شعر الشيطان بخيبة أمل كبيرة بتحول موسى من مملكته إلى حظيرة المسيح، أو بالأحرى أن يعود موسى إلى الله الذي خرج منه أولًا، وعندما يترهب شاب تكون رهبنته بالنسبة لإبليس وكأنها تجرّد لقتاله لاسيّما أمام التقليد الكتابي والآبائي بأن الشياطين تسكن في الأماكن المقفرة(1).
وبالتالي وكرد فعل مضاد يتجرّد الشيطان لقتاله، ولذلك فإن الشياطين تحارب في البراري بضراوة مقَارَنة بحربها في المدن.
فما أن بدأ موسى في جهاداته حتى صار الشيطان يظهر له بشكل مرعب وكأنه يطالب بصديقه ومعاونه القديم، واختار أن يحاربه في عفته مدركًا أنه إذا استماله عن طريق الطهارة فلسوف يستعيده بجملته إلى صفوفه، إذ كان موسى خير معين للشيطان فيما سلف!! ولما لجأ القديس إلى أبيه الروحي قال له:
"لا تحزن هكذا وأنت ما زلت في بداية الصعوبات، إن رياح التجارب ستقلق روحك لمدة طويلة فلا تجزع، وأنت إذا ثابرت على الصوم والصلاة والسهر واحتقار أباطيل هذا الدهر، فسوف تنتصر على شهوات الجسد".
هو نفسه ينصح تلاميذه -فيما بعد- قائلًا: "لا تأمن للجسد إذا رأيت نفسك مستريحا من المحاربات في أي وقت من الأوقات، لأنه من شأن الأوجاع أن تثور فجأة بخداع ومخاتلة عسى أن يتوانى الإنسان عن السهر والتحفظ، وحينئذ يهاجم الأعداء النفس الشقية ويختطفونها لذلك يحذرنا ربنا قائلا: "اسهروا".
وسأله أحد الأخوة قائلًا: ”ما فائدة الأصوام والصلوات التي يمارسها الإنسان“؟ فأجاب قائلًا: ”إنها تجعل النفس تتضع أمام الله، لأنه مكتوب: "اُنظر إلى ذلِّي وتعبي واغفر لي جميع خطاياي" (مز25: 18)، لأنه إذا تذلّلت النفس تجد رحمةً من الله“.
وإذا بموسى يندفع بكل قوته مجاهدًا ضد الشر وحروب الفكر، إذ رجع إلى قلايته منفردًا وممارسًا أنواعًا كثيرة من إماتة الجسد، وقيل عنه أنه مارس النسك في البداية بغيرة شديدة، فكان لا يأكل سوى الخبز المبلول مرة واحدة عند الغروب، بالرغم الجهد الشاق الذي كان يبذله رغبة منه في إخماد ثورة جسده الذي كان يتمرد عليه كثيرًا، إذ كان يشعر باشتعال الشهوات داخله في يقظته أو الأحلام التي تقلقه، وكلما أراد محاربتها طاردته تلك الأشباح الدنسة.
ثم ذهب إلى أبيه الأنبا إيسيذورس يشكو من هذا الصراع العنيف قائلًا: ”ماذا أفعل يا أبي؟ إنّ الأحلام الشريرة تزعجني فُتيقظ فيَّ كل الميول النجسة، ولاسيما بالليل حيث تصوِّر أمامي ماضيي الرجسُ وكل ألوان الخطية“! فأجابه الأب: ”هذا يحدث لك لأنك لا تهرب من تصوراتك، فواظب على السهر مع الصلاة الكثيرة والصوم، وكن متيقِّظًا وتحكَّم في حواسك، وثق أنك ستنتصر على الشيطان وتتغلَّب على جسدك الثائر“. فقويت عزيمة القديس وعمل بهذه المشورة إذ ألزم نفسه ألاّ يرقد طوال الليل ولا حتى يثني ركبتيه.
