سؤال 53: لماذا نجد في كل النسخ أن داود قتل من آرام سبعمائة مركبة وأربعين ألف فارس كما في (سفر صموئيل الثاني 10: 18) بينما نجدهم سبعة آلاف مركبة وأربعين ألف راجل في (سفر أخبار الأيام الأول 19: 18).
هذا السؤال يدخل في التشكيك في الكتاب المقدس بصورة واضحة..
أولًا يجب أن يكون هناك تدقيق في الاقتباسات المأخوذة من نصوصنا. أنا لا أنكر أننا لا نتكل على النص العربي للكتاب المقدس لأن الكتاب المقدس لم يكتب باللغة العربية بل كتب العهد القديم بالعبرية والآرامية والعهد الجديد باليونانية. فأي مناقشة في الكتاب المقدس مرجعنا هو الأصل الذي كتب به الكتاب المقدس. هذه ملحوظة عامة وليست خاصة بهذه الفقرة فقط. يجب أن يكون لدينا هذا المفهوم دائمًا إذا تمت مناقشة كلمة أو عبارة بالتحديد. ليس لأننا نقول أن اللغة هي أساس الوحي. لا، بل أقصد أن المعنى الحقيقي الذي قصده الكاتب يظهر في اللغة الأصلية التي كتب بها بأكثر وضوح.
لكننا لا نرفض ترجمة الكتاب، لأن موهبة الألسنة كانت موجودة في العصر الرسولي. وكان الرسل يبشرون بلغات أخرى غير التي كتب بها الكتاب. ففي يوم الخمسين كانت هناك 14 لغة نطق بها الآباء الرسل من ضمنها اللغة العربية (انظر أع 2: 11)، فلسنا ضد اللغة العربية. لكن حينما أقرأ الكتاب المقدس باللغة العربية فإن وجدت جزء غير واضح على أن أرجع إلى النص العبري والآرامي أو اليوناني. ليس لأن اللغة العربية مرفوضة إطلاقًا لكن لأن هذا الجزء لم يكتب بالعربية، بل هو مترجم بواسطة فان دايك (الذي ترجم النص الذي بين أيدينا)، أو بعض السريان في القرون الوسطى الذين قاموا بترجمة الترجمة العربية الأولى للكتاب المقدس.
هذه الترجمات تختلف عن الترجمات الفورية التي كانت تستخدم في العصر الرسولي بالروح القدس. فهذه إذا قيلت تكون صحيحة تمامًا، وأيضًا الترجمة القبطية التي عملت في القرن الثالث الميلادي، وكان تلاميذ الرسل وقتئذ لازالوا يتناقلون الأخبار السارة.
حل القضية التي أثيرت في هذا السؤال هو في كلمة واحدة فقط. إن المشكلة التي يثيرها السائل هي أنه ذكر في سفر صموئيل أن داود قتل سبعمائة مركبة وفي سفر أخبار الأيام الأول سبعة آلاف مركبة. البعض يستسهلون ويقولون أنه صفر كتب خطأ بواسطة الناسخ، وهذا وارد، لكن ليس هذا ما سأقوله أنا، لأن الكتبة اليهود كانوا يعدّون الأحرف ويتأكدون من صحة النسخ، وكانت كل نسخة تراجع أكثر من مرة، والنسخة التي يكتشفون بها ثلاث أخطاء كان يتم إعدامها. وكان الكتبة يغيرون الريشة عند كتابة اسم الله "يهوه"، وكان يكتبه يهوه ويقرأه أدوناي. ما أريد أو أقوله أن كتابة الأسفار المقدس كانت في منتهى الدقة. فلن أقول أنه خطأ في النسخ.
وهنا أسأل هل يقتل أحد مركبة أم أنه يقتل مَنْ بالمركبة؟ المركبة الحربية كان بها اثنين من الخيل وهي مثل الدبابة مثلًا في وقتنا الحاضر. فالمركبة كان بها طاقم من العسكر: اثنين في الأمام يمسكون بالخيل ثم باقي العسكر على الجانبين، فهي مركبات مدججة. أما الأربعين ألف فارس فالفارس الواحد يركب فرس واحد.
وحينما تقرأون الأسفار المذكورة تجدوا أن شعب إسرائيل استأجروا مركبات، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ففي سفر أخبار الأيام كتب "فَاسْتَأْجَرُوا لأَنْفُسِهِمِ اثْنَيْنِ وَثَلاَثِينَ أَلْفَ مَرْكَبَةٍ" (1 أي 19: 7). وقد ذكر ذلك في نفس الجزء الذي ذكر فيه أنهم قتلوا سبعة آلاف مركبة. أين الساحة التي تستوعب 32 ألف مركبة؟
المقصود هنا بالمركبة أنها عشر جنود لأن كل مركبة كان عليها عشرة جنود. فحينما يذكر قتل سبعة آلاف مركبة يعنى سبعة آلاف راكب مركبة، هذا لقب الجندي الراكب هذه المركبات. ولا يقتل أحد المركبة طبعًا، لكنه قتل جنود راكبي المركبة. ولذلك كل الموضوع هو أنه في سفر صموئيل الثاني ذكر أنهم سبعمائة مركبة: اثنين يسوقون الخيل وأربعة على كل جانب من جوانب المركبة حاملين سهامًا يضربون بها الجوانب وإلى الأمام وإلى الخلف. أي أنهم يحرسون المركبة من الأربعة الاتجاهات، فحينما يقتل العشرة هذا يعنى أنه قتل عشر مركبات. فأحد الأسفار ذكر عدد المركبات نفسها والآخر ذكر عدد الراكبين هذا هو كل الموضوع، وليس هناك أي اختلاف بين الأسفار أو أي خطأ في النساخة.
كما أن كلمة راجل تعنى المشاة. ثم كتب "وَقَتَلَ دَاوُدُ مِنْ أَرَامَ سَبْعَةَ آلاَفِ مَرْكَبَةٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ رَاجِلٍ" طبعًا داود لم يقتل بنفسه بل جيشه بقيادة يوآب هو الذي قام بالقتل.
إننا نهاجم أبونا زكريا بطرس ونقول أنه لا يليق أن يهاجم القرآن بأسلوب خارج عن اللياقة المسيحية، فلماذا يهاجموننا ويهاجمون كتابنا؟!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bishoy/anti-christian-questions/david.html
تقصير الرابط:
tak.la/pndavc9