محتويات: (إظهار/إخفاء) |
ما قبل المعمودية طقس المعمودية أوقات العماد وأماكنه عماد الأطفال |
1 - سر المعمودية:
المعمودية سر مقدس به يتمم البشر الحكم الصادر عليهم من الله بالموت نتيجة المعصية الأولى (تك 2: 17). بالمعمودية يموتون مع المسيح ويدفنون معه -لكن في الماء بدلًا من القبر- ويقومون أيضًا معه (رو 6: 3-7، كو2: 12).
المعمودية هي السبيل الذي رسمه الرب لينال المؤمن الخلاص، فلا خلاص بدون معمودية، والإيمان وحده لا يخلص. قال السيد المسيح: "من آمن واعتمد يخلص(132) ومن لم يؤمن يدان" (مر 16:16)... ليس الإيمان هو كل شيء(133). وليست المعمودية مباشرة طقسية كما مارسها اليهود. ولا هي معمودية توبة كمعمودية يوحنا...
المعمودية هي ميلاد ثان روحاني، من الماء والروح(134)، بها نأخذ طبيعة جديدة بالروح القدس، بسر فائق لعقولنا. وبها ننال مغفرة جميع الخطايا الأصلية والفعلية السابقة للمعمودية(135)... هي عملية ختان روحية (كو 2: 11-14)، وتجديد روحي (في 3: 5)، واستنارة روحية(136) (عب 6: 4-6)... المعمودية هي الشرط الأول لعضوية الكنيسة والتمتع بكل بركات العهد الجديد.
كان طالب العماد -قبل عماده- يلقن بعض مبادئ الديانة المسيحية خاصة النواحي الأدبية، وبعض العقائد الإيمانية الأساسية، كالتي تضمنها قانون إيمان الرسل... والتعليم السابق للعماد واضح في كتاب تعاليم الرسل Didache - وهي أقدم ما وصل إلينا عن نظام المعمودية وطقسها وكذا فيما كتبه يوستينوس الشهيد(137)... أما القول بأن العماد كان يتم بمجرد إعلان الشخص لإيمانه كما في حالة يوم الخمسين والخصي الحبشي وشاول الطرسوسي وكرنيليوس وسجان فيلبي... فبالإضافة إلى أنه وضع استثنائي، فقد تم بموجب إعلان إلهي لكل من فيلبس وحنانيا وبطرس(138).
وقد أخذت الكنيسة المسيحية بمبدأ تعليم طالب العماد مبادئ الدين قبل عماده، عن المجمع اليهودي. فقد كان يتحتم على المهتدين ضرورة تعلم أصول الدين بطريقة السؤال والجواب Catechism... وقد التزمت الكنيسة المسيحية بهذا المبدأ، وعمقته أكثر، لتحصن نفسها من صور الوثنية، لتكون كنيسة الله المقدسة(139).
* كان على المُعَمَّد أن يصوم يومًا أو يومين قبل العماد، ويصوم معه الكاهن الذي سَيُعَمِّدهُ، ومن استطاع أن يصوم معه(140).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
* في الفترة المبكرة من تاريخ الكنيسة، كان الأسقف وحده هو الذي يقوم بالعماد. وأقدم ما وصلنا عن ذلك ما ذكره أغناطيوس الشهيد(141)، لكن ما لبث -بعد أن تكاثر عدد المقبلين إلى الإيمان- أن أعطى هذا الحق للقسوس(142).
* كان العماد يتم في "ماء جار" كما تشير إلى ذلك تعاليم الرسل... والتعبير اليوناني هو hudor zon ومعناه الحرفي (الماء المعطى للحياة)... هكذا نفهم التشابه الجميل بين المعمودية والماء الجاري(143). وإن لم يتوفر الماء الجاري كانوا يعمدون في ماء آخر، وإن تعذر العماد في ماء بارد، كانوا يعمدون في ماء دافئ. وفي الأحوال الاستثنائية التي لا يتوفر فيها ماء، أو بسبب المرض مثلًا، كان يصب ماء ثلاثًا على رأس المعمد على اسم الآب والابن والروح القدس(144)... كما كان يُرْسَم بالزيت على جبهة المعمد بعلامة الصليب.
* كان يسبق طقس العماد مباشرةً، جحد الشيطان apotaxis, وإعلان التمسك بالمسيح(143) Suntaxis. كان المعمد -قبل مباشرة سر العماد- يجهر بإيمانه(145)... كان يردد صيغة معينة تتضمن العقائد الإيمانية الأساسية - تلك التي عُرفت فيما بعد باسم قانون إيمان الرسل(146). وقد وردت عن ذلك إشارات متعددة في العهد الجديد(147)... ويقول المؤرخ De Pressense [من المحتمل جدًا أن طالب العماد قبيل عماده مباشرةً، كان يقدم اعتراف قصير بإيمانه، وهو ما أشار إليه بطرس الرسول بعبارة "سؤال ضمير صالح نحو الله"(145)... والجهر بالإيمان شرط أساسي كما يقول القديس بولس في (رو 10: 9).
