هل يمكن أن تكون النعمة قد جُهِّزَت قبل الأزمنة الأزلية؟
نعم، لا يوجد ما يمنع أن تكون النعمة قد تم تجهيزها قبل الأزمنة الأزلية "مَعْلُومَةٌ عِنْدَ الرَّبِّ مُنْذُ الأَزَلِ جَمِيعُ أَعْمَالِهِ" (اع15: 18) كما قلنا.
قال أوريجانوس أن الابن منفصل عن الآب في الجوهر، وأنه إله ثانٍ، لكن الآب ولده بالإرادة قبل كل الدهور. وقد تتلمذ أريوس على تعاليم كل من أوريجانوس الإسكندري ولوسيان الأنطاكى فخرج ببدعته. ومن يدخل إلى أعماق الهرطقة الأريوسية سوف يجد أن الأريوسيين لم يكونوا مصممين على أن الابن قد خلق في الزمن، لأنه هو خالق كل الأشياء ومن ضمنها الزمن أيضًا حتى أن مجمع أنطاكيا الأريوسي 341م ذكر أن الابن مولود من الآب قبل كل الدهور،[25] ولكن أريوس كان مصممًا على أن الابن جاء إلى الوجود من العدم بإرادة الآب.. فما كان مصممًا عليه هو أن الآب أوجد الابن بإرادته. من يرجع إلى المراجع التاريخية ويدرسها يجد أن الصراع الأريوسي-الأرثوذكسى منحصر في هذه النقطة وهي: هل الابن جاء بإرادة الآب أم بالطبيعة؟ لأنه حسب الإيمان الأرثوذكسى هو مولود من الآب بالطبيعة لذلك لم تتدخل إرادة الآب إطلاقًا في وجوده وإلا صار مخلوقًا.
وهكذا نكون قد وجدنا مفتاح حل هذه الإشكالية.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كما قلنا إن معلمنا بولس الرسول قال "بمقتضى القصد وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ" (2 تى1: 9). ويقول "حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ" (أف 1: 9). و"القصد" في النص السابق هو الإرادة. بمعنى أن الآب السماوي جهّز في قصده قبل الأزمنة الأزلية كل النعمة التي سوف يمنحها للخليقة من خلال ابنه المحبوب في الزمن لأن التدبير الإلهي غير مستحدث، لذلك فهو أزلى..
_____
[25] N. & P.N. Fathers, series 2, Vol. II, Socrates, Ecclesiatical History, chapter X, p. 39-40.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/theosis-energy-grace/grace.html
تقصير الرابط:
tak.la/tgknj52