منذ بداية الرهبنة وفي عهد البابا أثناسيوس الرسولی توطدت العلاقة بين الآباء الرهبان وبطاركة الكرسي الإسكندری من ناحية. كما شارك في العمل الكنسي الرعوي من ناحية أخرى، مما كان له التأثير على الحياة الكنسية في الرعاية والإدارة والتعليم وحفظ الإيمان ومقاومة الهراطقة والمبتدعين...
فنذكر الأنبا أنطونيوس الذي ترك وحدته ومغارته وذهب إلى مدينة الإسكندرية مرتين: الأولى ليشجع المؤمنين على الثبات في الإيمان أمام الإضطهاد الروماني، وقبول الإستشهاد بفرح... والثانية لكي يساند البابا أثناسيوس الرسولي ضد الأريوسية مؤكدا أن إيمانه الأرثوذكسي هو إيمان أثناسيوس... وكم من مرات إلتجأ البابا أثناسيوس إلى البراري ليسكن فيها هربًا من إضطهاد الأباطرة المناصرين للأريوسية. ومن هناك يدير دفة الكنيسة ويكتب الرسائل ويؤلف الكتب اللاهوتية في حفظ الإيمان...
وكذلك إستعان البابا ثيؤفيلس 23 (385-412) بالأنبا مقاريوس الكبير أب شيهيت (السيرة هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت) في التصدي للهرطقات والتعاليم المنحرفة، وبالمثل البابا كيرلس الكبير 24 (412- 444) الذي ضم الأنبا شنوده رئيس المتوحدين ضمن الوفد القبطى في مجمع أفسس المسكونی 431 المقاومة هرطقة نسطور.
وأيضا نذكر إستقبال رهبان دير الأنبا مقاريوس بوادى النطرون للاباء البطاركة في العصور الوسطى لقضاء فترات طويلة خصوصًا في أيام الصوم الكبير وأسبوع الآلام للصلاة والخلوة أو للدراسة والبحث.
كما نجد دير الأنبا مقاريوس يدعم إرتباطه وصلاته بالآباء البطاركة، حيث يذكر التاريخ أن البابا خائيل الثاني 53 (851-849) هو أول بطريرك يدفن في الدير حيث توفي أثناء وجوده هناك، وبعد ذلك صار تقليدًا متبعًا أن يدفن الآباء البطاركة في البرية بل حتى بعض البطاركة الذين توفوا منذ زمن قد نقلوا إلى هذا الدير مثل نقل جسد البابا تيموثاوس الثانی 32 (536-518). كما نجد في تاريخ البطاركة بعد البابا شنوده الثانی 65 (1046-1032) يظهر بوضوح أن حق إنتخاب البطاركة في ذلك الوقت كان يشترك فيه رهبان دير الأنبا مقاريوس وكان قمص شيهيت الذي هو رئيس الدير يوقع على التزكية نيابة عن جميع الرهبان...
أما مسئولية الرعاية الكنسية التي تخص الآباء البطاركة والأساقفة في كل الكرازة المرقسية بمصر والخارج، فقد شاركت فيه الرهبنة بآبائها المختارين لهذا المركز الكنسي الخطير... فنجد البابا أثناسيوس الرسولي 20 (ق 4) هو أول بطريرك يختار أساقفة الكنيسة من الآباء الرهبان ومن أغلب الأديرة القبطية، وصار هذا تقليدا إلى يومنا هذا في حفظ هذا الحق للرهبان. ومن ثم أصبحوا يشكلون المجمع المقدس للكنيسة القبطية والذي يقود العمل الرعوي ويضع النظم والسياسات والقوانين التي تدبر الخدمة الكنسية.
ومن تاريخ البطاركة البابا كيرلس الكبير 24 (ق5) هو أول بطريرك يختار من الآباء الرهبان. ومنذ ذلك الوقت حافظت الكنيسة على هذا الإختيار لرئاسة الكنيسة من رهبان الأديرة القبطية إلى البابا شنوده الثالث ولم يستثنى من هذه القاعدة إلا خمسة وعشرين بطريركًا أختيروا من الآباء الكهنة المتبتلين أو الشمامسة العلمانيين المتبتلين...
