"فلما رأى يسوع أمه، والتلميذ الذي كان يحبه واقفًا. قال لأمه: يا امرأة هوذا ابنك. ثم قال للتلميذ: هوذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته" (يو19: 26، 27).
على قمة الجلجثة.. في موضع الموت.. حيث يتم تنفيذ حكم الإعدام صلبًا، وبلا رحمة.. وقفت الوالدة، بكل ما يحمل قلبها من حب ورقة وحنان ومشاعر الأمومة الصادقة، لتبصر في لوعة شديدة كل مراحل الصلب والعذاب لوحيدها المحبوب مخلّص العالم.
هكذا كان يليق بالملكة أن تقف إلى جوار الملك وهو يملك على الخشبة، وترافقه بمشاعر محبتها الأمينة والوفية في أدق اللحظات.
لعلنا نسرح بخيالنا أمام هذا المشهد ونتذكر كلمات سفر النشيد وهو يقول "اخرجن يا بنات صهيون، وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه، وفي يوم فرح قلبه" (نش3: 11).
إن كانت الأمة اليهودية -كأم- قد توجت السيد المسيح بإكليل من شوك في يوم عرسه، حينما اشترى الكنيسة -كعريس- بدمه على الصليب، إلا أن العذراء مريم.. كأم حقيقية.. بإدراكها لأبعاد الخلاص وبقبولها لتقديم وحيدها نفسه ذبيحة عن حياة العالم، قد توجّته بمشاعر محبتها وهي تقترب من المشهد بكل تسليم، وقد وهبت أمومتها الشخصية لأجل الكنيسة.. فاستحقت أن تصير أمًا للجميع.
وقد أكّد السيد المسيح هذه الحقيقة حينما وهب أمه ليوحنا تلميذه المحبوب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. جاعلًا إياها أمًا للرسل ولجميع المؤمنين والشهداء، وصارت أمًا روحية لكل من يؤمن بيسوع المسيح.. إلى جوار أنها هي العذراء الأم والدة الإله.
الصليب والعذراء ويوحنا واللصين، يعبّر هذا المشهد عن الكنيسة كلها، جانب به أناس خطاة تائبين، والجانب الآخر أناس خطاة غير تائبين، والعذراء الشفيعة المؤتمنة، ويوحنا يرمز إلى كهنة العهد الجديد وخدام الرسل والكارزين والمبشرين الذين يخدمون خدمة المصالحة وقد صارت العذراء أمًا لهم لأن العذراء هي رمز للكنيسة، والكنيسة هي أيضًا رمز للعذراء التي صار بها الخلاص لجنسنا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/mother.html
تقصير الرابط:
tak.la/qaktt5j