وكان قد مضى إلى البرية الداخلية واتخذ له مغارة حفرها في الصخر على عمق أربعين ذراعًا بالقرب من الماء، واستمر لست سنوات يُتْعِب جسده، لا يتناول إلاّ القليل من الخبز عند الغروب، كما أتعب نفسه كثيرًا في عمل اليد فكان يضفر في اليوم الواحد ثلاثين باعًا، بينما لا يستطيع أحد أن يضفر أكثر من خمسة عشر باعًا في اليوم، هكذا أجهد ذاته حتى يبس جسده وضعف.
واستمر لست سنوات يتعب جسده، كما اتعب نفسه كثيرًا في عمل اليد فكان يضفر في اليوم الواحد ثلاثين باعًا، بينما لا يستطيع أحد أن يضفر أكثر من خمسة عشر باعًا في اليوم، هكذا أجهد ذاته حتى يبس جسده وضعف.
وهكذا مارَس الحياة النسكية بغيرة شديدة، إما لتعطشه الشديد لهذا النبع ولتعويض ما فاته، وإما رغبة منه في شغل وقته وإجهاد جسده حتى لا يتمرد عليه متى كان مستريحًا، وإذا بالحرب تشتد عليه جدًا إلى الحد الذي تصغر نفسه معه، وعندئذ مضى إلى أبيه الروحي يشكو له حاله، وكان القديس إيسيذورس يدرك ما يحدث فقال له: "ينبغي عليك الاعتدال في كل شيء حتى في أعمال الحياة النسكية" وأردف قائلًا:
’كُفّ عن الصراع مع الشياطين لأنه توجد حدود للشجاعة حتى في الجهاد النسكي‘. فقال موسى: ’لن أكفّ قبل أن يكفُّوا عن تخيلاتهم‘. فقال له الشيخ: ’باسم يسوع المسيح قد تلاشت أحلامك، والآن تقدّم إلى التناول بثقة‘. كما قال له: ’بدون قوة الروح القدس التي أعطانا الله إياها في المعمودية لتنفيذ وصاياه، والتي تتجدّد فينا دائمًا بالتناول من الجسد والدم الأقدسين لن نتخلّص من الخطايا ولن نستطيع أن نقهر الشياطين، وبالتالي لن نستطيع أن ننمو في الفضيلة‘. ثم قال له: ’لقد تثقّلتَ بهذه الحروب يا موسى حتى لا تتباهى بأنك غلبتَ أوجاع الشهوات‘“.
”ثم عاد موسى إلى قلايته، وظلّ مواظبًا على التناول والعمل بنصائح أبيه الروحي، وبعد شهرين سأله أبوه عن حاله فعلم منه أنه لمدة شهرين لم يقاسِ من الحروب، وحُسِب أهلًا أن يأخذ سلطانًا على الشياطين حتى إنّ الذباب صار أكثر إزعاجًا له منهم“.
سأل إخوة شيخًا: ”لماذا رغم أنّ الآباء يحثوننا دائمًا على الجهاد لأجل الفضائل والصراع ضد الأوجاع والشياطين، فإنّ أنبا إيسيذورس نصح أنبا موسى الأسود قائلًا: ’كُفّ عن الصراع مع الشياطين لأنه توجد حدود للشجاعة حتى في الجهاد النسكي‘“؟ فأجاب الشيخ: ”لأن موسى كان في البداية يجهل أصول الحياة النسكية، ولأن صحته الجسدية كانت قوية فقد جاهد أكثر من اللازم وظنّ أنه كان يمكنه أن يسود ببطولته على الشياطين بأعماله الكثيرة وحدها وأنه يستطيع أن يبدِّدهم. لذلك لما رأى الشياطين فيه هذا الشعور ظلّت تهاجمه بقسوةٍ أكثر بحروبٍ متتاليةٍ في السرِّ والعلن“.
”ولكن أنبا إيسيذورس أراد أن يرشده إلى الصواب وأن يجعله يكتسب الاتضاع، فقال له: ’بدون قوة الروح القدس..‘ (القول المذكور أعلاه)، فتعلَّم موسى وصارت أفكاره متضعة، وتناول من الأسرار المقدسة، وهُزِمت الشياطين وقلّلت من حروبها ضده، ومنذ ذلك الوقت وجد راحةً وامتلأ معرفةً وسلامًا“.