من ناحية أخرى يشترك الآباء الرهبان (سواء من نال درجة الأسقفية أو القمصية) في العديد من أنشطة العمل الكنسي والرعوى سواء داخل مصر أو خارجها وفي كافة المجالات فمثلًا:
1- يستعين قداسة البابا البطريرك ببعض الرهبان في سكرتاريته الخاصة لتعمل معه في تنظيم العمل داخل المقر البابوی من ترتيبات وإستقبالات ومواعيد وأعمال السكرتارية من حفظ وأرشيف وبيانات... إلخ.
2- إسناد الآباء الأساقفة في الإيبارشيات لبعض الرهبان مسئولية وكالة المطرانية أو الإشراف على الأعمال الإدارية والتنظيمية إلى جانب الخدمة الرعوية الكهنوتية.
3- تکليف بعض الرهبان بالإهتمام بالمكتبات القبطية أو الإشراف على بيوت الضيافة أو بعض المراكز القبطية في الخارج.
4- الخدمة الكهنوتية لبعض الرهبان في الكنائس بمصر أو في رعاية الأقباط في أوروبا وأمريكا واستراليا وإفريقيا وبعض الدول العربية.
5 - إسناد مهمة الإشراف لبعض الرهبان على الأديرة القديمة والأثرية لتعميرها وعودة الخدمة بها وتحت إشراف قداسة البابا مباشرة.
6- إسناد مهمة الإشراف على الأديرة القبطية في بلاد المهجر مثل استراليا وإيطاليا وأمريكا وأيضا تحت الإشراف المباشر لقداسة البابا.
7- مشاركة بعض الرهبان في التدريس بالكليات اللاهوتية في مصر في العلوم الدينية والدراسات الكنسية المتخصصة...
8- إرسال بعض الرهبان إلى البعثات العلمية في أوروبا وأمريكا سواء اللاهوتية منها أو الأثرية أو الفنية أو الآبائية وهناك العديد منهم نالوا شهادات الدكتوراه مثل نيافة الأنبا باسيليوس مطران القدس السابق الذي نال أجازته من جامعة تسالونيکی باليونان والأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي من جامعة مانشستر بإنجلترا.
9- الرسالة التي يقوم بها الرهبان (أساقفة وكهنة في التعليم الديني، حيث يقومون بشرح وتفسير الكتاب المقدس مع حقائق الحياة المسيحية وأبعادها الروحية والإيمانية للشعب القبطي سواء بالوعظ والتعليم المباشر أو بتأليف الكتب وكتابة المقالات وهم يعتمدون في ذلك على ثقافتهم وعلمهم وروحانيتهم في قراءة تعاليم الآباء الأولين وإبرازها والتبصر ما فيها من مفاهيم ومبادئ ومناهج لحياة الناس اليومية ولعل أوضح مثال على ذلك شخصية قداسة البابا شنوده الثالث التعليمية فهو الراهب والأب المعلم والذي له التأثير الواضح والقوي في كافة التفسيرات والتأملات الوعظية التعليمية التي تمس واقع حياة الناس،... ومن ثم يعتمد الكثيرون على تعاليمه وكتاباته وأقواله فيما يكتبون أو يعظون أو يعلمون.
10- خدمة بعض الرهبان في أعمال الأسقفيات العامة، ففي أسقفية الخدمات العامة والإجتماعية شارك الرهبان الذين عملوا بها في الإشراف والمتابعة على برامج التنمية، والزيارات الميدانية في القاهرة والإسكندرية والمحافظات لفصول مراكز تنمية الفتاة أو التدريب المهني أو مكافحة الأمية أو خدمة الحضانات أو الأسرة فضلا عن المشاركة في الندوات والمؤتمرات الدورات التدريبية التي تعقد بها. وكان ذلك تحت إشراف نيافة الأنبا سرابيون أسقف الخدمات السابق (حاليًا أسقف لوس أنجلوس بأمريكا). أما في أسقفية الشباب وتحت إشراف نيافة الأنبا موسى أسقف الشباب يقوم الرهبان بخدمة الشباب ورعايتهم والمشاركة في المؤتمرات واللقاءات والمهرجانات الشبابية وأيضا إلقاء المحاضرات في إجتماعات الشباب أو مراكز التدريب إلى جانب المساهمة بالمقالات في مجلة الشباب الكنسي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/amir-nasr/monasticism/clerical.html
تقصير الرابط:
tak.la/8r4zj6j