إن الحق كجوهر يخص الله وحده، أما الحق كطاقة فهو يُمنح كعطية للمؤمنين بالمسيح "وتعرفون الحق والحق يحرركم" (يو8: 32). وقد دُعي الروح القدس "روح الحق" (يو14: 17، يو15: 26، يو16: 13) لأنه في جوهره هو حق تمامًا مثل الآب والابن، كما أنه يشهد للحق ويخبرنا بجميع الحق ويأخذ مما للحق ويخبرنا.
عن هذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية. ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. كل ما للآب هو لي. لهذا قلت: إنه يأخذ مما لي ويخبركم" (يو16: 13-15).
وقال لهم أيضًا: "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم تعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم" (يو14: 15-17). "وأما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلّمكم كل شيء، ويذّكركم بكل ما قلته لكم" (يو14: 26).
إن الوحي الإلهي هو عطية من الروح القدس. وقد أعلنت الأناجيل المقدسة وباقي أسفار العهد الجديد حقيقة الله الآب باعتباره أنه هو "أبو ربنا يسوع المسيح" (أف1: 3، انظر أف 3: 14، كو1: 3)، وهو مصدر انبثاق الروح القدس "روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" (يو15: 26).
وفي العهد القديم أشار الوحي في بعض المواضع إلى مثل هذه الأمور:
ففي سفر الأمثال وردت إشارة واضحة إلى الله الآب وابنه "من صعد إلى السماوات ونزل؟ من جمع الريح في حفنتيه؟ من صرّ المياه في ثوب؟ من ثبّت جميع أطراف الأرض؟ ما اسمه؟ وما اسم ابنه إن عرفت؟" (أم30: 4).
وفي سفر المزامير وردت إشارة واضحة للروح القدس الحاضر في كل مكان "أين أذهب من روحك؟ ومن وجهك أين أهرب؟ إن صعدت إلى السماوات فأنت هناك، وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح، وسكنت في أقاصي البحر، فهناك أيضًا تهديني يدك وتمسكني يمينك" (مز139: 7-10).
وفي سفر أيوب يتكلم عن الروح القدس الخالق "روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني" (أى33: 4)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. هذا على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر.
ولكننا في العهد الجديد قد أُتيح لنا أن نعرف من هو الآب، ومن هو الابن، ومن هو الروح القدس بصورة واضحة جدًا حسب وعد السيد المسيح.
لقد أبرز هذه الحقيقة في حديثه مع الآب قبل الآلام والصلب مباشرة بقوله: "أنا مجدّتك على الأرض.. أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني.. أيها الآب البار إن العالم لم يعرفك، أما أنا فعرفتك، وهؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني. وعرّفتهم اسمك وسأعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به وأكون أنا فيهم" (يو17: 4، 6، 25، 26).
ففي قول السيد المسيح: "وتعرفون الحق، والحق يحرركم" (يو8: 32) كان يقصد أن نعرف حقيقة الله.. حقيقة أبوته.. وحقيقة محبته، وقداسته، وبغضه للخطية، وطول أناته، وقدرته على كل شيء.. وكل صفاته الجميلة التي تأسرنا وتجعلنا نرفض الخطية ونتحرر من سلطانها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/christ/certitude.html
تقصير الرابط:
tak.la/4qvj6qm