”إنّ رهبانًا كثيرين قد تصوَّروا أن أوجاعهم تُشفى ونفوسهم تتعافى بواسطة أتعابهم وجهاداتهم وحدها، لذلك هجرتهم النعمة وسقطوا من الحق، لأنه كما أن المريض بالجسد لا يمكنه أن يُشفى بدون طبيب وعقاقير ويكون أكثر تحفُّظًا في أكله أو صومه أثناء فترة العلاج، هكذا أيضًا المريض بأوجاع الخطية فهو بدون المسيح طبيب النفوس وبدون المشاركة في جسده ودمه والقوة الكامنة في وصاياه والاتضاع مثله، لا يمكنه أن يُشفى من أوجاعه ولا ينال شفاءً كاملًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وعلى ذلك فكل مَنْ يحارب الأوجاع والشياطين بوصايا الرب يُشفى من مرض الأوجاع ويكتسب صحةً لنفسه ويُنقَذ من خبث الشياطين“.
وفي حديث له فيما بعد يقول في رسالة أرسلها إلى أنبا "نومين":
أنى أفضل خلاصك بخوف الله قبل كل شيء طالبا أن يجعلك كاملا بمرضاته حتى لا يكون تعبك باطلًا بل يكون مقبولا من الله فتفرح .. لأننا نجد أن إذا ربحت تجارته كثر سروره وكذلك الذي تعلم صناعته إذا ما أتقنها كما ينبغي ازداد فرحه متناسيا التعب الذي أصابه، وذلك لأنه قد أتقن الصنعة التي رغب فيها ومن تزوج امرأة وكانت عفيفة صائنة لنفسها فمن شأنه أن يفرح قلبه. ومن نال شرف الجندية فمن شأنه أن يستهين بالموت في حربه ضد أعداء ملكه وذلك في سبيل مرضاة سيده. وكل واحد من أولئك الناس يفرح إذ ما أدرك الهدف الذي تعب من أجله فإذا كان الأمر هكذا من شئون هذا العالم فكم وكم يكون فرح النفس التي قد بدت في خدمة الله عندما تم خدمتها حسب مرضاة الله؟.
الحق أقول لك إن سرورها يكون عظيم لأنه في ساعة خروجها من الدنيا تلقاها أعمالها وتفرح لها الملائكة إذا أبصروها وقد أقبلت سالمة من سلاطين الظلمة لأن النفس إذا خرجت من جسدها رافقتها الملائكة وحينئذ يلتقي بها أصحاب الظلمة كلهم ويمنعونها عن المسير ملتمسين شيئا لهم فيها. والملائكة وقتئذ ليس من شأنها أن يحاربوا عنها، لكن أعمالها التي عملتها هي التي تحفظها فتستر عنها منهم. فإذا تمت غلبتها بأعمالها تفرح الملائكة حينئذ ويسبحوا الله معها حتى تلاقى الرب بسرور، وفي تلك الساعة تنسى جميع ما انتابها من أتعاب. فسبيلنا أيها الحبيب أن نبذل قصارى جهدنا ونحرص بكل قوتنا في هذا الزمن القصير على أن نصلح أعمالنا وننقيها من كل الشرور عسانا نخلص بنعمة الله من أيدي الشياطين المتحفزين للقائنا إذ إنهم يترصدون لنا ويفتشون أعمالنا أن كان لهم فينا شيء من أعمالهم لأنهم أشرار وليس فيهم رحمة، فطوبى لكل نفس لا يكون لهم فيها مكان فإنها تفرح فرحًا عظيمًا.
+ وقال أيضا: إن كانت الأتعاب لا تقود إلى الصلاة فعمل المصلى باطلًا.
+ وسأله أخ: ما هي المقارنة بين الجهاد والصلاة؟
قال له الشيخ: من يصلي طالبًا العتق من الخطية لا يجوز أن يكون مهملًا، لأن من أخضع مشيئته يقبله الرب.
