11- علمنا عن الآب فهو المسيح المعلم
لقد تجسد ابن الله غير المرئي، وغير المحسوس؛ لنراه في الجسد، فنرى فيه الآب، ونتعرف على الآب والروح القدس، بعد أن تاه البشر عن خالقهم وعبدوا الأوثان، بسبب ارتباطهم بالحسيات.
"فطالما أن فكر البشر قد انحط كلية إلى الأمور الحسيّة، فالكلمة أيضًا تنازل وأخفى نفسه بظهوره في جسد، لكي يجذب البشر إلى نفسه كإنسان، ويوجه إحساساتهم نحوه، ومن ثم إذ يتطلع إليه البشر كإنسان فإنهم بالأعمال التي يعمله، يقتنعون إنه ليس مجرد إنسان بل هو إله أيضًا، وكلمة الإله الحقيقي وحكمته"[122].
إن معرفة الآب هى معرفة خلاصية، لقد خلصنا السيد المسيح، بأن عرفنا بالآب، إذ أظهر لنا نور الآب، وأنعم علينا بمعرفة الروح القدس الحقيقية. (المسيح المعلِّم).
كان التعليم الأساسي، الذي جاء المسيح من أجله، أن يعرّفنا عن الآب.
“وَهَذِهِ هِيَ ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ ٱلْإِلَهَ ٱلْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتَهُ. (يو 17: 3)
«أَنَا أَظْهَرْتُ ٱسْمَكَ لِلنَّاسِ ٱلَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ ٱلْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلَامَكَ. (يو 17: 6)
وَعَرَّفْتُهُمُ ٱسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ، لِيَكُونَ فِيهِمُ ٱلْحُبُّ ٱلَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».” (يو 17: 26)
إنها معرفة خلاصية بالحق.
“إِذْ خَلَعْتُمُ ٱلْإِنْسَانَ ٱلْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ، وَلَبِسْتُمُ ٱلْجَدِيدَ ٱلَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ،” (كو 3: 9-10)
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
يقول القديس أثناسيوس الرسولي: "وأظهر نفسه في جسد لكي نحصل على معرفة الآب غير المنظور"[123]
لذلك نصلي في القداس الغريغوري شاكرين الابن الوحيد" الذي أظهر لنا نور الآب، الذي أنعم علينا بمعرفة الروح القدس الحقيقية."[124]
إنها حقا معرفة خلاصية لأنه “قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ ٱلْمَعْرِفَةِ." (هو 4: 6)
يقول القديس أثناسيوس الرسولي: "قد امتلأت الأرض كلها من معرفة الله، والأمم تركوا ضلال عبادتهم الوثنية ولجأوا إلى إله إبراهيم بواسطة الكلمة، ربنا يسوع المسيح، فواضح إذن -حتى لأشد الناس عنادًا- أن المسيح قد جاء وأنه قد أنار الجميع بنوره، وأعطاهم التعليم الصحيح الإلهي عن أبيه".[125]
"فإن الأرواح الشريرة قد أضلت البشر في القديم منتحلة لنفسها كرامة الله. ولكن عندما ظهر كلمة الله في الجسد، وعرّفنا بأبيه، فحينئذ بَطلت وتبددت خداعات الأرواح الشريرة. وإذ بدأ البشر يحوّلون أنظارهم إلى الإله الحقيقى، كلمة الآب، فإنهم أصبحوا يهجرون الأصنام، وصاروا الآن يعرفون الإله الحقيقي"[126].
“وَنَعْلَمُ أَنَّ ٱبْنَ ٱللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ (الإله)[127] ٱلْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي ٱلْحَقِّ فِي ٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ ٱلْإِلَهُ ٱلْحَقُّ وَٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ. أَيُّهَا ٱلْأَوْلَادُ، ٱحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ ٱلْأَصْنَامِ. آمِينَ.” 1يو 5: 20-21)
ولم يكن تعليم الرب يسوع المسيح، تعليمًا لاهوتيًا، نظريًا، بل كان أيضًا معلمًا يعلمنا بطريقة معاشة، طريق التقوى، فنراه أمامنا نموذجًا مثاليًا نتبع خطواته.
“أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا، وَحَسَنًا تَقُولُونَ، لِأَنِّي أَنَا كَذَلِكَ. فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا ٱلسَّيِّدُ وَٱلْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ، فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ،” (يو 13: 12-14)
“اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لِأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ ٱلْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.” (مت 11: 29)
_____
[123] القديس أثناسيوس الرسولي، تجسد الكلمة 54/ 3.
[124] القداس الغريغوري.
[127] كذا في الترجمة القبطية بالقطماروس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-raphael/you-desired-to-renew-him/christ-teacher.html
تقصير الرابط:
tak.la/8da588q