النقطة السادسة: تشابه السؤال مع الحرم الثاني لنسطور
وهذا السؤال الموجه من مرسل الأسئلة يعتبر من أخطر الأسئلة وهو في مضمونه يحمل صيغة الحرم الثاني من نسطور فيتكرر اليوم كلام نسطور... دخل نسطور في فكرة استاتيكية الجوهر الإلهي فقال إن اللاهوت لا ينتقل من مكان لآخر. واستنتج من ذلك أن الناسوت إذا اتحد باللاهوت وهو ساكن فسوف يتجزأ اللاهوت، وأضاف ليكن محرومًا من يجزئ الجوهر الإلهي. ونسطور بذلك وضع أمرين غير صحيحين الأول هو وصفه للجوهر الإلهي بأنه أستاتيكي وليس ديناميكي لأن الحب يتطلب الديناميكية، والثاني أن الجوهر الإلهي مادة قابلة للتجزُّء.
الحرم الثاني لنسطور
Second anathema of Nestorius:
If any one asserts that, at the union of the Logos with the flesh, the divine Essence moved from one place to another; or says that the flesh is capable of receiving the divine nature, and that it has been partially united with the flesh; or ascribes to the flesh, by reason of its reception of God, and extension to the infinite and boundless, and says that God and man are one and the same in nature; let him be anathema.
ترجمة الحرم الثاني لنسطور:
إذا أكد أحد أنه، في اتحاد اللوغوس مع الجسد، تحرك الجوهر الإلهي من مكان لآخر؛ أو قال أن الجسد قابل لاستقبال الطبيعة الإلهية، وأنها اتحدت جزيًا مع الجسد؛ أو نسب للجسد، بسبب قبوله لله، امتدادًا نحو اللانهائي والغير محدود، ويقول أن الله والإنسان لهما نفس الطبيعة الواحدة، فليكن محرومًا.
الرد على نسطور ومَنْ يقولون بقوله- ديناميكية الوجود الإلهي
إن إدعاء نسطور يصور الله وكأنه جوهر مادي ساكن إستاتيكي ليس فيه ديناميكية وكأنه يتجزأ بالاتحاد بين لاهوت الابن وناسوته ولكن الجوهر الإلهي في ديناميكية موجود كله في كل مكان ولا يخلو منه مكان وهو فوق المكان والزمان لا يتأثر ولا يتجزأ باتحاده بالناسوت الذي فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا (انظر كو 2: 9). ولشرح ذلك نعطى مثلًا بالكلمة كتعبير عن الفكر:
حينما تعلن فكرة وتصل إلى عقول السامعين فهي لا تتجزأ ولا تنقص حينما يفهمها البعض. بل الحقيقة هي الحقيقة يستقبلها سامعوها دون أن تنقص.
فمثلًا حينما يُعلن خبر زواج ابن الملك، فهذا الإعلان يستقبله الشعب بالفرح ويستعدون ليوم الزفاف. ولكن هذا الخبر لا يتجزأ بسماع الناس له، بل هو حقيقة تسرى في ربوع المملكة وتعمل عملها في قلوب السامعين. وكلما زادت قوة الإعلان ووسائله كلما اتسع نطاق معرفة الخبر. وهذا لا يمنع تفاوت تأثير الخبر بين شخص وآخر؛ فما يفعله في ابن الملك يختلف عما يفعله في قلوب سائر الشعب. لأن هذا الخبر بالنسبة لابن الملك هو في صميم حياته وكيانه الشخصي. ولكن مع ذلك فالخبر هو هو لا يتجزأ ولا ينقسم بالرغم من تفاوت درجات تأثيره في قلوب وحياة السامعين.
هكذا أيضًا اللاهوت موجود في كل مكان وفي كل زمان وهو فوق المكان والزمان.. ووجوده ديناميكي وليس استاتيكي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. ويتحد اللاهوت الخاص بأقنوم الابن بناسوته المحدود ولكنه لا يتجزأ لسبب هذا الاتحاد لأن الوجود الديناميكي لا يمكن تجزئته.
الله هو الحق والحق لا يتجزأ؛ لأن الحقيقة هي الحقيقة، سواء فهمها البعض أو لم يفهموها. وإذا أراد الحق أن يعلن عن نفسه فليس معنى هذا أنه قد تغير أو تجزأ، فالحق الخفي والحق المعلن هما نفس الحق، ولكنه يعلن عن نفسه بكل وسيلة ممكنة. وبالنسبة للبشر أقوى وسيلة لإعلان الحق هو أن يتجسد لأن تجسيد الحقيقة هو الوضع الذي يحسم كل بطلان يسعى لإنكار وجودها. فإذا تجسدت الحقيقة فليس معنى ذلك أنها قد تجزأت.
كان إعلان الله عن محبته في تجسد ابنه الوحيد الجنس وبذله على الصليب هو تجسيد لحقيقة محبة الله بصورة عملية يفهمها البشر. ولكن هل يعنى ذلك أن محبة الله قد تجزأت؟ وهل محبة الله تنقص بالأخذ منها؟! أو هل تتجزأ حينما تتوزع على الخليقة العاقلة؟!
هكذا أيضًا الجوهر الإلهي لأنه حقيقة راسخة وكينونته لا شك فيها وفوق الزمان والمكان فإنه إذا اتحد بالناسوت فلا يعنى ذلك أنه قد تجزأ.
المشكلة تكمن في عدم فهم ما هو الجوهر الإلهي لأنه لا يمكن الإحاطة به uncircumscript ولا يمكن فهمه incomprehensible كما قال القديس غريغوريوس النزينزي(2) ولكن يكفينا أن نعرف أنه كائن (يهوه) كما قال القديس باسيليوس الكبير(3).
_____
(2)Refusing the concept of God being circumscriptive or comprehensible St. Gregory wrote: "God would be altogether circumscript, if He were even comprehensible in thought: for comprehension is one form of circumscription." (N. & P.N. Fathers, Vol. VII 2nd series, 2nd Theological Oration, Article X, p. 292).
ترجمة النص: "كان يمكن أن يحاط الله بالكلية لو كان في الإمكان حتى أن يدرك بالفكر لأن الإدراك هو صورة من صور الإحاطة".
(3) St. Basil the Great wrote: "So knowledge of the divine essence involves perception of His incomprehensibility, and the object of our worship is not that of which we comprehend the essence, but of which we comprehend that the essence exists" [Letter 234, to Amphilochius, Nicene, 2nd series, VIII:274].
ترجمة النص: "فمعرفة الجوهر الإلهي تتطلب إدراك أنه غير مدرك بالفهم، وموضوع عبادتنا ليس ذاك الذي نفهم جوهره ولكن من نفهم أن جوهره موجود".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/anti-christian-questions/nestorius-ii-anathema.html
تقصير الرابط:
tak.la/555nvt9