واحتاج موسى إلى تشجيع كثير وإلى إرشاد روحي مكثف لاسيما في البداية، وبهذا الخصوص فإن المرشد الروحي يكون مثل الطبيب الذي يعرف كيف يشخّص المرض ومن ثم كيف يصف الدواء، ولكن الأمر يحتاج إلى صدق وصراحة وطاعة من المريض ذاته، لذلك يشدد آباء الرهبنة على ضرورة التدقيق في اختيار المرشد الروحي لئلا يقع الشخص في يد مريض بدل طبيب. ويقولون أنه في الإرشاد ليس شرطًا أن يكون المرشد من طال عمره وشاب شعره، بل لمن وهبه الله نعمة مثل هذه التي تحلى بها القديس إيسيذورس..
والعجيب أن الأب إيسيذورس قس الإسقيط يأتي في الترتيب في ليتورجيات الكنيسة بعد القديس موسى، بل إننا نحتفل به في الدير وسط احتفالاتنا بتلميذه القديس موسى، إذ لا يُعرف حتى الآن تاريخ نياحته أو تكريس بيعة له، ولا شك أن ذلك مدعاة لفخر القديس أن يختفي لكي يُكرم ابنه وتلميذه، وأن يكون شاغله الأول هو خلاص نفسه، هكذا تَبَنَّى الكثير من الآباء تلاميذهم وأيقظوا الروح القدس داخلهم واكتشفوا مواهبهم، وَتَبَنُّوها حتى تفوقوا عليهم هم، مثل الأنبا بيجول وتلميذه القديس شنوده رئيس المتوحدين، والأنبا اسحق رئيس دير الأنبا صموئيل وتلاميذه (القديس ميصائيل السائح والأنبا غاليون السائح وغيرهم).
كما لجأ القديس موسى إلى طريقة يُعبّر بها عن محبته للآخرين وبذله لأجلهم ومن جهة أخرى إتعاب جسده، وعوض استخدامه في أذية الآخرين يستثمره في التخفيف عنهم، كان الحصول على الماء أمرًا شاقًا بالنسبة للآباء، إذ يتوجب عليهم السير لمسافات بعيدة تتراوح ما بين ثلاثة إلى ثمانية كيلومترات، وانتهز هو هذه الفرصة ليمر سرًا على قلالي الشيوخ يأخذ جرارهم ليملأها لهم متحملًا في ذلك جهدًا كبيرًا، آملًا أن ذلك أيضًا قد يجعل جسده يتضع فيكف عن التمرد عليه. ولكن الشيطان "عدو الخير" لم يطق هذا الفعل، ففي إحدى المرات ضرب موسى ضربًا موجعًا، ويقال أنه ضربه بعصا غليظة على ظهره، ولم يعرف ما حدث إذ سقط مغشيًا عليه وظل هكذا إلى اليوم التالي حين عثر عليه بعض الإخوة الذين جاءوا ليستقوا ماءً فوجدوه على تلك الحالة السيئة.. وعلم القديس إيسيذورس الذي أمر بحمله إلى الكنيسة حيث استمر يعالجه لمدة تقرب من العام -مما يشبه الانزلاق الغضروفي- قبل أن يستعيد عافيته. وربما اتخذ له منذ ذلك الحين القلاية القريبة من الكنيسة، بعد أن قضى في منطقة "بترا" ست سنوات.
وكما كان عمل المحبة هذا سرًا، فإنه أخفى فضائله، ولما شعر بالكرامة تسعى إليه هرب هو منها كما قال الطوباوي مار اسحق السرياني: [من يسعى إلى الكرامة تهرب منه، ومن هرب منها بمعرفة سعت إليه وأرشدت الناس عنه].
لقد سمع حاكم المنطقة بسيرة موسى الذي كان فيما قبل لصًا وعلم موسى أن الرجل قادم في حاشيته لزيارته، فاختبأ بين أعواد الغاب بعيدًا عن الدير فلما مرَّ الحاكم من قدامه سأله أين يجد موسى الأسود، فسأله وماذا يريد منه فهو رجل عجوز غير مستقيم!! وتحيّر الحاكم من هذا الكلام ولكنه واصل مسيره حتى وصل إلى الدير حيث كان الآباء في انتظاره، وروى لهم ما حدث فاستاءوا وتعجبوا كيف يجرؤ إنسان على وصف الأب العظيم بهذه المذمة، ولما راح يصفه لهم بأنه ضئيل الجسم يرتدي ملابس طويلة وبالية ووجهه أسمر ولحيته بيضاء ونصف رأسه خال من الشعر!! وعندئذ استوعب الآباء الأمر، فقد تقابل الحاكم مع القديس الذي لم يكتفِ بالهروب من المجد الباطل بل ووصف نفسه بهذه المذمة، وهكذا رجع الحاكم متأثرًا جدًا أكثر مما لو وعظه القديس(2).
