لقد سمعنا كثيرًا عن انتحار الأحياء.. ولكن هل من الممكن أن ينتحر الموت..؟!
نعم. لقد انتحر الموت عندما ابتلع الحياة. لأنه ابتلع ما هو ضده.. ابتلع ما هو أقوى منه.. لم يستطع أن يمسكه.. وكان أضعف من أن يحتويه أو أن يحتمله.
ابتلع الموت الحياة، فابتُلع الموت من الحياة.. وانهزم الموت، وضاعت هيبته، وانكسرت شوكته، وضاع سلطانه وانحسرت سطوته، وانقلب كيانه، وتبددت قوته، وغابت غلبته، وافتضحت أكاذيبه، وجردت أجناده وسلاطينه..
قال القديس غريغوريوس عن موت السيد المسيح المحيي على الصليب [ذبح الموت الحياة العادية، ولكن الحياة فوق العادية ذبحته]. أي ذبح الموت حياة السيد المسيح الإنسانية، ولكن حياة الرب الإلهية ذبحته.. وبهذا انتحر الموت.
لماذا يا موت ابتلعت رب الحياة الذي أخفى لاهوته في الناسوتية التي اتحد بها ليحطمك؟
لماذا تجاسرت أن تقترب ممن له مفاتيح الهاوية والموت، ومن بيده مصائر الخلائق؟
لماذا انحمقت ومثل السمكة المغرورة ابتلعت الطُعم وبداخله السلاح الأقوى منك الذي اصطادك؟
وفي قداس القديس يوحنا ذهبي الفم يُقال للسيد المسيح اللحن التالي (عندما انحدرت إلى الموت أيها الحياة الذي لا يموت، حينئذ أمتّ الجحيم ببرق لاهوتك. وعندما أقمت الأموات من تحت الثرى صرخ نحوك جميع القوات السماويين: أيها المسيح الإله معطي الحياة المجد لك).
من هذه العبارات نفهم أن السيد المسيح قد أبرق بنوره في الجحيم فتبددت جحافل قوات الظلمة. وأنه قد نزل إلى الجحيم عن طريق الصليب. بمعنى أنه بقبوله الموت جسديًا على الصليب قد دخل بروحه الإنساني المتحد باللاهوت إلى العالم الآخر.
لقد صار الصليب والحال هكذا مثل منصة الإطلاق التي ينطلق منها صاروخ متعدد الإمكانيات يستطيع أن يخرج خارج نطاق جاذبية الأرض ويصل إلى ما يريد من الكواكب حيث يؤدي مأمورية غير مسبوقة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أو يشبه منصة الإطلاق التي ينطلق من فوقها صاروخٌ يدمّر مركز قيادة العدو فتهرب جيوشه الجرارة مثل الجرذان المرتعدة تلوذ بالفرار ولا تلوي على شيء.
إن يوم الصليب هو يوم هزيمة الشيطان لأن الحق لا ينهزم أبدًا والحب أقوى من الموت لأن فيه كانت الحياة.
لهذا يقول سفر نشيد الأناشيد "المحبة قوية كالموت، الغيرة قاسية كالهاوية، لهيبها لهيب نار لظى الرب. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها" (نش8: 6، 7).
الصليب هو فخرنا.. الصليب هو عوننا.. الصليب هو نصرنا.. الصليب هو رجاؤنا.. الصليب هو عزاؤنا.. الصليب هو مجدنا.. الصليب هو دربنا.. الصليب هو برنا.. الصليب هو صخرنا.. الصليب هو سلاحنا الذي به نغلب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/suicide.html
تقصير الرابط:
tak.la/zzyy3s9