* بعد ذلك كان طالب العماد يغطس ثلاث مرات في الماء على اسم الثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس... وإتمام العماد بالتغطيس، أمر ثابت تاريخيًا دون أدنى جدال(148).
* كان يصاحب العماد التراتيل، وهي موضوعة بصورة تعبر عن التعاليم المناسبة للعماد والحياة الجديدة في المسيح. ويذكر كثير من العلماء أن رسالة معلمنا بولس إلى أهل أفسس تتضمن جزء من ترنيمة العماد "لذلك يقول، استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح" (أف 5: 14)... نلاحظ مطلع الآية "لذلك يقول"(149)... كما كانوا يرتدون الثياب البيضاء إشارة إلى البراءة والفرح. والإشارات عن هذا الأمر كثيرة جدًا في كتابات الآباء(150).
* لا نعتقد أنه في الفترة المبكرة من تاريخ الكنيسة، كانت قد تحددت مناسبات معينة للعماد، كما حدث فيما بعد، حينما كانوا يعمدون في أعياد القيامة والخمسين والظهور الإلهي (الغطاس)... لكن العماد كان يتم في أي وقت.
* وبالنسبة للمكان أيضًا، لم يشترط مكان معين، حيث أنه لم تكن قد شيدت كنائس ثابتة. كانوا يعمدون في البيوت والسراديب والكهوف، وفي أي مكان... وهكذا اعتمد الخصي الحبشي على جانب الطريق (أع 8: 36-38)، وغالبًا تمت معمودية شاول (بولس الرسول وكرنيليوس وأهل بيته في المنازل التي كانوا فيها)... ويشهد يوستينوس الشهيد بذلك(151).
عماد الأطفال في كنيسة الرسل شيء مؤكد يشهد به التاريخ(152).
ولدينا شهادة قيمة عن ذلك مما ذكره إيريناؤس تلميذ بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول الذي ولد حوالي سنة 130 م.(153). ترتليانوس في القرن الثاني الذي يشهد أن عماد الأطفال... كانت تمارسه الكنيسة في زمانه. والعلامة أوريجينوس(154) -وشهاداته لها قيمتها- يذكر أن عماد الأطفال تقليد رسولي... وكذلك أيضًا من المشابهة بين الختان الذي كان رمزًا للمعمودية، وكان يتم في اليوم الثامن لميلاد الطفل حتى لو وقع في يوم سبت... وهذا واضح من (كو 2:2)، ومن كتابات الآباء الأولين، وفي مقدمتهم يوستينوس الشهيد في حواره مع تريفو اليهودي.
_____
(132) هذه هي الترجمة الدقيقة للآية - يخلص وليس خلص كما في الترجمة البيروتية والبروتستانتية، هكذا في الأصل اليوناني والترجمة القبطية وفي الترجمة القديمة وكل الترجمات.
(133) انظر هذا الموضوع في الفصل الخاص بعقيدة الخلاص بالإيمان والأعمال.
(134) انظر: (يو 3:3، 7، تي 3: 5، يع 1:18، 1بط 1: 3، 4، 23).
(135) (أع 2: 38، 22: 16، 1كو 6: 11، أف 5: 26، تي 3: 5، عب 10:22، 1بط 3: 21).
(136) Justin Martyr, 1 Apol; 61
(137) Didache 7; Justin, 1 Apol; 65
.(138) انظر: (أع 8: 26، 9: 10، 11، 10: 19، 20).
(139) Harnack; The Mission...., p. 391
.(140) Didache; 7.
(141) Smyrn. ، 8.
(142) Apos. Const., 8. 11.
(143) Danielou; Vol. 1, p. 69
.(144) Didache, 7.
(145) De pressense Vol. 1, p. 374; L’Eglise primitive, p. 367.
(146) R. Lumby; The History of the Creeds; pp. 1-111; Documents of the christisn church, pp. 33, 34
.(147) Gore; The Incarnation of the Son of God ; pp. 93, 94
.(148) (أع 8: 38، كو2: 12، رو 6: 4، 1كو 10: 1، 2) - انظر أيضًا:
Didache, Vol. 1, p. 161; De Pressense, Vol. 1, p. 374; Hill, pp. 351-355. Schaff; Vol.1, pp. 468, 469
.(149) Les Premires Chretiens, p. 82. C.F. Liddon; The Divinity of our Lord p. 332.
(150) Dictionary of Christian Biography, Vol. 1, p. 163
.(151) Justin, 1 Apol. 79.
(152) Dictionary of Christian Antiquities, Vol. 1, pp. 565, 566; Danielou p. 161; Schaff, Vol. 1, pp. 469-471
.(153) Against Heresies, 2. 39.
(154) Origen; Hom. 8 on Leviticus, Hom. 19 on St. Luke; Comment. Romans, 5. 16.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-yoannes/apostolic-church/baptism.html
تقصير الرابط:
tak.la/dqd3tsz