعليمي، وعنصر طقسي... كما اشتملت على صلوات وأناشيد وقراءات وشرح للأسفار المقدسة وطقس الختان، وغسلات طقسية.
أما الذبائح الدموية فكانت قاصرة على الهيكل بأورشليم، وبطلت بخرابه وهدمه... كانت الصلوات والأناشيد تؤخذ أساسًا من المزامير. وكانت الصلاة الافتتاحية تتألف من بركتين افتتاحيتين، إحداهما قراءة الوصايا العشر، والثانية قراءة بعض أجزاء من أسفار موسى الخمسة(14)... يتلو ذلك الثماني عشرة صلاة والبركات، وكان يتلوها قارئ، ويجاوبه الشعب "آمين"... وهذه إحدى الصلوات:
"امنحنا سلامًا وسعادةً وبركةً ونعمةً ورحمةً، وترأف علينا وعلى شعبك إسرائيل. باركنا كلنا يا أبانا متحدين بنور رضاك. لأنه في نور رضاك أيها الرب إلهنا أنت أعطيتنا ناموس الحياة والرأفة والعدل والبركة والحنو والحياة والسلام. ليتك تبارك شعبك إسرائيل بالسلام".
كان الجزء التعليمي والوعظي من العبادة مؤسسًا على الأسفار اليهودية... كان يُقرأ درس من الناموس وآخر من الأنبياء، ويتبعهما تفسير وعظة باللغة الآرامية الوطنية أو اليونانية. وتُختم الخدمة بالبركة، ويُجاوب الشعب "آمين" وحيث أنه لم يكن هناك ممارسات كهنوتية خارج هيكل أورشليم، لذا كان يُمكن لأي يهودي مُسن أن يقف ويقرأ الدروس ويتقدم الصلاة ويخاطب المجتمعين... وقد انتهز السيد المسيح ورسله فرصة هذا الامتياز الديمقراطي، ليبشروا بالإنجيل الذي فيه تم ما جاء بالناموس والأنبياء(15).
كانت أيام الخدمة العامة هي السبت والاثنين والخميس. وساعات الصلاة هي الثالثة والسادسة والتاسعة بالتوقيت العبري(16)... وكان يفصل بين الرجال والنساء حائط منخفض أو ستار. كان الرجال يجلسون في ناحية والنساء في ناحية أخرى كما هو الحال في كنائسنا اليوم. وكان الناس يتجهون في الصلاة نحو أورشليم.
_____
(10) Schaff, Vol 1, pp. 456 - 460.
(11) لقد نهج القديس بولس نفس هذا النهج حينما كان يجمع من كنائس الأمم صدقات لفقراء أورشليم المسيحيين.
(12) (مر 5: 36،38 - لو 8: 49 - لو 13: 14 - أع 18: 8، 17).
(13) (مت 10: 17 - لو 12: 11 - يو 9: 34 - أع 22: 19).
(14) هي: (تث 6: 4-9 - تث 11: 13-21 - عد 15: 37-41).
(15) (لو 4: 17-20 - يو 18: 20 - أع 13: 5،15، 44 - أع 14: 1 - أع 17: 2-4).
(16) يقابلها التاسعة صباحًا والثانية عشر ظهرًا والثالثة بعد الظهر بتوقيتنا الحالي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/council.html
تقصير الرابط:
tak.la/6k4c3x3