وكما أخفى فضائله أخفى بالتالي تدبيره الروحي، فعندما أُعلن في الإسقيط عن صوم لمدة أسبوع (بتدبير من شيوخ الإسقيط لأمر ما) زار القديس موسى رهبان من مصر، فصنع لهم طعامًا مطبوخًا، ولما لاحظ البعض ذلك تذمروا لدى كهنة الإسقيط بأن موسى يكسر تدبير الجبل، ولما كان يوم السبت هو اليوم الذي يجتمع فيه الرهبان لمناقشة قضاياهم وتبادل خبراتهم وتمجيد الله، فقد تناقشوا معه في ذلك، فلما تحققوا الأمر أدركوا أنه تمسك بوصية الله عن المحبة، متجاوزًا لبعض الوقت التدبير المؤقت، كما علموا منه أنه لم يأكل معهم، ولا شك أنه كان يعوض ذلك بصوم أشد في وقت لاحق ذلك في حالة اشتراكه هو في الطعام مع ضيوفه.
وقد سأل بعض الإخوة شيخًا بخصوص أنّ القديس صنع طبيخًا وأكرم زائريه مخالفًا للصوم، ثم قال له الكهنة: "حللتَ وصية الناس وثبّتَّ وصية الله". فقال الشيخ: "لعل إنسانًا كان محتاجًا إلى صلاة وصوم، فنادوا في الإسقيط من أجل صوم أسبوع (ورد في بعض المصادر أنه شخص من الإسكندرية). أما السبب في أنّ أنبا موسى حلَّ هذه الوصية فهو أنه لما كان لصًا كان قد عمل شرورًا كثيرة مع الناس، فصار بعد توبته يهتم بقبول الغرباء ويخدمهم، وكان مجتهدًا أكثر من جميع الآباء في هذه الفضيلة لكي يُرضي بها الله. ولما جاء هؤلاء الإخوة في ذلك الأسبوع زاروا آباء آخرين ولم يصنعوا لهم طبيخًا بسبب الصوم، ولما ذهبوا إلى أنبا موسى قبلهم بفرح ونيّحهم، فأكمل ناموسه في قبول الغرباء الذي به يُرضي الله، وفي نفس الوقت لم يأكل معهم ولم يحلّ قانون الصوم. ولما تذمّر بعض الإخوة وقالوا للكهنة وعدوهم أن يلوموا القديس، ولكنهم لما رأوا عظم تدبيره وتعبه وشقاء جسده، وربما أخبرهم الإخوة الغرباء أنه لم يأكل معهم طبيخًا، تعجّبوا من حُسن إفرازه ومجّدوه جدًا. وهؤلاء الكهنة هم رئيس الدير وقسوس الموضع الذين في أيامهم كان ينزل على القربان شبه نسر ولا يراه أحد غير الكهنة](3).
_____
(1) إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد (متى 12: 43) وتقرأ في سيرة القديس أنطونيوس أنه حالما دخل إلى البرية الجوانية، ثارت الشياطين في وجهه قائلة: "اخرج من ههنا لأنه موضعنا" فأنكر عليهم ذلك بقوله: "أنتم لا موضع لكم".
(2) الأوصاف الواردة هنا للقديس هي التقليد المتوارث الذي ألهم الرسامين لتقديم شكل القديس في أيقوناتهم، مثله مثل بورتريهات العديد من الشهداء والقديسين.
(3) عن سيرته في مخطوط الدار البطريركية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-macarious/st-moses/wars.html
تقصير الرابط:
tak.la/pcv6b4r